تتجه التوّقعات والمؤشرات الميدانية التي تسبق موعد الانتخابات التشريعية ليوم 12 جوان، الى هيمنة قوائم الأحرار على ممثلي الهياكل الحزبية التقليدية التي بدأت تتآكل بفعل الزمن والفراغ ومتغيرات الساحة السياسية، بعد تصاعد نجم الشباب الجامعي، مستغلين الظرف الحالي بانقطاع وصال الأحزاب مع شريحة واسعة من المجتمع أو ما يعرف بأزمة «الثقة»، ومزايا القانون الانتخابي الجديد الذي فتح الكثير من النوافذ من حيث دوافع المشاركة ومزايا المرافقة.
وصل عدد القوائم الانتخابية المودعة لدى المندوبية الولائية للسلطة المستقلة للانتخابات، بولاية بومرداس إلى 60 قائمة قبل أيام من غلق فترة إيداع الترشيحات، المقررة يوم 22 أفريل الجاري، لكن اللافت في المؤشرات المستجدة ليس العدد الهائل للقوائم التي أبدت نية الترشح في انتظار دراسة وتقييم استمارات اكتتاب التوقيعات، لكن قوة حضور المترشحين الأحرار الذين تقدموا بـ 30 قائمة ترشح وإبداء نية التمثيل لفئات واسعة من المجتمع في سابقة جديدة بعدما سيطرت قوائم الأحزاب التقليدية لمثل هذه الاستحقاقات لعقود طويلة وخاصة الانتخابات التشريعية.
المعطيات الأوّلية التي واكبت عملية الترشيحات وما أحدثته من تغيير لموازين القوى بين الراغبين في المشاركة، أحدث ارتباكا إن لم نقل صدمة في أركان الأحزاب الكلاسيكية بعد سنوات من احتكار المشهد الانتخابي على الأقل في هذا المستوى النيابي والمقصود هنا الانتخابات التشريعية التي كان فيها حضور المترشحين الأحرار يمثل نسبة ضعيفة وشبه منعدمة بالنسبة لفئة الشباب.
هي متغيرات ربطها المتابعون للشأن السياسي المحلي ومترشحين محتملين تحدثوا لـ»الشعب» «بجملة من المؤشرات الايجابية التي حملتها التعديلات التي مسّت قانون الانتخابات بفتح المجال واسعا أمام الشباب والإطارات الجامعية للترشح، وتقديم تسهيلات مادية أخرى تقنية فيما تعلق بالملصقات الاشهارية وفتح قاعات وفضاءات العروض مجانية لتنشيط الحملة الانتخابية وعرض البرنامج الانتخابي، الى جانب الضمانات المتعلقة بالنزاهة والشفافية ومحاربة مصادر التمويل والمال الفاسد من باب أخلقة العمل السياسي بما يخدم المجتمع».
بعيدا عن المزايا الصريحة التي حملها قانون الانتخابات الذي فتح مجال المشاركة للشباب الجامعي التي شكلت مرتكز العملية الانتخابية الجديدة ومؤشر ضمانات تعهدت بها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تشكل المتغيرات الصامتة والتحوّلات الجديدة في المشهد السياسي والاجتماعي عنصرا أساسيا وتغير في الأدوار بأفول نجم الأحزاب السياسية المهيكلة إداريا التي تأخرت في الكثير من المواعيد الهامة، تاركة الساحة المحلية لهيئات مجتمعية ممثلة في فعاليات المجتمع المدني التي استثمرت جيدا في مختلف الأزمات ومنها جائحة كورونا، حيث كانت قريبة جدا من المواطن عن طريق الفعل التضامني، فيما فضّلت الأحزاب ونوابها في المجالس المنتخبة التواري عن الأنظار والتطبيق الصارم للحجر الصّحي في وقت كان فيه المواطن يبحث عن قشّة تُنجيه من الغرق.
كما تشكّل الحصيلة السلبية لنواب المجلس الشعبي الوطني عن ولاية بومرداس، تركة سلبية بنى عليها المترشحون الجدد رهاناتهم الانتخابية لإثبات الحجة على ضعف التمثيل بهدف استمالة الناخبين، في انتظار البدائل والبرامج المتنافسة التي تبقى وحدها قادرة على صنع الفارق في الأخير.