يدخل التّيار الإسلامي إلى انتخابات 12 جوان القادم مشتتا، حيث فضّلت كل تشكيلة سياسية محسوبة عليه، أن تخوض التجربة بعيدا عن التحالفات التي عرفها الإسلاميون، خلال العهدتين الماضيتين للمجلس الشعبي الوطني، وهذا لعدّة أسباب فرضها التوّجه الانتخابي الجديد وأسباب أخرى شتتت الأخير.
كانت للتجربتين السياسيتين، خلال تشريعيات سنتي 2012 و2017، بالغ الأثر على التيار الإسلامي في الجزائر، حيث يعتبرها العديد من المنضوين تحت لوائه تجارب فاشلة، لم ترق إلى الطموحات المسطّرة في استكمال التحالف والذهاب به بعيدا عن المناسبات الانتخابية، فيما يرى نفر آخر أن طبيعة النظام الانتخابي الحالي لا تقتضي الدخول في تحالفات، حيث أزال رأس القائمة، كما أن الأحزاب التي تنتمي الى هذا التيار تعرف جيدا أن الانتخابات المقبلة لم تعد الفرصة فيها كبيرة للتشكيلات السياسية، حيث اكتسح المستقلون «اللّعبة السياسية»، في ظلّ وجود نفور الشعب من الأحزاب التي يعتبرونها جزءا من النظام السابق.
وبحسب ما يفيد به القيادي في حزب جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، في حديثه مع «الشّعب»، فإنه «لا يوجد تحالف بين أبناء التيار الإسلامي لهذه التشريعيات، حيث لم تطرح الفكرة من الأساس، موضحا «نحن في جبهة العدالة خضنا تجارب فاشلة من قبل، حيث كانت مجرد تحالفات اندماجية سياسية، حوّلها البعض إلى مجرد تحالفات انتخابية، انتهت مباشرة بعد الانتخابات، بينما كان من المفروض أن تتواصل».
وأضاف بن خلاف، قائلا، إن «التجارب السابقة كشفت لنا أن الجميع يريد أن يجعل من التحالفات مناسباتية خلال الانتخابات فقط، مفيدا « هذا النمط من التحالفات لا نحبذه ولا نريد أن نعيده مرة أخرى، ولهذا بدأنا العمل منفردين، كما يجب أن تعلموا أن القضية لم تطرح هذه المرة، حيث لم نتلق عروضا».
وحول سؤال متعلق باحتمال إجراء تحالفات بعد نتائج الانتخابات المقبلة، قال بن خلاف: «يمكن أن تكون هناك تحالفات من أجل تشكيل حكومة، وهي قضية تُدرس في وقتها المحدّد.
من جانبه، يرى القيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، في اتصال مع «الشعب» أن هذه التشريعيات لم تعرف تحالفات بين كل الأحزاب على مختلف تياراتها وانتماءاتها، موضحا أن ما حدث، خلال تجارب انتخابية سابقة هي مجرد اجتهادات تقديرية.
أضاف ممثل حمس أنه «لكل انتخابات ظروفها وملابساتها وتجربتها أيضا، وأن الحركة لم تتحالف إلا سنة 2012 مع كل من «النهضة» و»الإصلاح الوطني»، ولكن بعد ذلك قرّرت الحركة ولوج الانتخابات منفردة سواء كانت المحلية أو التشريعية.
وأبرز حمدادوش أن «حمس» لم تتلق عروضا من قبل أحزاب أخرى للتحالف معها، مشيرا إلى أن هذه الانتخابات ستكون مختلفة من حيث النمط، حيث ستكون مفتوحة في ظل النوع الانتخابي الجديد، وأنّ كل قائمة معنية بالفوز، وليس الحزب أو رأس القائمة، فالجميع يجرب حظه خلال هذه التشريعيات، خاصة وأن عدد قوائم الأحرار أكثر من القوائم الحزبية.
كان رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، قد أعلن عن مبادرة جديدة لتشكيل تحالف انتخابي من الأحزاب والشخصيات والمجتمع المدني، لا تتعلق بقوائم مشتركة بالضرورة، وإنما بتعاون انتخابي، وجلب الكفاءات المدنية ضمن قوائمها وهو ما حدث، طبقا لتصريحات سابقة له.
تجدر الإشارة أن تشريعيات سنة 2012 خاض فيها الإسلاميون الانتخابات ضمن تحالف «الجزائر الخضراء»، الذي ضم «مجتمع السلم»، «النهضة» و»الإصلاح الوطني»، تحت شعار «الجزائر الخضراء»، متحصلين على 48 مقعدا، بينما دخل نفس التيار الانتخابات البرلمانية في إطار «الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء»، ضمّ كل من حركة البناء، جبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني حصلت على 15 مقعدا.