قرابة 23 ألف مترشح نزلوا إلى الميدان من أجل إقناع الناخبين

نسبــة المشاركـة... الرهـان الكبيـر

 حمزة محصول

 أولت الطبقة السياسية، أهمية قصوى لنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها، بعد غد السبت. وتجندت التشكيلات التي دخلت غمار المنافسة من أجل إقناع الناخبين بالتوجه لصناديق الاقتراع، سعيا منها لتشكيل برلمان خال من نعوت “العزوف” و«تدني المصداقية”.

حتى وإن كان القانون الجزائري لا يحدد الحد الأدنى المطلوب من أجل قبول نتائج جميع العلميات الانتخابية، إلا أن “نسبة المشاركة” تظل الرهان الأكبر للساحة السياسية الوطنية بصفة عامة والأحزاب والقوائم المتنافسة بصفة خاصة.
بعد تضاؤل الحديث عن التزوير، منذ إسناد تنظيم الانتخابات إلى السلطة الوطنية المستقلة، أواخر 2019، تصدر “العزوف” النقاشات السياسية، باعتباره آفة تنخر العمل السياسي برمته، وتجلى ذلك في القراءات المتعددة التي أعقبت نتائج استفتاء تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020.
ولم تتعد نسبة المشاركة في العملية الاستفتائية، 23,8٪، بحسب ما أعلنته السلطة المستقلة، وأكده المجلس الدستوري في النتائج النهائية. في وقت ذهبت الكثير من التوقعات نحو إمكانية تضخيم النسبة، مثلما كان يحدث في أغلب الاستحقاقات السابقة.
لكن القائمون على تنظيم الاستفتاء الدستوري، لم يكلفوا أنفسهم عناء تبرير النسبة المنخفضة، وأعلنوها للرأي العام كما هي، دون أن يعقب ذلك أدنى تشكيك من قبل المراقبين أو حتى الصوتين بـ«لا” على مشروع التعديل.
وما قامت به سلطة الانتخابات في ثاني تجربة لها، بعد رئاسيات 12 ديسمبر 2019، كان بمثابة الضمانة الأقوى، على التوجه نحو تنظيم انتخابات شفافة ونزاهة. لكنها دقت في المقابل جرس الإنذار، بشأن الشرخ الكبير بين المواطنين والطبقة السياسية، وأن معضلة انهيار الثقة بين المواطن والمرفق العمومي لا يقل خطورة، عن الهوة العميقة بينه وبين العمل السياسي، مهما كان مشروعه وأيديولوجيته.
الحملة الانتخابية
رصد خطابات الأحزاب والقوائم المستقلة التي نشطت الحملة الانتخابية، في القاعات أو بالعمل الجواري، أبان عن الأهمية التي أولتها لمشاركة الناخبين، وحتى بعض الأحزاب التي رأت بضرورة تبرير خيارها بدخول معترك التشريعات، خصصت الجهد الأكبر لتحسيس المواطنين بأهمية انخراطهم في العملية، كونهم “يتقاسمون المسؤولية في تحقيق التغيير المنشود”.
وسواء تعلق الأمر بالرغبة في تغيير الأشخاص الذين شغلوا طويلا المهام النيابية أو التغيير المؤسساتي، لا يتأتى ذلك إلا عن طريق الانتخاب الذي يقوم به المواطن المسجل في القائمة الانتخابية، مثلما أجمع رؤساء الأحزاب خلال التجمعات الشعبية.
وبحسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، التي “تمسك” بقوة القانون القوائم الانتخابية، فإن الهيئة الناخبة تحصي حاليا 24 مليونا و525 ألف و174 ناخب، منهم 902865 مسجلون بالخارج.
ودعي هؤلاء للإدلاء بأصواتهم، السبت، واختيار ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني، في ظل القانون العضوي الجديد المتعلق بنظام الانتخابات، الذي أعطى للمواطن سلطة الاختيار بين المترشحين، بفضل إقرار نمط التصويت على القائمة المفتوحة.
اختبار لآلاف المترشحين  
وسيكون، السبت المقبل، الاختبار الحقيقي للعدد الهائل من المترشحين، لمعرفة مدى نجاحهم في إعادة الناخبين إلى معازل التصويت، بعد 3 أسابيع من الحملة الانتخابية التي نشطوها على مستويي الترويج للقائمة ككل والترويج الفردي للمترشح، على اعتبار أن التصويت سيتم على القائمة المفتوحة.
وبنظرة شاملة، فقد نزل 22554 مترشح إلى الساحات العمومية والشوارع والمقاهي والقاعات متعددة الأحجام، وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي أين يتواجد الملايين من الجمهور الافتراضي، من أجل استقطاب المواطنين وإقناعهم بصواب العودة إلى مكاتب التصويت واختيار من يرونه الأصلح والأنسب.
وبحسب الإحصائيات الرسمية، تشارك 1080 قائمة حزبية (عن 28 حزبا) و1208 قائمة مستقلة، في الانتخابات التشريعية، أي ما مجموعه 2288 قائمة مترشحة، وهي أرقام قياسية وغير مسبوقة، تجعل من توقع النتائج النهائية للاقتراع في غاية الصعوبة والتعقيد.
واللافت هذه المرة، أن 74٪ من المترشحين، حاملون لشهادات جامعية بمجموع 19942 مترشح، وأحصيت 320 قائمة مكونة من جامعيين بنسبة 100٪.
وفي وقت تعهدت السلطة المستقلة على لسان رئيسها محمد شرفي، بالعمل على إنجاح الانتخابات التشريعية، وضمان المصداقية والنزاهة، بعيدا “عن غرف التزوير السوداء”، ستكون نسبة المشاركة مرآة عاكسة لواقع العمل السياسي في الجزائر، وما إذا كان في طريق التعافي بعد سنوات من “تصحّر” الساحة.
ومهما كانت النسبة النهائية، يبقى الأهم في نظر المتنافسين، تحقيق أول خطوة على طريق انتخاب ممثلي الشعب في السلطة التشريعية بعيدا عن شبهات التزوير والفساد وشراء الذمم وتغلغل المال فاسد كان أو غير فاسد في قلب الممارسة السياسية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19820

العدد 19820

السبت 12 جويلية 2025
العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025