الشباب مطالب بمواصلة النضال لصنع التغيير
حافظت الأحزاب السياسية على ريادتها في الانتخابات التشريعية على حساب القوائم الحرة، ما يؤكد بقاء المشهد السياسي بنفس الفواعل، بالرغم من توقع الكثير من المحللين والمتتبعين كانوا يرجحون إمكانية تصدر الأحرار للمشهد السياسي لعدة اعتبارات وإعادة رسم الخريطة السياسية كلها في الجزائر، ولكن العكس هو الذي حدث.
اعتبر أستاذ العلوم السياسية أسامة بوشماخ، في تصريح لـ «الشعب»، أن العزوف السياسي للكتلة الناخبة هو الذي أثر على المشهد السياسي الحالي، في مقابل محافظة الأحزاب السياسية على وعائها الانتخابي الثابت المعروف بانضباطه الحزبي، ما سمح لهم في أن يكونوا مرتاحين في القيام بالحملة الانتخابية وكذا في عملية التصويت ما انعكس على النتائج.
وبحسب بوشماخ، فإن السبب الرئيسي مرتبط بعزوف الجزائريين على الذهاب للانتخابات، إلى جانب كثرة القوائم الانتخابية التي كان من المفروض ألا تكون مفتوحة وبهذا الكم الهائل، ما جعلها تتنافس فيما بينها وتقع في فخ العتبة 5% التي أقرّها قانون الانتخابات الجديد، وهو ما أثبته الميدان، فالكثير منها لم يصل إلى هذه النسبة وبالتالي سقوط هذه القوائم.
أما النقطة الثانية، فتتعلق، بحسب أ. شماخ، بافتقاد الشباب المترشح لرصيد كبير في النضال سياسي وثقافة بكواليس الانتخاب ومعرفة بكيفية استقطاب الناخبين، ما انعكس على أدائهم وحملتهم. في حين أن الأحزاب السياسية لديها تقاليد في هذا المجال، انطلاقا من رصيدها التاريخي، بحيث استثمرت في مسارها النضالي وتحويل العزوف الانتخابي للهيئة الناخبة لصالحها، بالحفاظ على وعائها الانتخابي وهيكلته وتنظيمه، سواء بالنسبة لجبهة التحرير الوطني أو الأحزاب الإسلامية كحركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني أو باقي الأحزاب الديمقراطية.
في المقابل، أشار المتحدث إلى أن الإرادة السياسية بالنسبة للسلطة كانت موجودة، خاصة فيما تعلق بإدماج نسبة كبيرة من الشباب، لكن القضية متعلقة بالخبرة السياسية، معربا عن أمله في عدم توقف هذه الفئة وبقائهم في النضال السياسي، لأن الجزائر الآن بصدد بناء حياة سياسية وإخراج خارطة سياسية جديدة، وهو ما تسعى السلطة إليه وهذا الأمر يحتاج إلى نضال سياسي كبير بالنسبة لهذه الفئة.
وبخصوص اقتصار التصويت على المسنّين وعزوف باقي الفئات، أكد أ. شماخ أنها حقيقة وظاهرة تاريخية بالجزائر، ما يستدعي - بحسبه- دراسة علمية لتحديد الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك، لأن الأمر بالفعل جدير بالدراسة، خاصة وأنه مرتبط بمستقبل الممارسة السياسية ببلادنا وشرعية المؤسسات المنتخبة.