تنطلق، اليوم، امتحانات شهادة التعليم المتوسط «البيام»، عبر 2585 مركز موزع عبر التراب الوطني، حيث يمتحن 641 ألف تلميذ في أربع مواد بفترة راحة تقدّر بنصف ساعة بين كل امتحان وآخر، ووفق إجراءات تنظيمية محكمة، تنطلق من توزيع المترشّحين على مراكز الإجراء، إلى عملية التصحيح وإعلان النتائج التي ستكون يوم 5 جويلية المقبل.
تشكّل أيام الامتحانات الرّسمية ضغطا على المترشّحين، والكثير منهم يؤثّر عليه هذا الضغط الرهيب، إلاّ أنّ التّحضير الجيد خاصة من النّاحية النّفسية له أثر إيجابي على نتائج التلميذ، الذي يسابق الزمن في الساعات الأخيرة من أجل إنهاء فترة المراجعة سواء في المنزل أو عن طريق الدروس التدعيمية «المتسارعة»، حيث لجأ كثير منهم إلى الدروس الخصوصية التي تقدّم بالساعة، وتكون أثمانها باهظة قد تفوق مدخول العامل اليومي، فالمهم هو فهم الدروس وافتكاك تأشيرة النّجاح للانتقال إلى الثانوي.
التّخطيط الجيّد يضمن التّتويج
مع اقتراب موعد الشّهادة، يسابق المترشّحون وأولياؤهم الزّمن من أجل التحضير الجيد لهذا الامتحان المحدد لمصير مشوار دراسي قدّر بـ 9 سنوات كاملة، اجتاز فيه التلميذ مرحلة التعليم الابتدائي ليجد نفسه في مرحلة أخرى أكثر أهمية ومكانة، خاصة لدى الأولياء الذين يحرصون على توفير الجو الملائم والظروف المناسبة للمقبل عليها، كما يحاول هو الآخر الانعزال بنفسه من أجل المراجعة والاستعداد الدراسي والنفسي.
أجواء امتحانات تعرفها أغلب الأسر الجزائرية سواء الذين لديها أبناء مقبلين على شهادة التعليم المتوسط أو شهادة البكالوريا التي تفصلنا عنها أيام قليلة، فالجميع متأهّب ومستعدّ للمساعدة، فالدعم النفسي ضروري في هذه الظروف، وهذا كله في سبيل اجتياز الشّهادة، وأن يكلّل تعب الأبناء بالنجاح.
السّاعات القليلة قبل الامتحان هي الحاسمة حتى لا يقع التلميذ في الإرهاق الجسدي، خاصة وأنّه ملزم باجتياز 4 مواد كاملة في اليوم الأول، في حين يبلغ عدد المواد الكاملة 10 مواد يمتحن فيها في ظرف ثلاثة أيام فقط، ممّا يساهم في إرهاقه نفسيا وبدنيا، إلاّ أنّ التخطيط الجيد يمكن أن يجنبه التعب الجسدي والنفسي، وهذا من خلال التحضير الجيد قبل موعد الامتحانات بفترة تسمح له بتنظيم أفكاره وعدم تشتّتها، هذا ما أكّده لنا بعض الأولياء.
الحذر من ضغط السّاعات الأخيرة
أكّد عدد من معلّمي الطّور المتوسّط أنّهم تحوّلوا في الأيام الأخيرة من الدراسة، إلى مختصّين نفسانيّين من أجل إزالة الخوف الذي يسكن أوساط التلاميذ أيام قبل الامتحان، حيث صرّح أستاذ الرياضيات «ب - م»، أنّ «مهمّتي في الأخير إقناع الممتحنين أنه امتحان عادي، ومن درس بشكل عادي فأكيد النّجاح حليفه».
وقالت أستاذة اللغة الفرنسية «سميرة - م» من بلدية برج البحري، إنّ الضغط والإرهاق يؤثّران على النجاح، خاصة في الأيام الأخيرة قبل الامتحان، إلا أنّ التلميذ اليوم أمام تحدّ قد يلعب فيه الحظ لعبته، لكن تبقى المراجعة الجيدة والتركيز أساس النجاح.
وحذّر بعض الأساتذة الأولياء من الضغط على أبنائهم في الأيام القليلة المتبقية من موعد الامتحان من خلال الدروس المعجلة، فهذا يؤثّر عليهم لأنّ المراجعة العادية فقط من تحقق الهدف، داعين التلاميذ إلى الابتعاد عن التسرع والتركيز في الإجابات، خاصة وأن بعض المواد تكون أسئلتها «فخا»، وتحتاج إلى التدقيق كي تكون صحيحة.
تقدير جهود التّلميذ
كانت سنة استثنائية بكل المقاييس، فرغم حرص وزارة التربية الوطنية توفير الظّروف الملائمة لضمان تمدرس عادي، أدّت جائحة كورونا دورها وأثّرت على السير العادي للدروس ببعض المؤسسات التربوية، حيث الكثير منها تأخرت عن البرنامج، غير أنّ الوزارة الوصية أخذت هذا بعين الاعتبار، وما على المترشحين سوى التركيز لضمان التتويج بالنجاح، هذا ما قاله الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين، بوعلام عمورة، لـ «الشعب».
ودعت النّقابة على لسان الأمين العام إلى إنجاح الامتحانات الرسمية المتمثلة في «البيام» و»البكالوريا» تقديرا لجهود التلاميذ، في ظل سنة دراسية صعبة واستثنائية سواء من حيث الوضع الصحي أو من حيث ظروف التمدرس التي كانت صعبة ببعض المؤسسات، خاصة التي عايشت الزلزال الأخير.
وأكّدت «ستاف» أنّ إنجاح الامتحانات الرّسمية رهان الجميع، خاصة على ضوء الظرف الصحي الذي أثّر على عديد القطاعات، بما فيها قطاع التربية الذي عرف الكثير من التغييرات أثرت على سير الدروس، غير أن تحدي الأسرة التربوية كان أقوى.
فرق طبية في الميدان
الشق الصحي نال حصة الأسد من تحضيرات وزارة التربية الوطنية، حيث أعدّت هذه الأخيرة بروتوكولا صحيا صارما بغية ضمان السلامة الصحية للمترشحين والمؤطرين والحيلولة دون انتشار الوباء في أوساط التلاميذ.
وفّرت السّلطات جميع الوسائل الوقائية على مستوى جميع المراكز عبر الوطن، والمتعلقة بارتداء القناع الواقي وضمان التباعد الاجتماعي، وأخذ درجة حرارة الجسم عند مدخل مركز الإجراء، سواء تعلق الأمر بالمؤطّرين أو التلاميذ أو العمال، وكذا الالتزام بوضع الممرات وتنظيم الحركة في المرافق لضمان سلامة الأسرة التربوية.
ووضع بمدخل المؤسسات التربوية ملصقات، تنبّه إلى وضع القناع الواقي وضمان التباعد الاجتماعي بمراكز الإجراء، وغيرها من المحطات المتعلقة بهذا الامتحان، فضلا عن ملصقات أخرى تتعلق بمحاربة الغش كإحضار الكراريس، الكتب والهاتف النقال وغيرها.
وخصّصت مراكز الامتحانات قاعات للعزل الصحي للحالات المشبوهة، بالإضافة إلى فريق طبي يرافق التلاميذ طيلة فترة الامتحانات المقدرة بثلاثة أيام، وهذا لعدم حرمان التلميذ من هذا الموعد المصري.