قرّر الرئيس عبد المجيد تبون، إعادة النظر في النص القانوني الخاص بالسمعي البصري، نظير ما يعيشه من تجاوزات بفعل ابتعاده عن الغطاء القانوني الجزائري، والذي تشتغل به القنوات الخاصة منذ الانفتاح على القطاع الذي حدث سنة 2012، بداية بإصلاح الإطار التشريعي ودفتر الشروط من أجل تطهير المجال وضبط عمل وسائل الإعلام الثقيلة وخضوعها لشروط وضوابط جديدة، تواكب التغيّرات الحاصلة في العالم والتحديات الداخلية والخارجية التي تعيشها الجزائر اليوم.
عجّل الرئيس في عملية إصلاح الإطار التشريعي الخاص بالسمعي البصري، موازاة مع الخطوات المتقدمة في إطار تعديل قانون الإعلام لسنة 2012، وهذا بإحداث تغييرات في دفتر الشروط الذي يؤطر الالتزامات العامة في مجال احترام الحريات الأساسية ومتطلبات التسيير الديمقراطي للمجتمع، والضرورات التي تفرض المحافظة على الأمن العام، مع تنظيم استغلال خدمات البث الإذاعي والتلفزيوني.
وجاء هذا القرار في وقت يخضع القانون العضوي للإعلام لعملية إصلاح جديدة، من أجل إدخال تعديلات على القانون الصادر سنة 2012، والتسريع في ضبط عمل الإعلام في الجزائر، الذي بات يشهد واقعا مغايرا تماما، بفعل التطورات التكنولوجية الحاصلة وبروز تحديات جديدة تواجه الجزائر، وجب أن يكون القطاع الإعلامي ذو الوزن الثقيل مجهزا ومواكبا لها تحت غطاء قانوني جزائري، بعيدا عن الحماية الأجنبية التي تخضع لها القنوات الخاصة في البلاد، حيث تبث من الخارج.
ويلفت مراقبون، إلى أن تعديل قانون السمعي البصري، يجب أن يراعي الظروف والتطورات الحاصلة في الجزائر، اقتصاديا وسياسيا. كما يجب مراعاة «الثورة التكنولوجية» الحاصلة في ميدان الإعلام في العالم، حيث باتت السلطة الخامسة المتحكم الكبير في العمل الصحفي، وأضحت وسائل التواصل الاجتماعي، الصوت المسموع لدى دوائر القرار، وصارت تمثل هاجسا وعنصر ضغط لكل المسؤولين. وأضحت القنوات التلفزيونية الخاصة تعتمد في مصادرها على المارد الأزرق، ودخلت في متاهات نقل معلومات مغلوطة تضر بسمعتها وبسمعة الإعلام في الجزائر.
وستكون نقطة نمط اعتماد القنوات الخاصة، محور التعديلات القائمة ــ كما يراه مختصون ــ خاصة اذا ما احتكم للقانون، فإن معظم القنوات ليست جزائرية لكنها تهتم بالشأن الجزائري، بحكم أن بثّها يتم من الخارج، لذلك لابد من ضبط هذا الجانب، حيث سيتم إعطاء الأولوية لتسوية وضعية القنوات الخاصة. لذلك فإن اصلاح القطاع سيسمح بمرافقة القنوات الخاصة بغطاء قانوني جزائري، القمر الاصطناعي الجزائري (ألكوم سات-1)، في ظل وجود 50 قناة غير معتمدة في الجزائر.
وكان وزير الإتصال عمار بلحيمر، قد أكد في تصريحات سابقة على ضرورة «التوطين القانوني» للقنوات الخاصة و»جزأرة» نشاطها الإعلامي الذي يخضع حاليا «لسيادة القانون الأجنبي». علما أن هناك «6 قنوات فقط تحصلت على اعتماد ظرفي في شكل فتح مكاتب إعلامية تمثلها في الجزائر، كما سيكون اصلاح قطاع السمعي البصري ملازما لإصلاح قطاع الاشهار لتطهيره من الدخلاء والانتهازيين ومن تصرفاتهم غير المهنية والمخالفة لقيم المجتمع وثقافته».
وقبل أيام قليلة، كانت وزارة الإتصال قررت، واستجابة لطلب سلطة السمعي البصري، الغلق النهائي لقناة «لينا»، بسبب تسجيل السلطة سقطات مهنية خطيرة كانت تقترفها القناة قد تؤدي إلى تأجيج الوضع في مثل هذه الظروف الحساسة. وقالت السلطة، إن هذه القناة «تمعن في التعدي على القواعد المطبقة على النشاط السعي البصري وتساهم في بث الخطاب التحريضي والتضليلي للرأي العام، سواء بطريقة مباشرة أو بأسلوب إيحائي، تعدها السلطة خطرا على الوحدة الوطنية، خاصة وأن الأمة تمر بوضع استثنائي لا يسمح بمثل هذه الانزلاقات التي يمكن أن تأخذ أبعادا أخرى وتأويلات لا تخدم سوى مآرب مجموعات مصلحية وأجندات مشبوهة».
وقبلها تم أيضا تعليق بث قناة «الحياة» وسحب اعتمادها بصفة مؤقتة ابتداء من 23 جوان الماضي، بناء على طلب سلطة السمعي البصري بسبب ما قالت وجود تجاوزات وسقطات مهنية، بالتطاول أو المساس برموز التاريخ الوطني، وهذا على خلفية تصريحات عمران آيت حمودة في حق الأمير عبد القادر.
جدير بالذكر، يحتوي القانون الخاص بالنشاط السمعي البصري الصادر سنة 2014 على 113 مادة تنظم المجال بالجزائر.