وسط دعم وترحيب دوليين بمبادرة الجزائر

انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات حول شمال مالي

أمين بلعمري

اليوم، الفاتح سبتمبر، سيكون فأل خير على الشعب المالي الذي ينتظر نهاية سعيدة للأزمة التي تعصف ببلاده عبر هذه الجولة الثانية والأخيرة من المفاوضات بين باماكو والحركات المسلحة في الشمال، التي تحتضنها الجزائر استكمالا لخارطة الطريق المرسومة شهر جويلية الماضي، والتي نالت رضا كل أطراف الأزمة المالية ولاقت دعما كبيرا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إن المبادرة لدعم الحوار البيني الشامل في مالي، تؤكد مرة أخرى على أن المقاربة الجزائرية القائمة على الحوار والمفاوضات في حلّ الأزمات وجعل القوة العسكرية في ذيل الخيارات، فالتجربة أثبتت فشلها في فض النزاعات، خاصة في الحالة المالية التي تكتسي حساسية خاصة تتطلب التعامل معها بحكمة وتبصّر وهذا ما دعت إليه الجزائر لدى بداية ظهور البوادر الأولى للأزمة في هذا البلد وأدت إلى سقوط مالي بين أيدي الجماعات الإرهابية التي كادت تزحف على العاصمة باماكو، لولا التدخل الدولي الذي جاء بمبادرة فرنسية في إطار عملية «سيرفال»، أدت إلى تحرير الشمال من أيدي تلك الجماعات ولاتزال هذه العملية مستمرة إلى اليوم.
إن كل المؤشرات توحي بنجاح هذا الحوار الذي ترعاه الجزائر التي نالت ثقة كل الأطراف. فقد وقعت الحركات المسلحة الست، الجمعة، على بروتوكول اتفاق في العاصمة البوركينابية واغادوغو، يقضي بتوحيد صوتها في المفاوضات مع باماكو، اليوم، وهي خطوة غير مسبوقة تقدم عليها هذه الحركات، تحمل دلالات لعل من أهمها مدى ثقة هذه الحركات في الوساطة الجزائرية بعد الجولة الأولى التي جرت شهر جويلية الماضي التي أفضت إلى وضع خارطة للمفاوضات وكذا مدى جدية هذه الجولة الثانية والأخيرة من المفاوضات التي ينتظر أن تتوج بالتوصل إلى حل نهائي لأزمة شمال مالي يحفظ السيادة والوحدة الترابية للبلاد.
الحكومة المالية من جهتها أبدت منذ البداية، رغبتها في دور جزائري لحل الأزمة، وهذا بدوره يؤكد مدى ثقة الأخيرة في خبرة الجزائر في حل الأزمات عن طريق الحوار، خاصة عندما يتعلق الأمر بدولة تربطها معها أواصر جوار وصداقة وأخوة، خاصة وهي ثقة نابعة كذلك من معطى جوهري آخر هو أن الجزائر أصبحت دولة مصدرة للسلم والاستقرار في منطقة الساحل وشمال إفريقيا، في ظل محيط يعيش اضطرابات وتهديدات كبيرة في مقدمتها التهديدات الإرهابية. هذا وقد أشاد، أمس، وزير الخارجية المالي، عبد اللاي ديوب، بدور الدولة الجزائرية وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وبالتزامه ودعمه الشخصي لمالي في سبيل استعادة السلم والاستقرار، مجددا الثقة في الجزائر وفي مؤسساتها.
الثقة والدعم الذي لاقته المبادرة الجزائرية حيال مالي لم تقتصر على الفرقاء الماليين فقط و- إن كانوا يشكلون الحلقة الجوهرية في هذه المعادلة- فقد رحبت الأمم المتحدة بخارطة الطريق الجزائرية التي قال أمينها العام، بان كي مون، إنها وفرت الظروف المواتية لإنجاح المفاوضات.
من ناحيته نوّه مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي بجهود الجزائر التي قال بأنها سمحت بإطلاق فعلي لمفاوضات السلام بمالي، كما لاقت منذ الجولة الأولى للمفاوضات، شهر جويلية الماضي، مساندة ودعم دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا «الإيكواس». ونفس المنحى أخذه توجه الاتحاد الأوربي الذي أبدى ارتياحه عند تبني كل الأطراف لخارطة الطريق التي تمت بوساطة جزائرية والتي شكلت الأرضية لهذه الجولة الثانية والمصيرية من المفاوضات التي تنطلق، اليوم، والتي تعد بحل نهائي للأزمة في مالي.
الدول الكبرى أبدت بدورها دعمها للمبادرة الجزائرية، فقد أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أن بلاده تدعم، دون تحفظ، الوساطة الجزائرية في مفاوضات السلام حول شمال مالي، والأمر نفسه بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت دعمها ومساندتها للجزائر في مسار عملية السلام الجارية في مالي، وهو الموقف الذي أكده مرة أخرى قائد «الأفريكوم» الجنرال رودريغاز لدى زيارة قادته إلى الجزائر الأربعاء الماضي.
الأكيد أن النجاح الذي حققته الدبلوماسية الجزائرية في تسوية ملف شمال مالي، كما استطاعت في السابق المساهمة في حل الكثير من الأزمات والمعضلات الدولية والإقليمية، يبعث الأمل في الشروع في إيجاد تسوية للأزمة الليبية ويرشح الجزائر للعب دور جوهري في حلّ محنة الشعب الليبي الشقيق عن طريق إطلاق حوار ومصالحة بينية تجنّب ليبيا شر الاقتتال والتفكك وتخلصه من ويلات التدخل الأجنبي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19443

العدد 19443

السبت 13 أفريل 2024
العدد 19442

العدد 19442

الإثنين 08 أفريل 2024