رئيس الجمهورية يضع الأمن المائي على رأس الأولويات

الجزائر المنتـصرة.. ريادة إفريقية وعربية في تحلية مياه البحر

فايزة بلعريبي

استلام 5 محطات تحلية جديدة قبل شهر رمضان المقبل

من ضمن الرهانات التي شدد رئيس الجمهورية على كسبها، معتبرا إياها ضمن الخطوط الحمراء لارتباطها بالسيادة الوطنية بشكل مباشر، مسألة الأمن المائي الذي تصدر أجندة مجالس الوزراء ونشاط القطاعات ذات الصلة طيلة العهدة الأولى، لتسجل بداية العهدة الثانية نتائج مرضية فيما يتعلق بتأمين موارد غير تقليدية من المياه، بترقب دخول 5 محطات لتحلية المياه حيز الخدمة، قبل شهر رمضان.

عرفت سنة 2024، بالإضافة إلى البرنامج التكميلي الأول قصير المدى، وإطلاق برنامج تكميلي ثانٍ بعيد المدى، بقدرة إجمالية تقدر بـ1.8 مليون م3/يوميا عبر 6 محطات جديدة منتشرة على طول الشريط الساحلي للبلاد بقدرة 300 ألف م3/ يوميا/ للمحطة، هدفها الوصول لعمق 150 كلم نحو المناطق الداخلية لتعزيز أمنها المائي.
 ومن المنتظر أن يرفع ذات البرنامج من مساهمة تحلية مياه البحر في تلبية حاجيات المواطنين من الماء الشروب إلى 5.5 ملايين م3/يوميا، أي بنسبة 60%، في استشراف بعيد المدى، تعهد رئيس الجمهورية ببلوغه، لتعزيز مستقبل الأمن المائي في الجزائر بشكل جذري ونهائي.
يولي رئيس الجمهورية اهتماما خاصا لكل ما هو متعلق بالاستراتيجية الوطنية لتعزيز الأمن المائي للبلاد، كحلقة محورية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان الاستقرار الاجتماعي.
 وفي خطوة استشرافية واحترازية منها، عملت الجزائر على تحقيق أمنها المائي ومن خلاله تحصين منظومته التنموية، من خلال الاستثمار في جميع موارده التقليدية منها وغير التقليدية، بما فيها تلك التي تعتمد على أحدث ما جادت به التكنولوجيا، سواء في مجال تدوير المياه المستعملة أو في مجال تحلية مياه البحر، حيث تعتبر الجزائر ضمن الدول العربية والإفريقية السباقة إلى الاستثمار في هذا المجال.

رؤية استشرافية..

وقد ساهم نشاط تحلية مياه البحر- ومازال يساهم- في تلبية 17% من احتياجات المواطنين من الماء الشروب، أي بمقدار 2.1 مليون م3/يوميا. إلا أنه ومع التغيرات المناخية المتسارعة واستفحال الجفاف وبفضل الرؤية الاستشرافية والإرادة السياسية التي أبان عنها رئيس الجمهورية، فقد تم المضي قدما في استراتيجية وطنية أكثر نجاعة وفعالية في هذا القطاع وجعل الأمن المائي في البلاد ضمن الأولويات الكبرى للدولة، فتم منذ 2020 إطلاق استراتيجية جديدة تمثلت بداية في البرنامج الاستعجالي للمياه سنة 2021، المتمثل في إنجاز ثلاث محطات تحلية مياه البحر لتعزيز الأمن المائي لشرق العاصمة وغرب ولاية بومرداس، بقدرة إجمالية تقدر بـ150 ألف م3/يوميا مجسدة في محطة الباخرة المحطمة بقدرة 10 آلاف م3/يوميا، محطة المرسى 60 ألف م3/يوميا ومحطة قورصو بقدرة 80 ألف م3/يوميا.
وتلاها البرنامج التكميلي الأول لتعزيز الأمن المائي في الجزائر، الذي يعد من أضخم المشاريع في قطاع تحلية مياه البحر في تاريخ الجزائر، ومن أكبر البرامج على المستوى الإفريقي، وضمن المشاريع الكبرى في تحلية مياه البحر على المستوى العالمي، سواء من حيث القدرة الإنتاجية أو قيمة الاستثمار الموجه للقطاع.
هذا البرنامج، المتمثل في إنجاز 5 محطات كبرى على طول الساحل الجزائري بقدرة إنتاجية تقدر بـ300 ألف م3/يوميا لكل محطة، أي بإجمالي 1.5 مليون م3/يوميا وبرقم استثمار يفوق 2.2 مليار دولار للمحطات فقط، دون احتساب استثمارات الربط بالطاقة وقنوات النقل والتوزيع، يرتقب تسليمها قبل شهر رمضان المقبل. إضافة إلى برنامج تكميلي ثانٍ لإنجاز 6 محطات جديدة، بقدرة إنتاجية تقدر بـ300 ألف م3/يوميا/ للمحطة، وقدرة إجمالية تقدر بـ1.8 مليون م3/يوميا آفاق 2030.

تكنولوجيا المياه.. رهان الغد

ولأن الأمن المائي يعد ضمن التحديات الرئيسية لاستراتيجية التنمية، فقد اكتسى طابعا استعجاليا وأهمية بالغة كمحور أساسي في استراتيجية التنمية الشاملة والمستدامة التي رسم معالمها رئيس الجمهورية، حريصا غير متساهل مع أي تقصير يحول دون تحقيق تطلعات المواطنين التي وصفها في جميع خطاباته الموجهة، سواء للمسؤولين أو للمواطنين -آخرها خطابه أول أمس الموجه للأمة أمام نواب البرلمان بغرفتيه- بـ «المشروعة».
كما اعتبر توفير المياه عبر موارد غير تقليدية، من بين ركائز بناء اقتصاد قوي ومستدام، يعزز السيادة الوطنية ويؤمِّن احتياجات الأجيال الحالية والقادمة، ورهانا استراتيجيا في ظل عالم يشهد الكثير من التغيرات المناخية، الجيو-استراتيجية والاقتصادية، التي تفرض توحيد الجهود واعتماد استراتيجيات شاملة وفعالة لضمان مستقبل أفضل، حيث أكد رئيس الجمهورية في خطابه للأمة -في شقه المتعلق بالأمن المائي- على ضرورة ضمان حق المواطن في الماء الشروب، الذي بلغت طاقة استعماله اليومي مليارا و200 مليون متر مكعب/يوميا، ألزم الولاة بضرورة استرجاع 30% منها خلال سنة 2025، وضرورة التوجه إلى تدوير المياه ورسكلتها، واستعمال المياه المصفاة خلال السنة الفلاحية 2025.

رفع الوتيرة..

ومواصلة لمساعي الدولة الجزائرية في تحقيق أمنها المائي، وبحسب ما جاء في الوثيقة، التي تحوز «الشعب» على نسخة منها، فقد ارتكزت أشغال الورشة المخصصة للأمن المائي والغذائي، المنظمة على هامش اجتماع الحكومة- الولاة المنعقد يومي 24 و25 ديسمبر 2024، على عدة محاور، بدءا بتحديد الإشكاليات والتحديات التي تواجه بلادنا في مجالي الأمن المائي، وتقييم دقيق للإمكانات الوطنية المتوفرة في هذا الميدان وتثمين الجهود المبذولة والإجراءات المتخذة حتى الآن، بما يضمن استدامة إدارة الموارد المائية، في ظل ندرة الموارد المائية بسبب الجفاف والشح المائي خلال السنوات الماضية الذي أثر على انخفاض مخزون ومستوى المياه السطحية والجوفية.

تثمين الموارد التقليدية..

أما بالنسبة لتخزين الموارد التقليدية من مياه الأمطار، فقد رفعت اللجنة المجتمعة مقترح وضع برامج لإزالة الأوحال من السدود والحواجز المائية قصد استرجاع قدرة تخزينها الأولية وفق أولوية مدروسة، مع إنجاز حواجز لحمايتها من تراكم الأوحال، وكذا تفعيل برنامج تشجير الأحواض الهيدروغرافية المتدفقة وروافد المياه الرئيسية الممونة للسدود، وتعجيل عمليات إنجاز السدود التي انتهت الدراسة منها.
ومن أجل تعبئة واستغلال أكبر كمية ممكنة من المياه الجوفية، فقد اقترحت اللجنة إنشاء حواجز جوفية لتجميع مياه الأمطار واستغلالها في الري الفلاحي، دون التغاضي عن حماية الموارد المائية من التلوث، من خلال إنجاز شبكات الصرف الصحي ومعالجتها.
كما جاء ضمن المقترحات، وضع مخطط ربط بين السدود وأنظمة إنتاج المياه وإنشاء احتياطي أمني لتغطية فترات الجفاف، من خلال إنجاز مشاريع كبرى، وأخرى لتحديث الدراسات الهيدرولوجية على المستوى الوطني. إلى جانب تخصيص أغلفة مالية لمعالجة المياه الجوفية التي تحتوي على نسب مرتفعة من المواد المعدنية، كالحديد والكلس لضمان استغلالها الأمثل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19824

العدد 19824

الأربعاء 16 جويلية 2025
العدد 19823

العدد 19823

الثلاثاء 15 جويلية 2025
العدد 19822

العدد 19822

الإثنين 14 جويلية 2025
العدد 19821

العدد 19821

الأحد 13 جويلية 2025