استعادت مكانتها وعزّزت حضورهـا في المحافل الدولية

الجزائر المنتصرة..غصة في حلق التّيار الكولونيالي الفرنسي

سفيان حشيفة

 سلك اليمين الفرنسي المتطرّف وأنصاره داخل الحكومة الفرنسية، هذه الآونة، أسلوباً غير أخلاقي مكشوف النّوايا، يعتمد على سياسة إلهاء الرأي العام المحلي، وتوجيهه وصرف نظره عن الأوضاع الإقتصادية الخانقة والإجتماعية المتردية التي تكاد تعصف بإلاليزيه ورئيسه، وذلك عبر اختلاق وإثارة عداء مع الجزائر وجاليتها في الخارج، والدّوس على القانون الدولي ومواثيق الأمم المتّحدة في ما تعلق بعدالة القضية الصّحراوية.

 يعاني اليمين المتطرّف الفرنسي المريض بعقدته الكولونيالية من فوبيا الجزائر الجديدة والمُنتصرة، التي أصبحت تُزاحم الكبار بالمحافل الدولية والأممية، في قراراتها وسياساتها الداخلية والخارجية، وفي نهجها الإستراتيجي الاقتصادي والتنموي العابر للحدود والقارات.
بدليل تحوّل اقتصادها إلى قوّة صاعدة في إفريقيا والشّرق الأوسط، وهو ما لم تهضمه فلول الاستعمار القديم والحديث ممثّلا بنظام المخزن، الذين هرعوا إلى افتعال أزمات وحروب دعائية إعلامية مغرضة ضدّ بلد الشهداء ومؤسساته الدستورية، مع محاولاتهم المفضوحة لتضليل الرأي العام الدولي حول عدالة القضية الصحراوية المتداولة بأجهزة الأمم المتحدة على أساس أنّها مسألة تصفية استعمار وتقرير مصير لابدّ من إجرائه.
ولم يرق للطغمة الفاسدة من الموظّفين الاستعماريين الجدد في باريس، عودة الجزائر إلى وهجها السّاطع في قارة إفريقيا، ونجاحها باقتدار في الظّفر بنيابة المفوضية التنفيذية العليا للإتحاد الإفريقي، وعضوية مجلس الأمن والسلم به، بأغلبية أصوات الدول الأعضاء بالمنظمة القارية، فأوعزوا إلى عملائهم وأبواقهم النّاعقة من وراء البحار إلى شنّ هجمة سيبرانية معنوية وتضليلية، استهدفت مؤسّسات الدولة واستقرارها، باءت كلها بالفشل نتيجة يقظة الإعلام الوطني، ووعي الشعب الجزائري والتفافه حول جيشه الوطني الشعبي.
وفيما تعلّق بزيارة وزيرة اليمين المتطرّف الأخيرة إلى الأراضي المحتلة بالجمهورية الصحراوية، اعتبرتها وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية استخفافا سافرا بالشرعية الدولية، وأمراً خطيرا للغاية يستدعي الشّجب والإدانة على أكثر من صعيد، مشدّدة على ضرورة دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التعجيل بتسوية نزاع الصحراء الغربية على أساس الاحترام الصّارم والصّادق للشرعية الدولية.

وعي إفريقي بعدالة القضية الصّحراوية

 وفي ظلّ هذه الظّروف، حظيت القضية الصحراوية بمزيد من الدعم خلال أشغال القمة 38 لرؤساء الدول وحكومات الإتحاد الإفريقي المنعقدة مؤخراً بأديس أبابا -إثيوبيا، في ضوء تصاعد أصوات الأفارقة الداعية إلى ضرورة استكمال تنفيذ مهام المينورسو، وإجراء استفتاء تقرير المصير لتمكين الشعب الصحراوي الشقيق من ممارسة حقه غير القابل للتصرف، وفق مقررات وقرارات الأمم المتحدة.
وأكّد رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في مداخلة ألقاها أمام المشاركين في مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، في دورته 38 بمقره في العاصمة أديس أبابا، أنّ الخرق المغربي السّافر لاتفاق وقف إطلاق النار وما انجرّ عنه، كفيل بإدخال المنطقة في مزيدٍ من التوتر، محذّراً من خطورة الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة شمال إفريقيا، وداعيا القادة الأفارقة إلى العمل لتجنب هذا الأمر.
وأشار غالي إلى أنّ النظام المغربي كقوّة احتلال لا يمكن له أن يكون صوتاً للسلم ولا للأمن في القارة، ما دام يحتل بلدا جارا له ودولة عضوا في الاتحاد الأفريقي، وينهب ثرواتها بصورة غير شرعية، مذكّرا القادة المجتمعين بكافة الأحكام الصادرة عن المحكمتين الإفريقية والأوروبية التي تصف “الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية” بالبلدين المنفصلين والمتمايزيْن، وما يقوم به الاحتلال المغربي وبعض الشركاء له في نهب خيرات الصحراء غير مشروع ولا مبرّر له، كما أن الشعب الصحراوي هو الوحيد الذي يجب أن يستفيد من هذه الموارد.
كما نبّه الرئيس إبراهيم غالي القادة الأفارقة في سياق كلامه، إلى ضرورة المساهمة في تكريس مبدأ السلم والأمن على قاعدة احترام الحدود الموروثة إبّان الاستعمار، مشيراً إلى أنّ الأوضاع الحالية آيلة لمزيد من التصعيد إذا لم يمتثل الاحتلال المغربي للقرارات الأممية التي تدعو لتمكين الصحراويين من حقهم الثابت وغير القابل للتصرف في الحرية وتقرير المصير.
وقد لاقت كلمة رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، أمام قادة دول وحكومات قمة الإتحاد الإفريقي، تجاوباً كبيراً لدى المشاركين والفاعلين في المؤتمر، لا سيما في أوساط القوى المؤثّرة والوازنة في القارة السمراء، الذين عبّروا عن دعمهم ومساندتهم للشعب الصحراوي، وقضيته العادلة في مسار جهود تصفية الإستعمار على أراضيه، حسبما يُدلي به ويُقرّه القانون الدولي.
وعقب نشر وتداول مداخلة إبراهيم غالي التاريخية، سجّلت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تفاعلاً واسعاً داعماً لنضال الشعب الصحراوي وكفاحه ضد الاحتلال المغربي، حيث وصفه كثير من صانعي المحتوى والمدوّنين والناشطين على مواقع الشبكة العنكبوتية بـ “الزّائل” لا محالة في ظلّ تعاظم الوعي الأفريقي والعالمي تُجاه المسألة، ورغبة القادة الأفارقة في حلّ سريع للنزاع عبر آليات الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي القاضية بإجراء تقرير المصير، وتثبيت حقّ الصحراويين في الحرية والاستقلال على غرار باقي شعوب العالم التي طالتها آفة الاستعمار وتحرّرت لاحقاً.
وبناءً على هذا المُعطى، توقّع متابعون انعكاس فوز السفيرة الجزائرية سلمى مليكة حدادي بمنصب نائب رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي، بالقمة 38 لرؤساء دول وحكومات أفريقيا، بشكل جدّ إيجابي على مسار تسوية القضية الصحراوية وباقي ملفات القارة السّمراء.
فضلاً عن ذلك، سيُساهم اكتساح الجزائر لانتخابات عضوية مجلس الأمن والسلم الإفريقي، على حساب المخزن خاسر الرهان، بتصويت أغلبية دول القارة، في معالجة أسرع للمسألة ذاتها وفق منظور الأمم المتحدة وقرارات أجهزتها الأممية، الذي أيّده وأوضحه أكثر تنصيف اللجنة الرابعة للأمم المتحدة للقضية الصحراوية كقضية تصفية استعمار وجب إنهاؤه فوراً بالأطر الشرعية القانونية الدولية.
هذا وشهدت أشغال القمّة 38 لرؤساء الدول وحكومات الإتحاد الإفريقي بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، حوارات ونقاشات بنّاءة بمشاركة أغلب القادة الأفارقة، تقدمهم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وكان شعارها “العدالة للأفارقة والأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات”، مع تحديد أولويات إفريقيا لعام 2025 وما بعده، وآليات تنفيذ أجندة 2063.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025
العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025