يشن حملة عنصرية وكراهية واسعة ويرفض الحقيقية التاريخية

الفكر الاستعماري يكبّد فرنسـا خسارة كبرى مع الجزائر المنتصرة

علي مجالدي

سيادة جزائرية ترفض جهرا بلادة الإملاءات والضغوطات والمساومات الفرنسية التعيسة

 جدّدت الجزائر موقفها الرافض لأي شكل من أشكال الإملاءات السياسية التي تحاول فرنسا فرضها، مؤكّدة أنّ السيادة الوطنية ومصالح جاليتنا بالخارج ليست محلاًّ للمساومة أو التوظيف كأداة ضغط. وجاء الرّد الجزائري حازمًا تجاه أي محاولات تهدف إلى الإضرار بالجالية الجزائرية أو استخدامها كورقة سياسية.

 شدّدت الجزائر على الاتفاقيات الثنائية بينها وبين فرنسا تحمل طابعًا قانونيًا وإجرائيًا ملزمًا للطرفين، ولا يمكن مراجعتها عبر تصريحات إعلامية أو ضغوط سياسية، بل عبر احترام متبادل وآليات تفاوضية تبتعد عن التسييس والتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
لا شك في أنّ فرنسا تسعى إلى استخدام اليمين المتطرّف كأداة للضغط على الجزائر، في محاولة لتقليل خسائرها الاقتصادية. فقد تراجعت فرنسا من موقعها كالشريك الاقتصادي الأول للجزائر على مدار العقود الماضية، سواء في مجال الواردات أو الاستثمار الأجنبي، لتصبح شريكًا ثانويًا غير مؤثر في الاقتصاد الجزائري. ويعود هذا التراجع إلى السياسة الجديدة التي تبنّتها الجزائر، والتي ترفض منطق التبعية الاقتصادية وتؤكّد على الاستقلالية. وعلى الرغم من أنّ الجزائر لم تفرض أي قيود على التبادلات التجارية مع فرنسا، إلّا أنّ الأخيرة تراجعت من المرتبة الأولى كأكبر مورد للجزائر. ويشير العديد من المراقبين إلى أنّ الجزائر، رغم الخلافات السياسية مع باريس، حافظت على انفتاحها التجاري ولم تفرض أي عوائق أمام التبادلات الاقتصادية بين البلدين.
وفي هذا السياق، يوضّح الدكتور بوخاري عبد العزيز، أستاذ الاقتصاد الدولي في تصريح لـ «الشّعب»، أنّ باريس تدرك جيدًا أنها فقدت موقعها المتميّز في السوق الجزائرية، وهو ما يُعد ضربة قوية لها، خاصة وأنّ الجزائر تمثّل واحدة من أهم الأسواق في إفريقيا. كما أن فرنسا لم تعد تحظى بأي دور بارز في المشاريع الإستراتيجية الكبرى التي أطلقتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة، إذ تم إنجاز محطات تحلية مياه البحر بأيدٍ جزائرية، كما تم إسناد مشاريع ضخمة، مثل استثمار منجم غار جبيلات وتطوير شبكة السكة الحديدية، إلى شركاء جدد بعيدًا عن فرنسا، وهذا ما لم تتقبله باريس.
كما لم يقتصر التراجع الفرنسي على قطاع الصناعة والتعدين فحسب، بل امتد إلى قطاع الطاقة، حيث لم تتمكّن الشركات الفرنسية من الفوز بأي عقود استكشاف جديدة أطلقتها «سوناطراك» مؤخّرا من أجل تعزيز إنتاج المحروقات في الجزائر، حيث عقدت الجزائر شراكات مع شركات أمريكية وإسبانية.
كما أنّ قطاع الفلاحة شهد دخول الاستثمارات الإيطالية بقوة، مع مشاريع ضخمة تجاوزت قيمتها 500 مليون دولار، إلى جانب شراكات جزائرية - أمريكية في تصنيع توربينات الغاز في باتنة منذ سنة 2014، فاقت قيمة الصادرات فيها 300 مليون دولار سنويا بالشراكة مع مجمع «سونلغاز»، ويعكس هذا التحول الاستراتيجي رؤية الجزائر الجديدة القائمة على الشراكة المتوازنة التي تحقّق قيمة مضافة للطرفين، بدلاً من نموذج التبعية الذي حاولت فرنسا تكريسه لعقود.
ويرى العديد من المراقبين أنّ الإرث التاريخي من العوائق الأساسية أمام تحسين العلاقات الجزائرية - الفرنسية، حيث لا تزال باريس تتجاهل المطالب الجزائرية المتعلقة بالاعتراف بجرائم الاستعمار والتعويض عنها، ويضيف الدكتور بوخاري، أننا كجزائريّين مستعدون لطي صفحة الماضي دون تمزيقها، وتطبيع العلاقات لا يكون على حساب الحقيقة التاريخية، فالاعتراف بالجرائم والتعويض العادل يشكلان حجر الأساس لأي علاقة مستقبلية قائمة على الاحترام المتبادل. وبدون ذلك، ستظل العلاقات الجزائرية - الفرنسية أسيرة التوترات السياسية والاقتصادية، في ظل إصرار الجزائر على بناء نموذج اقتصادي سيادي بعيدًا عن منطق التبعية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025
العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025