استقطبت البلدان الإفريقية بمعارض اقتصادية مهمّة

الجزائـر تكثّـف تواصلها التّجـاري مع إفريقيـا

فايــــزة بلعريبــــي

 تشهد العلاقات التجارية البينية بين الجزائر والدول الإفريقية تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، مدفوعة بإرادة سياسية قوية لتعزيز الاندماج القاري وتفعيل اتفاقيات التعاون والتكامل الاقتصادي. وتحرص الجزائر على لعب دور ريادي في دعم الشراكات الاستراتيجية، من خلال مبادرات ملموسة تشمل تنظيم المعارض الاقتصادية، تشجيع الاستثمار، وتعزيز التجارة الحرّة.

وانطلاقًا من قناعة راسخة لدى السلطات العمومية بالانتماء الطبيعي والتاريخي للجزائر إلى الفضاء الإفريقي، كثّفت الدولة جهودها لدعم خطط التنمية الشاملة والمستدامة في القارة، بما يعزّز السيادة الاقتصادية لدولها.
وسعت الجزائر إلى توسيع نطاق التعاون البيني من خلال تنظيم فعاليات ومعارض اقتصادية متخصّصة، شملت مختلف القطاعات الحيوية، لا سيما المؤسّسات الناشئة، والرّقمنة، وغيرها من المجالات التي تشهد حضورًا متزايدًا للشركات الإفريقية، كان آخرها «المعرض الإفريقي للأعمال». وفي هذا الإطار، تستعد الجزائر لاحتضان أكبر معرض إفريقي للتجارة البينية في سبتمبر المقبل، وسط توقّعات بتوقيع اتفاقيات تجارية تفوق قيمتها 40 مليار دولار. وقد أُعطيت التعليمات لتوفير كافة التسهيلات للدول الإفريقية المشاركة.
وفي تعليقه على هذا التوجّه، أوضح البروفيسور فارس هباش، الخبير في الاقتصاديات الحكومية، أنّ رغبة الجزائر في تعزيز التبادلات الاقتصادية مع القارة تجسّدت بوضوح من خلال إعلان رئيس الجمهورية تخصيص مساهمة مالية قدرها مليار دولار لدعم تنمية إفريقيا، إلى جانب ضخّ 36 ألف سهم إضافي في بنك التنمية الإفريقي.
وأكّد هباش أنّ توسيع رقعة المبادلات التجارية الإفريقية ووضع التعاون البيني على رأس الأولويات، ينعكس في الحركية الكبيرة التي تشهدها الساحة الاقتصادية، بدءًا من تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرّة القارية، إلى فتح المعابر الحدودية، ما يتيح للمنتجات الجزائرية النفاذ إلى عمق الأسواق الإفريقية، التي تُعد من بين الأهم استهلاكيًا في العالم.
وأشار المتحدّث إلى أنّ هذا التوجّه يأتي في إطار ديناميكية التغيير التي أطلقها رئيس الجمهورية منذ سنة 2020، من خلال إصلاحات قانونية وتنظيمية أرست أرضية استثمارية جاذبة وآمنة، أبرزها قانون الاستثمار 18/22، الذي يُعد من بين أكثر القوانين شفافية وفعالية منذ صدور أول قانون للاستثمار في الجزائر عام 1963، حيث لا يُفرّق القانون بين المستثمر المحلي والأجنبي، ولا بين القطاعين العام والخاص، بل يعتمد على مدى القيمة المضافة للمشروع على الاقتصاد الوطني.
ومنذ دخول هذا القانون حيّز التنفيذ في نوفمبر 2022 وحتى مارس 2025، تم تسجيل أكثر من 13، 700 مشروع استثماري، ما يشكّل مؤشّرًا واضحًا على نجاح استراتيجية الدولة الاقتصادية، والتي أسهمت في خلق عشرات الآلاف من مناصب الشغل. ويُضاف إلى ذلك القانون 15/22 المتعلّق بإنشاء المناطق الحرّة، كخطوة تكمل التوجّه نحو الانفتاح على السوق الإفريقية.
وفي لقائه الأخير مع المتعاملين الاقتصاديّين منتصف الشهر الماضي، دعا رئيس الجمهورية إلى الانخراط في النموذج الاقتصادي الجديد، المبني على تنويع مصادر الدّخل وخلق مؤسّسات إنتاجية واستثمارات منتجة للثروة ومناصب الشغل، بما يضمن تنمية اقتصادية مستدامة.
وفي السياق ذاته، ثمّن هباش المجهودات الكبيرة المبذولة من طرف السلطات العمومية في محاربة البيروقراطية، مشيرًا إلى أنّ رئيس الجمهورية أعلن صراحة الحرب على كافة الممارسات الإدارية المعرقلة للتنمية، مؤكّدًا أنّ الدولة ستلجأ إلى تطبيق القانون بصرامة ضد كل من يحاول تعطيل المسار التنموي أو التورّط في الفساد الاقتصادي، مهما كان موقعه.
وختم هباش تصريحه بالتأكيد على أنّ الدعم السياسي والضمانات التي منحها رئيس الجمهورية للمتعاملين الاقتصاديّين، شكّلت حافزًا قويًا لتحرير الطاقات وتشجيع المبادرة، خصوصًا لدى الشباب الجزائري، الذي أثبت كفاءته وقدرته على الابتكار في مختلف المجالات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025
العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025