رغبة مشتركة وإرادة فولاذيـة للإسهام بفعالية في بناء عالم أكثر عـدلا واستقرارا

الجزائر - سلوفينيا.. صوت واحد ينتصر لحرية وحقوق الشعوب

زهراء.ب

جهـود ثنائيـة مشرّفة في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين

تنسيـق جاد واستباقـي في القضايا الإقليميـة والدوليـة

تعززت العلاقات الجزائرية- السلوفينية في السنوات الأخيرة، بشكل لافت يجسد إرادة سياسية مشتركة لقيادتي البلدين في تعزيز الشراكة الثنائية وتنسيق الجهود في المحافل الدولية، لاسيما في مجلس الأمن الدولي، حيث يشغل البلدان عضوية غير دائمة منذ بداية 2024. هذا التقارب اللافت، تكرس خلال سلسلة من الزيارات والمشاورات رفيعة المستوى، رسمت رؤية مشتركة للبلدين ترتكز على احترام القانون الدولي، والدفاع بصوت واحد عن مبادئ القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها، والسعي نحو إحلال السلام والعدل في العالم.

 عرفت العلاقات بين الجزائر وسلوفينيا دفعة قوية من نوفمبر 2023 إلى غاية اليوم، تميزت بتبادل الزيارات رفيعة المستوى التي أرست أسسا متينة لتعاون ثنائي معمق، لم يقتصر على الجوانب الدبلوماسية والاقتصادية، بل شمل تطابقا لافتا في وجهات النظر تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وشكلت زيارات وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، إلى لوبليانا في نوفمبر 2023، وأوت 2024، وزيارة الوزير الأول السلوفيني، روبرت غولوب، إلى الجزائر في ماي 2024، محطتين هامتين تم خلالهما التأكيد على الالتزام المشترك بدفع العلاقات قدما وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت قطاعات حيوية، واعتماد خطة عمل تحدد أولويات التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة، وكذا الاتفاق على التنسيق البيني لتقديم إضافة نوعية لعمل مجلس الأمن المطالب بالاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة به في خضم التطورات الخطيرة التي تشهدها الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذا اتساع وتفاقم الأزمات والصراعات في القارة الإفريقية، وبالخصوص في منطقة الساحل الصحراوي.
وظهر التقارب الجزائري السلوفيني بوضوح، في تطابق وجهات النظر حول العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، خلال زيارة رئيس الوزراء السلوفيني روبرت غولوب، إلى الجزائر في ماي 2024، حيث أجرى محادثات مهمة مع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تم التأكيد على أن «سلوفينيا تتفق مع الجزائر حول حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها، سواء بالنسبة لفلسطين أو الصحراء الغربية».
وأشار غولوب إلى تطابق وجهات النظر الجزائرية السلوفينية، حول الحق في الحرية وتقرير مصير الشعوب والأمم المكافحة من أجل نيل استقلالها».
هذا الموقف المبدئي تم التأكيد عليه في البيان المشترك الصادر في أوت 2024، خلال زيارة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، إلى سلوفينيا، تلبية لدعوة نظيرته السلوفينية تانيا فايون، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، حيث توجت زيارته بتفعيل تبادل التمثيل الدبلوماسي عن طريق افتتاح سفارتين في عاصمتي البلدين، وهو القرار الاستراتيجي الذي رحب به الطرفان في بيان مشترك، وترجم رغبة متبادلة في الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى وأكثر استدامة. وقد أكد البيان المشترك، العلاقات الممتازة بين سلوفينيا والجزائر والتزامهما باستكشاف سبل جديدة للتعاون بالنفع على البلدين.
وشكل انضمام الجزائر وسلوفينيا كعضوين غير دائمين إلى مجلس الأمن الدولي منذ جانفي 2024، منصة هامة لتعميق التنسيق والعمل المشترك حول القضايا المدرجة على جدول أعمال المجلس، ظهرت بوادر هذا التنسيق حتى قبل انضمامهما الرسمي، حيث عمقت زيارة الوزير عطاف إلى سلوفينيا في نوفمبر 2023 التشاور السياسي حول القضايا الإقليمية والدولية، وكذا العديد من المسائل الأخرى المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن.
وأشاد البيان المشترك الصادر خلال زيارة أوت 2024، بـ «التنسيق بين وفدي بلديهما في مجلس الأمن، ولا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية». وقد أكد الوزيران أنهما «كعضوين غير دائمين في مجلس الأمن الدولي، يدركان أهمية الجهود المشتركة في الحفاظ على السلام والأمن، وخلال فترة ولايتينا، سنواصل العمل معا بشكل وثيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». ودعا الوزيران بإلحاح إلى الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، والانسحاب الكامل للقوات الصهيونية من قطاع غزة، ووصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل آمن ودون عوائق، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. كما دعيا إلى «اتخاذ خطوات ذات مصداقية نحو حل دائم للصراع، على أساس حل الدولتين».
أما فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، فقد أكد البيان المشترك «تأييد سلوفينيا والجزائر منذ زمن طويل، لمسار الأمم المتحدة بما في ذلك المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وبعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية «المينورسو»، بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ومستدام ومقبول من الطرفين، يقوم على التفاهم الذي يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، طبقا لكل لوائح الجمعية العامة، ومجلس الأمن بخصوص الصحراء الغربية، والمبادئ والأهداف التي جاء بها ميثاق الأمم المتحدة».
واتفق البلدان على «ضرورة حل المسألة بالوسائل السلمية والدبلوماسية على أساس القانون الدولي».
ولم يغفل البيان المشترك عن الأزمة في أوكرانيا، حيث أعرب الوزيران عن «قلقهما العميق إزاء الحرب في أوكرانيا التي لاتزال تتسبب في معاناة إنسانية هائلة وموت ودمار». وشددا على «الحاجة إلى سلام عادل ودائم بما يتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي». هذا التوافق في الرؤى، يعكس التزام البلدين بمبادئ الشرعية الدولية والسعي نحو حلول سلمية للنزاعات، وهو ما يعزز من دورهما كفاعلين بناءين على الساحة الدولية.
وتعزز هذا التوجه خلال زيارة رئيسة الجمعية الوطنية السلوفينية للجزائر في سبتمبر 2024، التي أكدت أن البلدين «لديهما عمل مشترك قوي، خاصة بعد حصولهما على مقعدين بمجلس الأمن الدولي»، وأنهما «يناضلان من أجل نفس القيم ويدعمان بعضهما على مستوى الهيئات الأممية». وشددت على ضرورة أن «نبقى حازمين وأقوياء في نضالنا من أجل احترام القانون الدولي وسنكون صوت المظلومين الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم».
وأضافت، أن الجزائر وسلوفينيا «سيعملان معا بشأن جميع المسائل المطروحة ومن أجل أن يكون لديهما صوت قوي في إحلال السلم عبر العالم». وتجسد هذا التنسيق بشكل عملي في أكتوبر 2024، عندما عقد مجلس الأمن الدولي، «بطلب من الجزائر وسلوفينيا»، جلسة إحاطة ومشاورات مغلقة حول الوضع الإنساني في قطاع غزة، في تحرك مشترك يعكس جدية البلدين في تفعيل عضويتهما في المجلس للدفاع عن القضايا العادلة والتخفيف من المعاناة الإنسانية.
واستمر التأكيد على هذا التنسيق خلال لقاء الوزير الأول نذير العرباوي بسفيرة سلوفينيا في جانفي 2025، حيث تم «التأكيد على مواصلة التنسيق المشترك في إطار عضويتهما غير الدائمة بمجلس الأمن حول مختلف القضايا المطروحة على جدول أعمال المجلس الأممي».  وشكلت زيارة الوفد البرلماني السلوفيني للجزائر في الشهر نفسه، فرصة لـ»استعراض سبل التعاون بين البلدين في مجال السلم والأمن الدوليين، مع التأكيد على مواصلة العمل المشترك في إطار عضويتهما غير الدائمة بمجلس الأمن».
ويبرهن هذا التنسيق الوثيق في أهم هيئة أممية معنية بالسلم والأمن الدوليين، على عمق التقارب الاستراتيجي بين الجزائر وسلوفينيا، ورغبتهما المشتركة في المساهمة بفعالية في بناء عالم أكثر عدلا واستقرارا، ويجعلهما قوة مؤثرة تسعى لإعلاء صوت العقل والعدل في عالم يموج بالتحديات والأزمات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19771

العدد 19771

الثلاثاء 13 ماي 2025
العدد 19770

العدد 19770

الإثنين 12 ماي 2025
العدد 19769

العدد 19769

الأحد 11 ماي 2025
العدد 19768

العدد 19768

السبت 10 ماي 2025