سـوق الأضاحـي تمنـح المواطنين أريحية كبيرة فـي الاختيار

أضحى 2025.. خيـارات متعـدّدة و”الزبـون مـلك”

خالدة بن تركي

 قـرار استـيراد مليون أضحية..ضبط الأسعار وحمايـة السّلالات المحليـة

 تسقيف سعر الأضحية بـ 40 ألف دينار.. قرار مدروس 

665 نقطة بيع رسمية وتغطية بيطرية مشدّدة لتأمين الأضاحي

 تتواصل عملية بيع الأغنام المستوردة، بالموازاة مع تواصل عملية استيراد الأغنام من رومانيا وإسبانيا تحسبا لعيد الأضحى، التي تأتي تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خطوة تساهم في توفير الأضاحي بكميات كافية والمحافظة على استقرار الأسعار.

 تشهد نقاط بيع الكباش المستوردة إقبالا واسعا من قبل المواطنين، الذين عبّروا عن ارتياحهم الكبير لهذا الإجراء، معتبرين أن قرار رئيس الجمهورية القاضي بالسماح باستيراد الكباش تحسبا لعيد الأضحى، مكّنهم من اقتناء الأضاحي.
وأكّد العديد من المواطنين أن الأسعار المعروضة في متناول الجميع مقارنة بالسنوات الماضية، ممّا أتاح لشرائح واسعة من المواطنين اقتناء الأضاحي دون إثقال كاهلها من ناحية السعر، كما أشادوا بجودة الكباش المستوردة وتنظيم نقاط البيع، ما ساهم في خلق أجواء من الطمأنينة قبيل حلول العيد.
نقاط بيع الكباش المستوردة موزّعة بشكل واسع في مختلف البلديات والولايات، حيث يتم بيعها في الأسواق الجوارية وفي بعض البلديات يتم تخصيص أماكن معينة لبيعها بشكل منظم، وهذا بالتنسيق مع وزارة التجارة لضمان وصولها إلى جميع المواطنين ودون استثناء.
وتباع بيع الكباش المستوردة بالموازاة مع بيع المواشي المحلية، حيث تبقى هذه الأخيرة معروضة ومتاحة أمام المواطنين وفي جميع ربوع الوطن، وتستمر عملية البيع طيلة شهر ماي، ممّا يمنح الجميع فرصة للاختيار والشراء حسب رغبتهم.
في المقابل، لوحظ هذه السنة تحسّنا كبيرا في تنظيم أماكن بيع المواشي المحلية، حيث أصبحت أكثر نظافة وترتيبا مما سهل على المواطنين الوصول إليها، هذا التنظيم ساعد الناس على شراء المواشي بسهولة وزاد من ثقتهم في السوق الوطنية، التي تخضع اليوم إلى متابعة ومراقبة صارمة.


665 نقطــة بيـــع

تمّ إحصاء حوالي 665 نقطة بيع الأضاحي معتمدة موزعة عبر كامل التراب الوطني، ما يضمن تغطية واسعة وسهولة الوصول للمواطنين، أما بالنسبة للكباش المستوردة، فتعرض للبيع في الأسواق الجوارية بالتنسيق مع وزارتي التجارة والفلاحة، ضمن مخطط محلي يحدد بدقة مواقع البيع في كل ولاية.
وتأكيدا على ضمان سلامة الأضاحي وجودتها، تخضع الكباش المستوردة لفحوصات بيطرية دقيقة قبل طرحها في الأسواق، وذلك للتأكد من مطابقتها للمعايير الصحية المعتمدة، وفي هذا الإطار، تم تخصيص 2500 بيطري للقيام بعمليات التغطية الصحية على مستوى نقاط بيع الكباش المحلية أو المستوردة لمراقبتها وتتبع وضعها الصحي، بما يضمن توفير أضاح سليمة وآمنة للمستهلكين خلال فترة العيد.

خطــوة تضامنيــة

 في السياق، قال نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لمربي المواشي إبراهيم عمراني في تصريح لـ “الشعب”، إنّ عملية بيع المواشي المستوردة خطوة تضامنية هامة من طرف الدولة، جاءت لتلبية حاجيات المواطنين خلال عيد الأضحى، إذ تم توفير الأضاحي بأسعار مدروسة وفي متناول شرائح واسعة من المواطنين، في ظل التراجع النسبي في عدد رؤوس الماشية هذا العام.
وفيما يخص نقاط البيع الخاصة بالماشية المحلية، فإنها تتميز بحركية ملحوظة في الأسواق، حيث تمكن المربون من عرض خرفانهم وبيعها مباشرة، مع تسجيل اهتمام متزايد بالمنتوج الوطني الذي حافظ على جودته رغم محدودية العرض، كما شهدت الأسعار انخفاضا نسبيا مقارنة بالسنة الماضية، بنسبة تراوحت بين 15 و20 بالمائة، لكنها تبقى أعلى من أسعار المستوردة.
كما ساعد تنظيم الأسواق هذا العام على تسهيل البيع والشراء، حيث وفرت أماكن مناسبة لعرض الماشية، مما جعل العملية أكثر راحة للمربين والمشترين، هذا التنظيم شجع الناس أكثر على شراء الكباش المحلية، خاصة أنها معروفة بجودتها وتربيتها الطبيعية، لكن في المقابل هذا لم يمنع المواطنين من التوجه إلى نقاط بيت الكباش المستوردة التي تعرف إقبالا كبيرا نتيجة الطلب.
وأوضح ابراهيم عمراني، أمام المواطن حرية الاختيار بين الخروف المحلي المعروف بجودته العالية، لاسيما سلالة “السوداء”، وبين الخروف المستورد الذي يبقى في متناول الأغلبية من حيث السعر، كما أنّ تحسّن المراعي هذا الموسم بفضل التساقطات المطرية ساهم في رفع جودة القطيع الوطني.
كما أشار إلى أن هذا التنوع في العرض يمنح المواطن فرصة للتوفيق بين الجودة والسعر حسب إمكانياته، حيث يمكن لمن يفضّل الجودة العالية أن يختار الخروف المحلي، خاصة سلالة “السوداء” التي تعرف بطراوتها ومذاقها المميز، في حين يمكن لمن يفضل الأسعار المعقولة، أن يتجه نحو الخروف المستورد الذي يبقى خيارا اقتصاديا مناسبا للكثير من المواطنين.
وأكّدت الفدرالية الوطنية لمربي المواشي، أنها تبقى منفتحة على كل المبادرات التي تحقق التوازن بين حماية المنتج المحلي وتلبية حاجيات المواطن، مع التأكيد على ضرورة دعم الفلاحين والموالين كخطوة أساسية نحو تعزيز الأمن الغذائي الوطني.

تغطيــة صحيــة

 من جانبه، أكّد رئيس الفضاء البيطري الجزائري الدكتور سعادة بن دنيا، أنّ التحضيرات الخاصة بعيد الأضحى تجري على قدم وساق، مشيرا إلى الجهود المبذولة لتوسيع نقاط البيع على مستوى مختلف ولايات الوطن، مع الحرص التام على ضمان التغطية الصحية اللازمة لرؤوس الأغنام.
وتعمل الجهات المختصة بالتنسيق مع الأطباء البيطريين والمربين على توسيع نقاط بيع الأضاحي الرسمية، وتوفير تغطية بيطرية فعالة لضمان سلامة الأضاحي وجودتها، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، ورغم بعض التحديات، فإن عدد الأغنام المتوفرة يعتبر كافيا لتلبية الطلب، فيما تبذل جهود حثيثة لمنع الاحتكار وتنظيم الأسواق بشكل يحمي المستهلك.
بدورها الدكتورة البيطرية نجوى بن سالم قالت “في إطار المتابعة الصحية للماشية وتحضيرا لعيد الأضحى، قمنا بالتنسيق مع مصالح مديرية الفلاحة، بزيارات ميدانية لمواقع الحجر الخاصة بالكباش، وقد تم جلب رؤوس الماشية إلى أماكن مخصصة للمعاينة من طرف الفريق البيطري، حيث وقفنا على الحالة الصحية لها وسجلنا عددا من الملاحظات الهامة”.
ولعل أبرز الملاحظات ـ حسبها ـ أن الكباش المستوردة في صحة جيدة، ولم تسجل عليها أي علامات لأمراض أو مشاكل صحية، وأوضحت أن الفريق البيطري قام بمعاينات دورية أكدت أن الوضع مطمئن، وأن هذه الكباش جاهزة للبيع بمناسبة عيد الأضحى، كما أكدت أن المراقبة الصحية ستستمر بشكل منتظم لضمان بقاء الماشية في حالة جيدة حتى موعد العيد.
في المقابل، شدّدت الطبيبة على ضرورة تجنب تقديم الحشيش أو ما يعرف “بالعلف” بشكل عشوائي، خاصة إذا لم يكن الحيوان معتادا عليه، لما لذلك من خطر على صحته.
وأكّدت حرص البياطرة على ضمان التغطية الصحية اللازمة، والسعي دائما لإعطاء النصائح التي تضمن سلامة الأضاحي وصحة المستهلك، مشيرة إلى أن التغذية الجيدة وظروف التربية المناسبة هي أساس أضحية سليمة وآمنة، وهو ما يعمل الناشطين في هذا المجال على تحقيقه
وتمّ توزيع استقبال السفن التي تنقل الكباش عبر عدة موانئ على المستوى الوطني، في الشرق والوسط والغرب، وتواصل الجزائر في استقبال بواخر محملة بالأغنام، حيث تتم هذه العمليات بحضور الجهات المختصة، بما في ذلك البياطرة والمسؤولين لتخضع المواشي مباشرة بعد وصولها إلى الحجر الصحي لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 أيام، للتأكد من سلامتها قبل تسويقها.
كما يتم فحص الأغنام بدقة من قبل الأطباء البيطريين للتأكد من خلوها من أي أمراض، ويتم أخذ عينات لتحليلها إذا لزم الأمر، وتسجّل كل الأغنام في سجلات خاصة لمعرفة مصدرها وضمان تتبعها، وهو ما يساعد على طمأنة المواطنين بشأن سلامة اللحوم التي توجه للمواطنين.
أما بشأن سعرها، فالدولة بذلت جهدا لأجل تحديد سعر الخروف بـ 40 ألف دينار، وهو سعر مدروس يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن، مع إعطاء الأولوية للفئات الهشة وذوي الدخل الضعيف أو غير المنتظم، عبر قوائم تسجيل محلية على مستوى البلديات.
من جهة أخرى، تم إصدار تعليمات صارمة بخصوص طريقة تغذية هذه الماشية بعد وصولها، من خلال توفير الأعلاف الملائمة المطابقة لما كانت تتغذى عليه في بلدان المنشأ، لتجنب أي تأثير سلبي على صحتها بسبب اختلاف نظام التغذية أو ظروف النقل.
وعند الذبح، توجد توصيات خاصة حسب نوع الخروف، فبالنسبة للخروف الإسباني لا يختلف كثيرا عن الخروف الجزائري من حيث الجودة، ويمكنه المرور بمرحلة التشفيف بشكل عادي، أما الخروف الروماني، فيحتوي على نسب أعلى من الدهون والمياه، ولهذا ينصح بتبريده مباشرة بعد الذبح، وتجنب تعريضه للحرارة أو تركه في الهواء الطلق.

استيراد مـدروس

 من جهته، قال الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة في تصريح لـ “الشعب”، إن هذه العملية  تندرج في إطار تمكين المواطنين من أداء شعيرة الأضحية، وهي ترمي الى استيراد مليون رأس من الماشية، وذلك استجابة للطلب الوطني وتخفيفا للضغط على السلالات المحلية.
ويرى المتحدث أن العملية تهدف إلى توفير الأضاحي بأسعار مقبولة، وفتح المجال لإعادة إحياء السلالات الوطنية الأصيلة، وقد تم اختيار بلدين كمصدرين للماشية، إسبانيا ورومانيا فقط، بناء على تطابق دفتر الشروط مع المعايير الصحية والبيطرية المعمول بها في الجزائر.
وتجدر الإشارة يقول - الخبير الفلاحي - إلى أن قرار الاستيراد جاء عقب إحصاء دقيق أجرته وزارة الفلاحة، وبين أن عدد رؤوس الأغنام المتوفرة محليا لا يتعدى 17 مليون رأس، وهو رقم أقل بكثير من الأرقام السابقة التي كانت تقدر بـ 39 مليون رأس.
ومن هذا المنطلق، بات من الضروري التفكير الجدي في إعادة إحياء السلالات المحلية وتطويرها، على غرار سلالة “ولد جلال” وسلالة “الحمرا”، المعروفتين بجودتهما العالية، بدلا من الاعتماد المستمر على الاستيراد، خاصة وأن الجزائر تملك إمكانات كبيرة في تربية المواشي، وينبغي تعزيز هذه الإمكانات من خلال الدعم التقني وتوفير الأعلاف اللازمة والاعتناء بالسلالات الوطنية

ضبـط السّــوق

 أشاد نائب رئيس الفيدرالية الجزائرية للمستهلك لعبيدي محمد، بقرار الدولة القاضي باستيراد الأضاحي، واعتبره خطوة إيجابية جاءت في الوقت المناسب، وقال إن هذه المبادرة ستساعد في كسر الاحتكار، وتخفيف الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي هذا العام، والذي وصفه بأنه غير مبرر.
وأضاف أن تدخل الدولة يظهر الاهتمام الذي توليه الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال توفير البديل لتمكينهم من أداء الأضحية دون أعباء مالية تثقل كاهلهم، وأكد أن الفيدرالية تتابع تنفيذ هذه العملية باهتمام، وتدعو إلى تشديد الرقابة على الأسواق لضمان وصول الأضاحي المستوردة بأسعار مناسبة لجميع الفئات.
وقال المتحدث إنّ تحديد سعر الأضحية المستوردة بـ 40 ألف دينار هو قرار مدروس من الدولة، وجاء بعد دراسة دقيقة لتكاليف الاستيراد، مثل الشراء والنقل والرسوم، وأضاف أن هذا القرار يهدف إلى ضبط السوق، ومنع المضاربة، وحماية القدرة الشرائية للمواطن، خاصة مع ارتفاع الطلب في فترة العيد.
وأكّد لعبيدي محمد أنّ قرار استيراد الأضاحي يهدف لتخفيف العبء عن المواطنين ومواجهة غلاء الأسعار، هذا القرار يعكس حرص الدولة على حماية القدرة الشرائية وتوفير الأضاحي بسعر مناسب. ومع استمرار العملية، من المهم تنظيم نقاط البيع ومراقبة السوق لضمان وصول الأضاحي للجميع بسهولة، ومنع أي استغلال أو فوضى.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19781

العدد 19781

الأحد 25 ماي 2025
العدد19780

العدد19780

السبت 24 ماي 2025
العدد 19779

العدد 19779

الخميس 22 ماي 2025
العدد 19778

العدد 19778

الأربعاء 21 ماي 2025