اليمين المتطرّف يستهدف الجالية بحملات عنصرية ويعجز عن تحمل مسؤولية أفعاله
يحاول وزراء اليمين المتطرف التملص من مسؤولياتهم إزاء تأزيم وتسميم العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، ولعب دور الضحية بإلصاق تهم باطلة بالجزائر، واتهامها بتعقيد الأمور واتخاذ قرارات وصفها وزير الخارجية جون نويل بارو بالقاسية، خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الإفريقي- الاتحاد الأوروبي، بعد معاملة الجزائر دبلوماسيين فرنسيين بالمثل، كرد فعل على إلغاء فرنسا إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة.
حذر وزير خارجية فرنسا جون نويل بارو، من سلوكات وزير الداخلية برونو روتايو إزاء الجالية الجزائرية في فرنسا، التي تهدد بتحويل الأزمة بين البلدين إلى أزمة داخلية. ومما يؤكد هذه التحذيرات هو ما أقدم عليه روتايو، بحسب تقارير إعلامية فرنسية، بتسريب تقرير لوسائل الإعلام يتحدث عن تحذير من وصول ما سماه «تنظيم الإخوان المسلمين» والإسلام السياسي، إلى السلطة في المديين القصير والمتوسط. وقد استدعى التقرير اجتماعا برئاسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى غضبه من هذا التسريب الإعلامي، بحسب وسائل إعلام فرنسية.
هدف متجدد
ورغم أن التقرير يتناول الجالية المسلمة والإسلام السياسي، بشكل عام، إلا أن خلفية روتايو المعروفة تجاه الجزائر، لا تستبعد أنه يستهدف -بشكل مبطن- الجالية الجزائرية بالدرجة الأولى، على اعتبار أنها أكبر الجاليات، بفعل العلاقات التاريخية الممتدة.
وتشكل خطوة روتايو هذه، تهديدا للنسيج الاجتماعي الفرنسي، بحسب مراقبين فرنسيين، خاصة وأن نسبة كبيرة من الجالية الجزائرية هناك تحمل الجنسية الفرنسية، أي أنهم مواطنون فرنسيون، طبقا للقوانين الفرنسية، وبالتالي استهداف جزء من المجتمع الفرنسي.
وتدفع سلوكات روتايو إلى توسيع دائرة عدائه للأجانب، بسبب خطاب الكراهية الذي مافتئ يردده منذ توليه منصبه، وفتح بشأنه نقاشات حادة حول الهوية الوطنية والهجرة، استهدفت بالدرجة الأولى الجالية والمهاجرين الجزائريين، ثم الجالية المسلمة عموما، وتعريضهما للخطر، وليست حوادث الاعتداء على جزائريين هناك وحادثة قتل الشاب المسلم أبوبكر سيسيه داخل مسجد في مدينة لاغراند كومب بفرنسا على يد مواطن فرنسي، إلا دليلا على هذا التوجه، ما حدا بفاعلين داخليين إلى اتهامه، أي روتايو، بتغذية معاداة الأجانب والإسلاموفوبيا.
انفراج مستبعد
في هذه الأثناء، لا تلوح أية بوادر انفراج للأزمة في العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، والتي يقف وراءها اليمين المتطرف، وعلى رأسه الوزير اللاهث خلف السلطة، الذي يخرج في كل مرة ورقة الجزائر لصرف الأنظار عن تهالك الأوضاع الداخلية، وفشله في تحقيق استتباب الأمن، محاولا بذلك رفع أسهمه السياسية بعد إفلاسه، فمن التهديد بإلغاء اتفاقيات الهجرة للعام 1968، إلى ترحيل رعايا جزائريين لحرمانهم من الاستفادة من حق التقاضي، إلى التعرض المشين لأفراد البعثة الدبلوماسية، وصولا إلى إلغاء إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة، وكلها قرارات أحادية الجانب، يحاول روتايو المهووس، استخدامها لتحقيق مصالح ضيقة على حساب السلم الاجتماعي، بل وعلى حساب القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، وقبل ذلك على حساب سمعة فرنسا نفسها.