رئيس الجمهورية خصّه باستقبال مميّز

زيـارة الرئيس الرواندي إلى الجزائر.. أبعاد ثنائية وقارية

حمزة.م

تجربتان رائدتان في إنجاح المصالحة الوطنية كآلية سيادية لتجاوز المحن

تكتسي زيارة رئيس رواندا، بول كاغامي، إلى الجزائر أهمية خاصة لكلا البلدين وللقارة الإفريقية على حد سواء، كونها تسلط الضوء على التعاون المثمر بين دولتين تمتلكان تجارب ملهمة في التغلب على الأزمات المعقدة، وإرساء الأمن والاستقرار، إلى جانب تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة.

تؤكد زيارة الرئيس الرواندي، الذي حظي باستقبال رسمي من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تنامي زخم العلاقات الثنائية ضمن إطار شامل يتضمن الشراكة الاقتصادية والتفاهم الدبلوماسي حول العديد من القضايا ذات الطابع القاري والدولي.
وقد تجلّى هذا في مجريات المحادثات الثنائية بين رئيسي البلدين، التي توسعت لاحقًا لتشمل وفدي الجانبين، وفي الاتفاقيات الثنائية الموقعة، إضافة إلى التصريح الإعلامي المشترك. وبرزت الرغبة القوية في إرساء علاقات متينة بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة ما يتعلق بالمبادلات التجارية، والتعليم العالي، والاتصالات، والرقمنة، فضلًا عن قضايا الأمن والاستقرار ببعديهما الإقليمي والقاري. تُسلط زيارة رئيس رواندا إلى الجزائر، الضوء على العديد من النقاط المشتركة بين البلدين، إذ أصبح كلاهما نموذجًا إفريقيًا، بل وعالميًا، في تجاوز الأزمات الداخلية؛ حيث انتصرت الجزائر بمفردها على الإرهاب، وكانت سبّاقة في تحذير العالم من هذه الآفة، في حين تعافت رواندا بسرعة من واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية التي شهدتها في عام 1994. ولكل من الجزائر وكيغالي تجربتان رائدتان في إنجاح المصالحة الوطنية، باعتبارها آلية سيادية لتجاوز المحن، ولملمة الجراح، والتطلع إلى المستقبل في إطار دولة وطنية جامعة. في هذا السياق، يُقدّم البلدان تجربة ملهمة لشعوب إفريقيا، خاصة تلك التي لاتزال تعاني من أزمات مزمنة، سواء في إطار التعاون الثنائي لتقاسم التجارب، أو من خلال الاتحاد الإفريقي، حيث يؤدي الجانبان دورًا مؤثرًا في الدفع نحو تحقيق استحقاق «إسكات البنادق» وإرساء جسور التكامل الاقتصادي والتجاري بين دول القارة. وتتشارك الجزائر ورواندا تجربة رائدة أيضًا في الخروج من حالة الهشاشة الاقتصادية، والتوجه نحو تنمية مستدامة وعادلة تنهي الفوارق الاجتماعية، وهو ما انعكس في مؤشرات النمو، وارتفاع الناتج الداخلي الخام، إلى جانب التوجه نحو اقتصاد متحرر من التبعية للخارج. وتُعد الجزائر، ثالث أقوى اقتصاد في إفريقيا، إلى جانب رواندا، الواقعة شرق وسط القارة، من بين الدول التي تتطلع إلى تسخير إرادتها الطموحة لقيادة نهضة إفريقية حقيقية، تأخذ بيد شعوب القارة نحو التطور والابتكار، ومواكبة التحولات الحديثة في مجالات التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والرقمنة. وباتت الخبرة الجزائرية في استغلال وإدارة الموارد الطبيعية محل طلب ملح من قِبل العديد من الدول الإفريقية من مختلف أقاليم القارة. ويؤكد الجانب الجزائري استعداده لتقاسم هذه التجارب في جميع الميادين مع الأشقاء الأفارقة، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. من جهة أخرى، يشترك البلدان في تحديات مرتبطة بجوارهما الإقليمي المضطرب؛ فبينما تواجه الجزائر تهديدات وتحديات أمنية معقدة على حدودها، خصوصًا في منطقة الساحل، فإن رواندا توجد في نقطة تماس مع بؤر الأزمات في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ولطالما حرصت الجزائر على المساهمة الفعالة في صناعة الأمن والسلم الإقليميين، وفق مقاربة شاملة تربط بين الأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تغليب الحلول السلمية ورفض التدخلات الأجنبية.
وقد كان هذا النهج محل توافق في التصريح الإعلامي المشترك الذي جمع رئيس الجمهورية بنظيره الرواندي، حيث تم التأكيد على «مبدإ الحلول السلمية للنزاعات ورفض التدخلات الأجنبية». ولا شك أن زيارة كاغامي إلى الجزائر، ستفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين، كما تُهيّئ الظروف لتعاون إقليمي قائم على المنافع المتبادلة للشعوب الإفريقية، وتُتيح للمتعاملين الاقتصاديين فرصة استكشاف شراكات مثمرة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025
العدد 19790

العدد 19790

الأربعاء 04 جوان 2025
العدد 19789

العدد 19789

الثلاثاء 03 جوان 2025
العدد 19788

العدد 19788

الإثنين 02 جوان 2025