تجمع الجزائر ورواندا علاقات تاريخية قوية أساسها الاحترام المتبادل والتنسيق في المواقف والتضامن والدفاع المشترك عن القضايا الإفريقية. وتعرف هذه العلاقات خلال السنوات الأخيرة، نفسا جديدا وديناميكية متصاعدة في ظل الإرادة القوية والعزيمة المشتركة التي تحدو قائدي البلدين، رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ونظيره الرواندي السيد بول كاغامي، من أجل الدفع بها قدما نحو آفاق أرحب.
وتجسيدا لذلك، تأتي الزيارة الرسمية التي شرع فيها، الثلاثاء، رئيس جمهورية رواند إلى الجزائر، بدعوة من رئيس الجمهورية، والتي تعد فرصة لتعزيز التعاون على جميع الأصعدة وتعميق التشاور السياسي حول القضايا الإقليمية والقارية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
في هذا المنحى، تعرف العلاقات الثنائية بين البلدين تطورا متواصلا تترجمه اللقاءات المكثفة والزيارات المتبادلة بين المسؤولين الجزائريين والروانديين، خاصة بعد قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، فتح سفارة للجزائر بالعاصمة كيغالي سنة 2021.
وضمن هذه المساعي المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب، التقى رئيس الجمهورية بنظيره الرواندي، في ديسمبر المنصرم، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، على هامش مشاركته في المؤتمر القاري حول التعليم والشباب وقابلية التوظيف. كما بعث له، قبل ذلك، برسالة تضامن بمناسبة إحياء بلاده الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية التي تعرضت لها في 1994.
وبصفته ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية، شارك وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، في مراسم إحياء هذه المحطة الأليمة من تاريخ رواندا، حيث أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين روانديين. وقبلها، في أكتوبر 2021، وبمناسبة احتضان رواندا للطبعة الثانية للاجتماع الوزاري المشترك بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي، بعث رئيس الجمهورية برسالة إلى نظيره الرواندي الذي عبر بدوره عن رغبته في تعزيز التنسيق مع الجزائر. وفي أوت الفارط، شارك رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، ممثلا لرئيس الجمهورية، في مراسم تنصيب رئيس جمهورية روندا.
وفي سياق تعزيز العلاقات التي تجمع بين البلدين، قام الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، بزيارة رسمية إلى رواندا في فبراير 2024، في خطوة اعتبرها «مؤشرا جليا على طموح السلطات العليا للبلدين من أجل بعث ديناميكية جديدة لآلية التعاون العسكري بين الجيشين بما يسمح بمواجهة التحديات الأمنية التي تعرقها القارة الإفريقية».
بدوره، قام رئيس أركان الدفاع لجمهورية رواندا، الفريق أول مبارك موغانغا، بزيارة عمل إلى الجزائر على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، في أبريل الماضي، استعرض خلالها، رفقة الفريق أول السعيد شنقريحة، فرص التعاون العسكري الثنائي وسبل تطوير وتعزيز التنسيق في المسائل ذات الاهتمام المشترك، كما تناولا التحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموما والقارة الإفريقية على وجه الخصوص.
في هذا الشأن، أكد الفريق أول السعيد شنقريحة أن العلاقات الجزائرية-الرواندية تعد، منذ استقلال البلدين، «نموذجا للتضامن بين أبناء القارة ومثالا للتنسيق السياسي في المحافل الدولية للدفاع عن إفريقيا وقضاياها الأساسية». وعلى نفس المنوال، تشهد العلاقات البرلمانية هي الأخرى قفزة نوعية، ميزها تنصيب المجموعة البرلمانية للصداقة «الجزائر- رواندا»، في مارس 2023، كمكسب جديد يضاف إلى الرصيد الثنائي المشترك وإطار لطرح الأفكار والاقتراحات وتبادل الخبرات. وتتطابق وجهات النظر بين الجزائر وروندا تجاه القضايا الدولية والإقليمية والقارية، وهو ما تعكسه مواقفهما المشتركة، خاصة عندما يتعلق الأمر بنصرة القضايا العادلة عبر العالم ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها. كما يلتقي البلدان عند التزامها بتعزيز التنسيق البيني حول ملفات التنمية والسلم والأمن في إفريقيا وكذا دعمهما للجهود الرامية إلى إيجاد حلول سياسية للأزمات والنزاعات، يضاف إلى ذلك جهودهما المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة العابرة للحدود.
من جهة أخرى، تتطلع الجزائر ورواندا إلى تعزيز تعاونهما في المجال الاقتصادي ودعم الشراكات الثنائية، مع تشجيع تدفق الاستثمارات في العديد من الميادين والقطاعات.