26 اتّفاقيـة مع مراكز الـرّدم وتراخيص بإقامة مذابـح مصغّرة بالأحيـاء
السّلـخ والتّمليـح وفق الطّـرق العلمية..عامـل أساسي للحفــاظ علـى نوعية الجلود
تغتنم السلطات العمومية من خلال وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني والمؤسسات تحت الوصاية، مناسبة عيد الأضحى المبارك لجعلها إضافة لكونها مناسبة دينية، فرصة اقتصادية واستثمارية، تجند لها من الموارد البشرية والمالية والحملات التحسيسية، ما يسمح باسترجاع أكبر كمية ممكنة من القطع الجلدية، لتثمينها واستغلالها في مختلف الصناعات التحويلية، أهمها النسيج والجلود التي أصبحت ماركة مسجلة لما تتميز به من جودة عالية، ونجاح العملية حدّد وفق الإستراتيجية المسطرة من طرف وزارة الصناعة، القائمة أساسا على التنسيق المحكم بين كل الفاعلين والمتدخلين في العملية بما فيهم المواطنين من أجل استرجاع جلود سليمة تشكل خاما أصيلا، وقاعدة قوية للصناعات النسيجية والجلدية.
كشفت المديرة الفرعية لشعبة النسيج والجلود بوزارة الصناعة والإنتاج الصناعي، جميلة شلي، لدى استضافتها لفريق “الشعب” بمقر الوزارة، عن التدابير الاستباقية والإجراءات الإدارية والميدانية التي تم اعتمادها للتحضير لحملة جمع الجلود أضاحي العيد، والتي تمت بالتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية على غرار وزارات الداخلية، البيئة، الشؤون الدينية والأوقاف، التجارة، التكوين والتعليم المهنيين، الاتصال، الطاقة والمناجم، الصحة، السياحة والصناعات التقليدية، مجمع “جيتكس”، المديريات الولائية للصناعة ومختلف الهيئات والجمعيات ذات الصلة بالحدث.
وقبل الخوض في تفاصيل العملية التي تهدف أساسا إلى دمج منبع سلاسل القيم لشعبتي النسيج والجلود، وتعزيز الاستثمار بالنسيج والجلود من خلال تأمين المادة الخام كالصوف والجلود، والمساهمة في ترقية الصناعات التحويلية وتكريس ثقافة الاسترجاع والرسكلة لخلق الثروة والقيمة المضافة بهذه الشعبة، شدّدت شلي على المصالح المعنية حرصها على تدارك النقائص المسجلة خلال الطبعات السابقة لجمع جلود الأضاحي، فقد باشرت وزارة الصناعة بالتحضير مبكرا لهذه الحملة، وفعلت الآليات مع بداية شهر فيفري المنصرم، وذلك من خلال تحديد عدد الولايات المشاركة التي بلغ عددها 39 ولاية، 5 منها نموذجية، تم اختيارها على أساس معايير ثلاثة، تتلخص في النسبة المرتفعة للكمية الكلية للجلود التي تم استرجاعها على مستوى الولايات الخمسة خلال العام الماضي، والنسبة المرتفعة من الجلود السليمة المسترجعة، إضافة إلى المعيار الأهم وهو احتواؤها على مدابغ عمومية أو خاصة، مع تسطير قيمة تقريبية متوقعة، حددت بمليوني قطعة جلدية مسترجعة، حيث تمكن مجمع “جيتكس” من استرجاع 29 % بالمائة من الجلود في وضعية قابلة للاستغلال، عام 2024، وهي مرشحة للارتفاع هذا العام - حسب الأهداف المسطرة - من أجل بلوغ 50 بالمائة من الجلود المسترجعة القابلة للاستغلال.
جهاز دائم لجمع الجلود
قالت جميلة شلي إن التحضير للعملية تم على مستوى البلديات والولايات، حيث كان انطلاقها الفعلي بداية شهر فيفري، وذلك بإنشاء لجان محلية تحت إشراف الولاة، تضم ممثلين عن المديريات المعنية، حيث أسدي تأطير العملية لمديرية الصناعة بكل ولاية. كما قام وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني بتنصيب اللجنة الوطنية القطاعية التي تضم إطارات القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية بعملية جمع جلود الأضاحي.وعن خصوصية العملية هذا العام، وما ميزها عن سابقاتها، قالت شلي إن اللجنة الوطنية، وبعد عدة جلسات تقييمية للعمليات السابقة، خلصت إلى ضرورة استحداث جهاز يقوم بجمع الجلود بشكل دائم على مدار العام من أجل ترقية شعبة النسيج والجلود، حيث ستندرج العملية المبرمجة العام المقبل، ضمن مخطط الآلية المستحدثة التي سيتم التفكير في العناصر المكونة لخطة عملها من الناحية العملية والتنظيمية، مباشرة بعد الانتهاء من عملية جمع الجلود هذا العام.ومن بين التحضيرات - تواصل شلي - العمل على وضع آلية نموذجية تتم بإشراك مراكز الردم التقني للتكفل بعملية جمع الجلود، الفرز والتمليح، وهذا من خلال اتفاقية وقعتها مع مجمع “جيتكس”، حيث تم إمضاء (إلى غاية يوم اللقاء مع شلي) 26 اتفاقية بين المجمع ومراكز الردم، بينما تبقى العملية متواصلة إلى ما بعد عيد الأضحى.
موارد مستنفرة ووسائل مسخّرة
من بين التحضيرات الاستباقية التي حرصت وزارة الصناعة على توفيرها، أشارت شلي إلى أهم جزئية يرتكز عليها نجاح عملية جمع الجلود، وهي السلخ والتمليح الجيد الذي يتم بطريقة صحيحة، حيث ستتكفل وزارة الطاقة والمناجم بتمويل عملية اقتناء الملح الذي بلغت كميته هذا العام ألفي طن مقابل ثمانمائة طن عام 2024. كما تم تخصيص فضاءات لتجميع الجلود على مستوى المؤسسات التابعة لمجمع “جيتكس”، وكذا المجمعات الصناعية المكلفة بتسخير الفضاءات التابعة لها لتخزين الجلود المجمعة، حيث سخر مجمع “جيتكس” 27 فضاء تابعا له موزعا على 17 ولاية، بمساحة تقدر بـ 18 ألف متر مربع لكل فضاء، بطاقة تخزين تقدر بمليون قطعة جلدية. أما 26 اتفاقية المبرمة هذا العام مع مراكز الردم التقني، فهي موزعة على 58 منطقة، مقابل 22 اتفاقية مبرمة عام 2024. بالمقابل سخر مجمع “جيتكس” 573 عاملا مجندين طيلة أيام العيد، و76 شاحنة موضوعة تحت تصرف الأعوان القائمين على العملية. فيما ستسخر “نات كوم” 3200 عامل مجندين لضمان النظافة، تعمل بنظام المناوبة أيام العيد.
قطاعات متعدّدة ومسعى مشترك
وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، المتعلقة بتحضيرات عيد الأضحى لموسم 2025، من خلال قرار استيراد مليون رأس ماشية موجهة للنحر يوم العيد، ومن أجل الاستغلال الأمثل لهذه الثروة وتفاديا لهدرها، وبغرض تفعيل العمل الجماعي والتنسيق البيني القطاعي، وتوحيد كل الجهود بالإسهام الفعال لجميع الأطراف وتدارك الأخطاء السابقة، أوضحت شلي أن وزارة الصناعة نظمت أول اجتماع للجنة القطاعية المشتركة المكلفة بتحضيرات عيد الأضحى لموسم 2025، في 10 مارس، أين تم رسم خارطة طريق تم من خلالها تحديد مهام كل قطاع وزاري، حيث تتكفل وزارة الطاقة والمناجم بتموين الحملة بالكمية اللازمة من الملح، وإعادة النظر في سعر اقتنائه من طرف مجمع “جيتكس”، كما تساهم وزارة الداخلية والجماعات المحلية في منح تراخيص مؤقتة لإعادة فتح المذابح المغلقة مع تشكيل فرق بيطرية متنقلة، ودراسة إمكانية منح تراخيص مؤقتة للشباب لإنشاء مذابح في شكل خيمات على مستوى الأحياء تضم أفرادا محترفين، تم تأطيرهم من طرف وزرارة التكوين والتعليم المعنيين، وذلك بهدف استرجاع قطع جلدية ذات نوعية وقابلة للتحويل.
كما تم التنسيق مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، لإسداء تعليمات للائمة بضرورة تحسيس المصلين بضرورة الحفاظ على هذه المادة الخام المسترجعة من الثروة الحيوانية، إضافة إلى التنسيق مع وزارة التكوين المهني بإسداء تعليمات لمراكز التكوين على مستوى الولايات للعمل مع اللجان الولائية لتنظيم أبواب مفتوحة، وشرح التقنيات الصحيحة للذبح والسلخ. وثمّنت شلي – بالمناسبة - الدور الفعال الذي تقوم به وزارة الاتصال من خلال حصص التوعية التي رافقت العملية منذ بدايتها، وبث الفيديوهات التحسيسية لنشر الوعي البيئي والاقتصادي بين المواطنين.
مسؤوليـة بيئيــة
أمّا دور وزارة البيئة وجودة الحياة، فهو تحسيسي لا يقل أهمية عن باقي القطاعات التي تسهر على إنجاح الموسم، حيث وجهت تعليمات إلى الوكالة الوطنية للنفايات ومراكز الردم التقني من أجل المشاركة الفعالة ضمن مسعى استرجاع أكبر عدد من الجلود ذات نوعية القابلة للتحويل، إضافة إلى تكثيف التحسيس حول المرسوم التنفيذي رقم 61/24، المؤرخ في 29 جانفي 2024، المحدد للمواد القابلة لاسترجاع وكيفيات تطبيق تدابير الإعفاء والتسهيلات الجبائية الممنوحة للأشخاص الطبيعيين الممارسين لنشاط جمع النفايات القابلة للاسترجاع، وحث الشباب على ممارسة هذا النشاط وجعل شبكة جمع الجلود شبكة رسمية ومقننة، تعمل وفق الطرق الرسمية، وتستفيد من التسهيلات والإعفاءات المخولة لها. ولأول مرة، واصلت المتحدثة، تشارك وزارة السياحة والصناعات التقليدية، ضمن اللجنة القطاعية المشتركة، وتتكفل عبر الغرف الوطنية للصناعات التقليدية والحرف لتثمين الجلود والصوف المجمعة.
تكريسا للإقتصاد الدّائري
وعلى ذكر تكثيف التحسيس والتوعية لنشر ثقافة الاسترجاع، اعتبرت جميلة شلي، الجلود والصوف المسترجعة من الثروة الحيوانية، مادة خاما أساسية لترقية صناعة الجلود، ما جعلها تتصدر أولويات إستراتيجية القطاع من حيث ترقية شعبة النسيج والجلود، وذلك بالعمل على الرفع من القدرات الإنتاجية على المستوى المحلي للتخفيف من فاتورة الاستيراد والرفع من مساهمة قطاع الصناعة في الناتج الخام المحلي.وفي سياق متصل، أضافت شلي أن عملية جمع الجلود وتثمينها لها بعد بيئي، يتمثل في الحفاظ على نظافة المحيط من خلال نشر ثقافة الاسترجاع والاقتصاد التدويري، ولأجل ذلك، سطرت وزارة الصناعة مخططا اتصاليا يشمل جميع وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي من أجل تعبئة وتجنيد المواطن الذي ألف العملية، وبات واعيا بمدى أهميتها بالنسبة لنظافة محيطه أو لما تقدمه من قيمة مضافة للاقتصاد الدائري بصفة خاصة، وللاقتصاد الوطني بصفة عامة. وفي هذا الصدد، أكدت شلي ثقتها على أن المواطن الجزائري سيلتزم بتمليح جلود الأضاحي المسلوخة في غضون فترة زمنية قصيرة جدا، مباشرة بعد ذبح الأضحية، مخافة أن يصبح الجلد غير قابل للتحويل. فقد صار معلوما أن الاسترجاع يقتضي تجنب عيوب الذبح أثناء السلخ. من أجل النجاح الاقتصادي لعملية الجمع التي تعتمد بشكل أساسي على جودة الجلود المستلمة.
