تعزيــز الوعي المجتمعــي بترسانــة القـوانين التـي تجـرم الظاهــرة
اعتبر أستاذ محاضر بقسم علم الاجتماع بجامعة تامنغست، الدكتور نعيم بوعموشة، الحملة التحسيسية الواسعة التي أطلقتها وزارة العدل لمكافحة الغشّ في الامتحانات الرّسمية تزامنا مع اقتراب امتحان البكالوريا، خطوة حاسمة وهامة لضمان شفافية الإمتحانات من خلال التركيز على الجانب التوعوي بالعقوبات القانونية ضدّ الغش وتسريب مواضيع الامتحانات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أوضح الأستاذ بوعموشة في تصريح لـ«الشّعب”، أنّ ظاهرة الغشّ في الامتحانات الرّسمية أصبحت من أخطر المشكلات التربوية التي تواجه المنظومة التعليمية الجزائرية، وترهن مصداقية الشهادات العلمية، وهو ما يجعل الغش في الامتحانات تحديا حقيقيا للعملية التعليمية، ويعتقد أن التهاون مع هذه الظاهرة من شأنه أن يؤدي إلى تدني المستوى التعليمي، وجودة المخرجات التعليمية.
وثمّن الأستاذ بوعموشة هذه الحملة، وقال إنها تندرج في إطار استراتيجية تهدف لمواكبة التطورات الحاصلة في أساليب الغش خلال الامتحانات الرسمية، وتعزيز الوعي المجتمعي بترسانة القوانين التي تجرم هذه الظاهرة التي لم يعد ينظر لها على أنها مجرّد مشكلة تربوية فقط، بل جريمة يعاقب عليها القانون نظرا لكونها تمس بمصداقية الامتحانات الوطنية.
وأبرز الدكتور بوعموشة ما جاء في نص القانون رقم 20-06 المؤرخ في 28 أفريل 2020، المعدل والمتمّم للأمر رقم 66-156 المؤرّخ في 8 يونيو 1966، والمتضمّن قانون العقوبات في الفصل التاسع المتعلّق بالمساس بنزاهة الامتحانات والمسابقات، تحديد العقوبات التي تنجر عن الغش في الامتحانات الرسمية والتي تتراوح بين سنة إلى 3 سنوات سجنا مع غرامة مالية من مئة ألف دينار جزائري، إلى ثلاثمائة ألف دينار جزائري في حق كل من قام قبل أو أثناء الامتحانات بنشر أو تسريب مواضيع وأجوبة الامتحانات، وقد تصل العقوبة إلى السّجن من 7 سنوات إلى 15 سنة وغرامة مالية بأزيد من سبعمائة ألف دينار جزائري.
في السياق، أوضح أنّ هذه الخطوة تندرج في إطار تكريس العدالة الاجتماعية، وضمان مبدأ تكافؤ الفرص، وحماية مصداقية الامتحانات الرّسمية، وتأمينها من الاستعمال غير المشروع للوسائل التكنولوجية في ظل استفحال ظاهرة الغشّ الالكتروني، ولذلك، يرى أن حماية المنظومة التعليمية، أصبح ضمن الأولويات التي تعكف الدولة على حمايتها وصونها، حفاظا على مصداقية المؤسسات التعليمية والشهادات العلمية المحصلة، وكذا ضمان جودة التكوين وجودة المخرجات التعليمية.
ومن شأن هذه الإجراءات الاستباقية - حسبه - ضمان السير الحسن للامتحانات الرّسمية، وتوفير الجو المناسب لكافة المترشّحين لهذه الامتحانات سواء شهادة التعليم المتوسط أو شهادة البكالوريا، بعيدا عن التشويش وتعكير صفو التلميذ بنشر وتسريب المواضيع والأجوبة قبل وأثناء الامتحانات، الأمر الذي قد يضع مستقبل التلميذ المترشح قاب قوسين أو أدنى من الإخفاق في الامتحان في ظل الضغط النفسي الذي يعيشه قبل وأثناء الامتحان. وبالتالي يرى من الضروري تنبيه أبنائنا من التلاميذ للابتعاد عن كل أشكال الغش، والتي قد تجر المتورّط فيها لعقوبات قانونية صارمة، وتحفيز التلاميذ على العمل الجاد والمثابرة لتحقيق النجاح بعيدا عن الطرق غير المشروعة لتحقيق النجاح.
وتوقّف محدثنا عند الدور الكبير الذي يقوم به الأولياء في إنجاح هذه الاستراتيجية الوقائية،، من خلال حث الأبناء على الالتزام بالقوانين والابتعاد عن الطرق غير المشروعة للنجاح وتجنّب الغش بكل أشكاله، بالإضافة لتوفير الجو الأسري والنفسي المناسب لتحفيز الأبناء بعيدا عن أي شكل من أشكال الضغوط، والتضخيم المبالغ فيه للامتحان ومصيريته في حياة التلميذ.