الخبير الاقتصادي الهواري تيغرسي لـ «الشعب»:

الجزائر تعزّز مكانتها كشريك موثـوق وتستثمـر في موقعها الاستراتيجي

خالدة بن تركي

تنويع الشراكات الإفريقية رهان حيوي لإنعاش الاقتصاد

يرى الخبير الاقتصادي الهواري تيغرسي، أن الجزائر تسعى في الوقت الراهن إلى تنويع شراكاتها، خاصة مع الدول الإفريقية، من خلال فتح بوابات تعاون جديدة بهدف دعم التنمية الشاملة والمستدامة في القارة، وتركز الجزائر على تعزيز التبادل التجاري والاستثمار، إلى جانب مجالات أخرى مثل الأمن، الطاقة، الصحة والتكنولوجيا.

قال الخبير تيغرسي، إن الجزائر تسعى إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وخبرتها في عدد من القطاعات الحيوية لتعزيز مكانتها كشريك موثوق به في إفريقيا، وتعمل على تطوير البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية لتسهيل حركة السلع والأشخاص، إلى جانب دعم المشاريع المشتركة التي تعود بالفائدة على الشعوب الإفريقية وتسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي داخل القارة.
وتابع الخبير، تبرز رواندا كنموذج مهم حيث عرفت العلاقات الثنائية بين البلدين تطورا ملحوظا مؤخرا، خاصة على المستوى الدبلوماسي من خلال تبادل الزيارات الرسمية بين كبار المسؤولين في مجالات متعددة، مثل التجارة الخارجية، الدفاع والأمن، إلى جانب رغبة قوية في توسيع التعاون الاقتصادي، خصوصا في التكنولوجيا، الطاقة، الصحة وحتى في تعزيز بيئة الاستثمار. وفي المجال التجاري، قال تيغرسي إن لرواندا صادرات تحظى بطلب متزايد في السوق الجزائرية، مثل القهوة، الشاي، المعادن (خاصة التنتالوم والذهب)، إضافة إلى منتجات وخدمات تكنولوجية. أما اقتصاديا يتراوح معدل التضخم في رواندا بين 5 و8٪ نتيجة تقلبات الأسواق العالمية. أما معدل الفقر، فقد شهد تحسنا كبيرا، حيث انخفض من نحو 70٪ في تسعينيات القرن الماضي إلى حوالي 38٪ حاليا.
وأضاف الخبير الاقتصادي، تميزت زيارة الرئيس الرواندي بول كاغامي، بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الهامة، التي تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين. هذه الاتفاقيات شملت مجالات متعددة وفتحت آفاقا واسعة لبناء شراكات استراتيجية تخدم مصالح الطرفين. وفي مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، تم الاتفاق على تطوير البنية التحتية وتبادل الخبرات بين البلدين. كما شملت الاتفاقيات قطاعات الرياضة والعمل والابتكار والاقتصاد الرقمي، التي تعد من الركائز الأساسية لأي اقتصاد حديث.
وفي إطار تشجيع الاستثمار، تم التوقيع على مذكرات تفاهم تتعلق بتسهيل المشاريع في قطاع الاتصال، بالإضافة إلى التعاون في مجال الوكالة الوطنية للمنتجات الصيدلانية، ما يعكس الرغبة في تعزيز الأمن الصحي لكلا البلدين.
كما تضمنت الاتفاقيات مجالات التكوين المهني، الفلاحة وتربية الماشية، إلى جانب التعليم العالي وتطوير البحث والابتكار، وهي قطاعات حيوية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وهو ما يعكس أهمية الاستثمار في المعرفة والعقول الشابة، باعتباره محركا أساسيا للتقدم العلمي والتكنولوجي وتحقيق تنمية شاملة تلبي تطلعات المجتمعات نحو مستقبل أفضل.
وتم التوقيع أيضا على اتفاقات تخص خدمة النقل الجوي، والتعاون الفضائي، وكذلك التعاون في المجال التجاري المدني، ما يسهم في تعزيز التبادل التجاري وتسهيل حركة الأفراد والسلع بين البلدين. وفي المجال الأمني، تم التوقيع على مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون بين الشرطة الجزائرية والرواندية، بالإضافة إلى مذكرة إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات المهمة من التأشيرة، لتسهيل تنقل المسؤولين بين البلدين. وأشار الخبير إلى قدرات الجزائر الكبيرة في قطاعات مهمة، مثل الطاقة والكهرباء، صناعة الحديد والإسمنت، المنتجات الكهرومنزلية والصناعات الغذائية، ما يجعلها شريكا اقتصاديا مهمّا للدول الإفريقية، هذا التفوق يمكن أن يستثمر لتحقيق تكامل اقتصادي فعال.
وأكد في ذات السياق، كل هذه المبادرات تمثل انطلاقة جديدة نحو بناء علاقات قوية ومتينة بين الجزائر والدول الإفريقية عموما، تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري، تشجيع الاستثمارات المتبادلة وتحقيق المنفعة المشتركة، بما يخدم تطلعات الشعوب في المرحلة المقبلة.
وخلص إلى أن الشراكات المتنامية للجزائر في العمق الإفريقي، تظهر أهمية الانفتاح على الدول الإفريقية لبناء علاقات قوية ومثمرة. فهذه الشراكات تفتح فرصا جديدة للاستثمار وتعزز التبادل التجاري وتسهم في تحقيق التنمية المشتركة، وهي خطوة ذكية نحو تعزيز مكانة الجزائر في القارة وتحقيق التكامل الإفريقي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19792

العدد 19792

الإثنين 09 جوان 2025
العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025
العدد 19790

العدد 19790

الأربعاء 04 جوان 2025
العدد 19789

العدد 19789

الثلاثاء 03 جوان 2025