تعزيز المنظومة التشريعية للجزائر الجديــــــدة من منظور إصلاحـي
المصادقة على حزمة قوانين حيوية تماشيا والمستجدات الآنية لانشغالات المواطن
تشهد نهاية الدورة البرلمانية لسنة 2024–2025 نشاطاً مكثفاً، تميز بارتفاع وتيرة مناقشة والمصادقة على مشاريع قوانين هامة، تصب في مجملها ضمن مسار الإصلاحات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية التي باشرتها الدولة. وقد تم تأجيل موعد اختتام الدورة لبضعة أيام، بناءً على طلب من الحكومة، بهدف استكمال المصادقة على ما تبقى من هذه المشاريع التشريعية.
كثيرة هي مشاريع القوانين المهمة التي طرحت على البرلمان خلال هذه الدورة عموما، بصفة مكثفة خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي تدخل في إطار الإصلاحات التشريعية والسياسية والاقتصادية التي باشرتها الجزائر، لاسيما ابتداء من 2020 وصدور أول دستور وطني يقر مثل هذه الإصلاحات الشاملة.
تهدف مناقشة وإثراء مشاريع القوانين التي نزلت على البرلمان خلال هذه الدورة، إلى تعزيز المنظومة التشريعية من منظور إصلاحي للعدالة وتقوية الاستعدادات لأي طارئ وتضمن وفاء الجزائر بالتزاماتها الدولية، وكذا تماشيا والمستجدات الآنية لانشغالات المواطن.
ولعلّ من أبرز النصوص القانونية، سواء المصادق عليها أو تلك التي هي حاليا على مستوى الغرفة العليا للبرلمان، قانون التعبئة العامة، الذي يهدف إلى تنظيم وتعبئة جميع الموارد الوطنية والبشرية والمادية في الحالات الاستثنائية، ويمثل أداة استباقية لتعزيز أسس الدفاع الوطني، وتقوية الرابط بين الشعب والجيش الوطني الشعبي، وتعزيز القدرات الدفاعية لهذا الأخير. كما يعد وسيلة فعالة لتوعية المواطنين بمواجهة محاولات التضليل الإعلامي والمعلومات الكاذبة والدعاية التي تستهدف التشويش، في محاولة لزعزعة استقرار البلاد.
ويمثل القانون الخاص بالنشاطات المنجمية، من بين أهم القوانين التي صادق عليه البرلمان في دورته العادية الرابعة، الذي يهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار المنجمي، من خلال تبسيط إجراءات الولوج إلى نشاط البحث والاستغلال، وجعل الإجراءات أكثر شفافية مع توفير ظروف أكثر تحفيزا للمستثمرين العموميين والخواص الوطنيين والأجانب.
كما يندرج مشروع القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، في إطار مواصلة تكييف التشريع الوطني مع الالتزامات الدولية للجزائر، لاسيما في ظل تطور هذا النوع من الجرائم وبروز تقنيات جديدة لممارستها.
تجدر الإشارة إلى أن البرلمان بغرفتيه ناقش وصادق على مشاريع قوانين أساسية، في مقدمتها تعديل قانون الإجراءات الجزائية، الذي يمثل وسيلة لتحقيق التوازن بين حق الدولة في مكافحة الإجرام، وضمان حماية الحقوق والحريات، وقانون مكافحة المخدرات، وآخر خاص بالتأمينات الاجتماعية، الذي تضمن تعديلات جديدة ترجمة فعلية لالتزامات رئيس الجمهورية، وتكريسا للإرادة السياسية الراسخة في مواصلة مسار الإصلاحات الاجتماعية التي تخدم المواطن وتعزز التماسك الاجتماعي، ومن بين ما جاء فيه تمديد عطلة الأمومة.
ويوجد حاليا مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما على مستوى المجلس الشعبي الوطني، والذي يجسد تعليمات رئيس الجمهورية حول مدى تطبيق توصيات مجموعة العمل المالي، من أجل مواءمة المنظومة الوطنية للوقاية من هذه الجرائم مع المعايير الدولية لمكافحة هذا النوع من الجرائم، الذي يقتضي التكييف المستمر للإطار القانوني المتعلق بالوقاية منها.