حصن حصين للسيادة الوطنية.. ودور محوري في تعزيز السلم الوطني والإقليمــــي
أدوار تنموية واجتماعية وإنسانية.. وعيون لا تنام لحمايـــــة أمن البـلاد والعبـاد
الرابع من أوت.. اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي، محطة وطنية بارزة لاستحضار ما تقدّمه هذه المؤسسة العتيدة من تضحيات جسام، ودورها المحوري في حماية السيادة الوطنية وتثبيت أسس الدولة الجزائرية الحديثة.. هذا ما أكده أكده أستاذ العلوم السياسية بجامعة غرداية، الدكتور سمير حكيم، في تصريح لـ «الشعب». وأضاف، أن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، يبقى وفيًّا لمبادئ أول نوفمبر، متجذرًا في وجدان الأمة وحاضرًا بقوة في مختلف المحطات التاريخية لبلادنا.
قال الدكتور حكيم، إن الجيش الوطني الشعبي «مؤسسة نابعة من صلب الشعب، تشكلت من أبنائه ورافقت الدولة في بناء مؤسساتها». وأبرز أن مهامه لم تقتصر على الدفاع عن السيادة الوطنية ومراقبة الحدود، بل امتدت إلى أدوار تنموية واجتماعية وإنسانية، فقد أثبتت وحداته جاهزيتها العالية في التدخل خلال الكوارث، كما كانت الحال في حرائق الغابات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث قدّم بعض أفراده أرواحهم لإنقاذ المواطنين. وأضاف، أن المؤسسة العسكرية لعبت أدوارًا حاسمة في مراحل تاريخية مفصلية، بدءًا من مرحلة التحرير الوطني، مرورًا بسنوات البناء والاستقلال، ثم مجابهة الإرهاب خلال العشرية السوداء، وصولًا إلى مرافقة الحراك الشعبي في كنف السلمية والحماية، مما أسفر عن انبثاق مسار جديد أفضى إلى بناء مؤسسات دستورية قوية تعبّر عن تطلعات الجزائريين.
جيش- أمة.. علاقة راسخة
في ذات السياق، أشار الدكتور حكيم إلى التلاحم العميق بين الجيش والشعب، وهو ما تجسده مقولة «جيش– شعب خاوة.. خاوة»، مؤكّدًا أن هذه العلاقة ليست مجرد شعار، بل هي تعبير عن «رابطة جيش– أمة»، وهي رابطة نادرة في السياقات الإقليمية، تتعزز في كل محطة وطنية.
وقد عبّر رئيس الجمهورية في أحد لقاءاته الإعلامية عن هذه العلاقة بقوله: «الامتداد الشعبي والتاريخي للجيش الوطني الشعبي، هو ما يميّزه عن باقي الجيوش». وأضاف محدثنا، أن «الشعب الجزائري أثبت مدى إدراكه لقيمة جيشه في أحلك الظروف، وأكثر المواقف صعوبة، لهذا لم يفوّت أدنى فرصة للاحتفاء به والتأكيد على الرابطة التي تجمعه بأبنائه الذين تحملوا مسؤولية الدفاع عن الوطن. ولا يمكن لأحد اليوم أن ينكر الرابطة التاريخية المتينة بين الجيش الوطني الشعبي بأمته؛ ذلك أن ثباته على مبادئ الثورة واحترام الدستور وإثباته لقدراته القتالية العالية وعقيدته الوطنية الراسخة ومبادئه الإنسانية التي تتأكد يوما بعد يوم، وهو ما يزعج كثيرين ممّن تحزّ في نفوسهم رؤية الأمجاد الجزائرية، من الحاقدين والمتسترين خلف لوبيات مازالت أسيرة ماضٍ ولّى إلى غير رجعة.
احترافية عالية
واعتبر المتحدث أن التحولات الجيوسياسية وتنامي التهديدات اللاتماثلية، لاسيما في الفضاء السيبراني، دفعت المؤسسة العسكرية إلى تبنّي مقاربة شاملة ترتكز على الاحترافية والعصرنة. وبيّـن أن الجيش أولى أهمية قصوى للتكوين الأكاديمي والتكنولوجي، وتكثيف التعاون مع المؤسسات الوطنية الأخرى، خاصة في مجالات الإعلام، الذاكرة، الأمن الرقمي ومكافحة الفكر المتطرف، من خلال تنظيم مؤتمرات وأيام دراسية دولية حول التهديدات المستجدة.
وأضاف الدكتور، أن الجيش الجزائري يواكب هذه المتغيرات عبر استراتيجية دفاعية مرنة تشمل كلا من الأمن الصلب المرتبط بحماية الحدود والقدرات القتالية، والأمن اللين المتعلق بالاستقرار المجتمعي، وصولًا إلى الأمن السيبراني الذي بات في صلب العقيدة الدفاعية الحديثة للبلاد.
ويرى محدثنا، أن الجيش الوطني الشعبي يؤدي دورا هاما ومحوريا في الحفاظ على مرتكزات الأمن الوطني، من خلال تعزيز مبادئ السلم.
ولعل الملاحظ لنشاطات مؤسسة الجيش، يدرك أن القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، السيد عبد المجيد تبون، يركز على سياسة الاحترافية والعصرنة والتطور الرقمي، وهذا ما تؤكده العديد من الأيام الدراسية والمؤتمرات، على غرار المؤتمر العسكري والدراسي حول «الإعلام والذاكرة»، ومؤتمر «أبعاد ومخاطر الفضاء السيبراني في التأثير على الوحدة الوطنية»، إضافة إلى المؤتمر الدولي «جيوسياسية التطرف، المنطلقات والتهديدات والتحديات وآليات المجابهة»، فقد أبرزت مؤسسة الجيش من خلال هذه الملتقيات -يقول الدكتور حكيم- الاستراتيجية الحكيمة التي تنتهجها الجزائر في مسايرة التطور العصري بما يتماشى مع منهجها التاريخي القوي ودورها المتميز في الحفاظ على الأمن الجزائري في مجابهة كل المخاطر والتهديدات الأمنية، بدءاً من الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والمخدرات والهجرة غير الشرعية، إلى تمتين الحدود بحزام عسكري يتمتع بالجاهزية العالية والاحترافية النموذجية.
صمام الأمن والأمان..
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن المؤسسة العسكرية تقوم بدور محوري في دعم عمل الدولة ومؤسساتها، من خلال حرصها على ضمان بيئة مستقرة تمكّن المؤسسات من أداء مهامها بفاعلية. كما عززت من انفتاحها على المجتمع المدني، ووسعت دائرة الاستشارة مع مختلف الفواعل الوطنية، بما ينسجم مع فلسفة الأمن الشامل.
حماية الوطن.. مهمة شريفة
وختم السيد حكيم تصريحه لـ «الشعب» بالقول، إن الجيش الوطني الشعبي يظل العين الساهرة التي لا تنام من أجل الحفاظ على أمن الجزائر وسلامتها الترابية، في عالم تزداد فيه التهديدات تعقيدًا. وهو جيش يراكم المعرفة التكنولوجية، ويطوّر قدراته القتالية بما يواكب تحديات العصر، كما أنه لا يتردد في تقديم التضحيات الكبرى في سبيل الجزائر، «وهو ما تؤكده قوافل الشهداء الذين قدمتهم المؤسسة العسكرية في مواجهة الأزمات، من أجل صون السيادة الوطنية».