قبلة الثـوار تكرّس مكانتها الدبلوماسية والاقتصاديـة والعسكريـة المستحقـة وتضطلــع بــدور مؤثر في مجلس الأمــن
تقريــر المصير هـو الحل الوحيد لإنهاء النزاع الصّحـــراوي المغربي
البوليساريو متمسّكة بالكفاح والتفاوض في ضوء الشرعية الدولية
الشرعية الدولية لا تعترف بأية سيادة مغربية على الصّحراء الغربية
المخزن ينهار ويبرم تحالفات تهدّد استقرار وأمن المنطقة
انطلقت، أمس الأحد، بجامعة “أمحمد بوقرة” بولاية بومرداس، أشغال الطبعة 13 للجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو بمشاركة ما يزيد عن 400 إطار يمثلون حكومة الجمهورية الصّحراوية ومختلف هيئاتها، وشهدت الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة حضور الوزير الأول للجمهورية الصّحراوية، بشرايا حمودي بيون، رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني والهلال الأحمر الجزائري، ابتسام حملاوي، رئيس اللجنة الجزائرية للتضامن مع الشعب الصّحراوي، سعيد عياشي، إلى جانب ممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمد لعدد من البلدان بالجزائر وبرلمانيّين وجامعيّين ومنظمات المجتمع المدني.
وفي كلمة له بمناسبة الإفتتاح، قال الممثل الشخصي للرّئيس الصّحراوي، الوزير الأول للجمهورية الصّحراوية، بشرايا حمودي بيون، إنّ الجزائر الجديدة تكرّس مكانتها الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية المستحقة بين الدول باعتبارها قوة إقليمية وقارية تتمتّع بالمصداقية، من خلال اضطلاعها بدور مؤثر في مجلس الأمن، وبصفتها الناطق باسم تطلّعات شعوب إفريقيا في الوجود والانعتاق السياسي والاقتصادي والتكنولوجي وتقرير المصير، مُدعِمة بذلك التكتّلات الدولية الصاعدة المناهضة لقوى الظلم والسيطرة على مقدرات الأمم الحرّة، المناصرة لصوت الشعوب المستضعفة في كل مكان، وأكّد الوزير الأول تمسّك الصّحراويّين حكومة وشعبا بمسار الحل الأممي والشرعية الدولية لتقرير المصير، بالموازاة مع الكفاح المسلّح حتى تحقيق النصر، رغم فشل مجلس الأمن الدولي في واجبه إزاء القضية.
وأشاد الوزير الأول الصّحراوي بمرافقة الجزائر الأبية لكفاح الشعب الصّحراوي من أجل الحرية والاستقلال، في إطار تجسيد الدولة الجزائرية لقيم ومبادئ ثورة نوفمبر الخالدة في نصرة المظلوم، ومساندة القضايا العادلة في العالم، معتبرا انعقاد الجامعة الصيفية لإطارات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والجمهورية العربية الصّحراوية الديمقراطية، شاهداً حياً على صدق التحالف الأخوي القائم بين الدولة الجزائرية و الصّحراوية، والشعبين الجزائري والصّحراوي.
تمسّك بالمسار الأممي
وقال المسؤول الصّحراوي، إنّ الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وحكومة الجمهورية العربية الصّحراوية الديمقراطية تعتبران أنّ الحل التوافقي والمتوافق عليه، تمّ التوقيع عليه بين البوليساريو (ممثل الشعب الصّحراوي الوحيد) والمغرب عام 1991، تحت إشراف منظمتي الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية، والذي بموجبه أنشأ مجلس الأمن الدولي بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصّحراء الغربية (المينورسو). كما تؤكّدان أن الحل الوحيد، هو الحل الديمقراطي المطابق للشرعية الدولية التي تعترف للشعب الصّحراوي بالحق في تقرير المصير والاستقلال، ولا تعترف للمغرب بأية سيادة على الصّحراء الغربية.
وشدّد الوزير الأول الصّحراوي -في السياق- على الإستعداد الكامل للدخول مع المغرب في مفاوضات مباشرة ترعاها الأمم المتحدة، جدية وذات مصداقية، بلا إملاءات ولا شروط مسبقة، للتوصّل للحل العادل والتوافقي الذي يحترم مقتضيات الشرعية الدولية والطبيعة القانونية لقضية الصّحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية استعمار، وهو الحل الذي يفتح آفاق السلام والاندماج والرفاهية لكل شعوب المنطقة بدون استثناء، في كنف الحق والعدالة والتكامل والتضامن المغاربي.
الكفاح حتى الإستقلال
من جهة أخرى، أكّد بشرايا حمودي بيون، أنّ الصّحراويّين في كل مواقع الكفاح بجبهات القتال، وفي مخيّمات العزة والكرامة، في الأرض المحتلة وفي المهجر، وهم مقبلون على تخليد الذكرى الخمسين لإعلان وحدتهم الوطنية، أكتوبر القادم، وذكرى مرور نصف قرن على ميلاد دولتهم الجمهورية العربية الصّحراوية الديمقراطية مطلع العام المقبل، لن يتراجعوا عن أهدافهم التي أعلنوها أول مرة، والمتمثلة في انتزاع حريّتهم، اعتمادا على أنفسهم، معزّزين بعدالة قضيّتهم، وبدعم أصدقائهم وحلفائهم عبر العالم، وفي مقدمتهم الجزائر الوفية لشهدائها الأبرار وتاريخها التحرّري المجيد، ومبادئها الرّاسخة، وقيم شعبها الحرّ الذي لم يتخل يوما عن نصرة الشعب الصّحراوي طوال نصف قرن من كفاحه المشروع، وهو الذي ناصر شعوبا أخرى في أقصى البقاع، ذات قضايا عادلة، كما لن تتخلّى الجزائر عن مؤازرة شعب جار شقيق تتقاسم معه التاريخ والثقافة والمصير المشترك. وجدّد الإمتنان لها على وقوفها الدائم هذا إلى جانب القضية، مؤكّدا مواصلة الكفاح حتى تحقيق النصر المؤزر، وبناء الدولة الصّحراوية الحرة المستقلة التي تضطلع بمسؤولياتها في بناء مجتمعها، تشارك بفعالية في تطور القارة الإفريقية، وتساهم في تحقيق عالم أكثر عدلا، تُحترم فيه إرادة الشعوب وتتجسّد مصالحها، اقتداء بثورة نوفمبر المجيدة.
تراجع عن الشرعية!
وأشار المسؤول الصّحراوي إلى متغيّرات الظروف الدولية والجهوية العميقة التي تجري فيها فعاليات الطبعة الجديدة من الجامعة الصيفية، والتي تؤثّر بشكل أو بآخر في مسار كفاح الشعب الصّحراوي الطويل من أجل الحرية والاستقلال، على غرار تراجع دور مجلس الأمن في فرض المواثيق الدولية وتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعثّر مساعيه في فرض الحلول السلمية المنسجمة مع الشرعية الدولية، واستمرار حالة الشّلل لدى بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصّحراء الغربية، التي لم تنهض بمأموريتها الأساسية في تنظيم الاستفتاء، ولم تقم بدورها في مراقبة وحماية حقوق الإنسان في الأجزاء المحتلة من الصّحراء الغربية والتقرير عنها.
وتزامن هذا التراجع - يضيف الوزير الأول - مع تكثيف الممارسات القمعية لنظام الاحتلال المغربي في الأرض المحتلة من الصّحراء الغربية ضدّ المناضلين، وتزايد انتهاكات حقوق الإنسان وكافة الحقوق المدنية بشكل غير مسبوق، واستعمال مختلف أساليب الترهيب لمواجهة أشكال التعبير المدني الرافضة لتواجد الاحتلال المغربي.
وثمّن الوزير الأول الصّحراوي صمود أبطال ملحمة أكديم إيزيك في سجون الاحتلال المغربي الرهيبة والوحشية، وكافة المعتقلين السياسيّين، وكل جماهير الشعب الصّحراوي بالأرض المحتلة وجنوب المغرب، الذين يستميتون في مواجهة وتحدي نظام الاحتلال المغربي وجبروت آلته القمعية، كما أشار إلى أهمية مسيرة الحرية من أجل المعتقلين السياسيّين الصّحراويّين التي شارك فيها منظمات مجتمع مدني، ونقابات، وجمعيات غير حكومية، ومواطنون من بلدان مختلفة، وكان لها أثر بالغ في كسر الحصار وعرّفت بمعاناة الأسرى المدنيّين في سجون الاحتلال المغربي.
تحالفات المخزن الخطيرة
وتتزامن الجامعة الصيفية، حسب بشرايا حمودي بيون، مع إبرام دولة الاحتلال المغربي تحالفات دولية خطيرة بدءا من التحالف مع الكيان الصّهيوني، مروراً بالمواقف التآمرية لرئيس حكومة إسبانيا، والرّئيس الفرنسي، والدعم المالي لبعض دول الخليج، وصولا إلى استدراج التمثيل القنصلي لبعض الدول المأجورة إلى مدن الصّحراء الغربية المحتلة، وما لكل ذلك من تهديد للسّلم والأمن في المنطقة.
وبينما تتكرّس معالم الجزائر الجديدة المدافعة عن القضايا العادلة، والشعوب المضطهدة، قال الوزير الأول الصّحراوي: “تتفاقم في الجانب الآخر الأزمات في المملكة المغربية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وهو ما تجلّى في الخلافات العميقة في دواليب الحكم، ومراكز القرار، وتردّي الأحوال المعيشية للمغاربة، وتزايد أعداد المهاجرين عبر زوارق الموت والرّفض الشعبي للسياسات الاجتماعية البائسة للحكومات والأحزاب المتعاقبة على السلطة، كل ذلك يوازيه على المستوى الإقليمي -يضيف الوزير الأول الصّحراوي- استمرار سياسات الدولة المغربية الداعمة للإرهاب والجريمة المنظمة، وخاصة تهريب المخدرات في منطقة الساحل، وتهديد السلم والأمن والاستهداف المباشر لدول الجوار، وذلك هروبا من أزماته الداخلية المتعدّدة التي عمّقها استئناف الكفاح المسلّح، الذي لم تقتصر كُلفته على الجوانب المادية فحسب، بل تعداها إلى أزمات اجتماعية تمّ التعبير عنها في مظاهرات واسعة واحتجاجات متواصلة ضدّ غلاء المعيشة والارتفاع الصارخ لأسعار المواد الأساسية، إضافة إلى موجة الرفض الشعبي الواسع لدخول المغرب المعلن في مسار التطبيع مع الكيان الصّهيوني، كفاعل قديم جديد في هذا المسار المذل، وكشريك استراتيجي للكيان الصّهيوني في تكنولوجيا الحرب والتجسّس وزرع اللااستقرار في الشمال الإفريقي، وفتح الصّحراء الغربية للاستيطان الصّهيوني بغرب الوطن العربي كما هو الحال في مشرقه.