الاحتلال المغربي في قلب الفضائح والنكسات
تواصل الدبلوماسية الصّحراوية النزيهة شقّ طريقها بثبات نحو إيصال صوتها وصوت الشعب الصّحراوي إلى مختلف دول وشعوب العالم، مدعومةً بتأييد متزايد لقضيتها العادلة. وفي المقابل، تتكشّف باستمرار ممارسات المخزن وأساليبه الملتوية في محاولة طمس الحق المشروع، عبر اللجوء إلى الرشاوى والضغوط لشراء الذمم وتغيير مواقف الدول. وتبقى فضيحة «ماروك غايت» وما سبقها أو تلاها من ممارسات على مستوى الاتحاد الإفريقي شاهدة على هذه الانتهاكات.
تطرّقت أشغال الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو والدولة الصّحراوية، إلى فشل دبلوماسية الرشاوى التي يعتمدها المخزن لإقرار سيادته المزعومة على الأرض الصّحراوية، والتي لم يجن منها أي نصر، وعلى العكس من ذلك خسر أموالا طائلة لم تحقّق هدفه. وفي هذا السياق أشار أستاذ العلوم السياسية، بجامعة تيزي وزو، فيصل مقدم، في محاضرة بعنوان: «الاتحاد الإفريقي ورهانات الاستعمار المسار الدبلوماسي الصّحراوي»، إلى نجاح الدبلوماسية الصّحراوية على مستوى الاتحاد الإفريقي، في دحر تأثير المخزن الذي صرف أموالا طائلة لشراء مواقف الدول الإفريقية، التي غيّرت مواقفها بعد اعترافها بالدولة الصّحراوية.
وأكّد أنّ تلك المواقف، وكذا مواقف الدول الغربية التي أعلنت تأييد الطرح المغربي، لن تؤثر على القضية الصّحراوية ومركزها القانوني داخل لجنة تصفية الاستعمار كقضية تصفية استعمار بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. وشدّد على أنّ الاستفتاء الضامن لحق الشعب الصّحراوي في تقرير المصير والاستقلال هو الحل الأنسب والقانوني لحل النزاع في الصّحراء الغربية.
يذكر أنّ نظام المخزن ورّط نفسه في قضايا رشاوى كثيرة، أشهرها ما عرف بـ»ماروك غايت»، التي قدّم فيها رشاوى لنواب بالبرلمان الأوروبي، من أجل وقف أو منع صدور قرارات لصالح القضية الصّحراوية، وتغيير التصويت لغير صالحها، وقد أدت الفضيحة إلى محاكمة العديد من النواب، الذين أصبحوا يسمّون البنزيريون الجدد، نسبة إلى أنطونيو بنزيري، الذي كان منسّقا بين المخزن والنواب في تسليم الرشاوى، وساهمت الفضيحة، من حيث لم يُرد المخزن، في استصدار قرار العدل الأوروبية الذي جاء لصالح القضية الصّحراوية.
وبالمثل فشل المغرب منذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، الذي دفع رشاوى لـ30 دولة إفريقية للتصويت لصالح عودته، في فرض إرادته وإبعاد الجمهورية الصّحراوية من نشاطات الاتحاد في إطار الشراكة مع الأطراف الخارجية، أو تجميد عضويتها. وفي الموضوع نفسه، أكّد سفير الجمهورية العربية الصّحراوية، خطري أدوه، في وقت سابق أنّ الاحتلال المغربي مارس ومازال يمارس ويشتري ذمم بعض الدول، على مستوى المنظمات الإقليمية، ومنها الجامعة العربية، وقال إنّ الجمهورية الصّحراوية تمد يدها للاحتلال وتناشد الدول العربية أن تساعد المخزن لانتشاله من الورطة التي أوقع نفسه فيها، لتنعم المنطقة المغاربية والعربية بالأمن والسلم والسلام.
تقويض الاحتلال العسكري المغربي
من جهة أخرى، أكّد المستشار الخاص لدى الرئيس الصّحراوي المكلّف بملف الثروات الطبيعية والقضايا القانونية، أبي بشراي البشير، أنّ المغرب لم يكن ليتمكّن من الاستمرار في احتلاله للصّحراء الغربية لولا القمع الممنهج والوحشي للشعب الصّحراوي واستغلاله ثروات الإقليم في تمويل احتلاله العسكري، مشدّدا على أنّ إجهاض الاحتلال الاقتصادي سيقوّض الاحتلال العسكري.
وأكّد أبي بشراي البشير أنّ «المغرب وحلفاءه يدركون أنّ اليوم الذي يتمّ فيه إقرار مراقبة دولية لانتهاكات حقوق الإنسان سيكون بداية العد العكسي للاحتلال». من جهة أخرى -يضيف المتحدث- فإنّ تطبيق القرارات الدولية القاضية بوقف نهب ثروات الشعب الصّحراوي، خاصة قرارات محكمة العدل الأوروبية، «سيجعل تكلفة تمويل الاحتلال أكبر بكثير ممّا يجنيه المغرب، وهو ما سيقوده إلى الانسحاب.وعليه، فإنّ تشديد الخناق على المغرب في هذين الجانبين سيقوده إلى التسليم بالحتمية التاريخية القاضية بتمكين الشعب الصّحراوي من حقه غير القابل للسقوط بالتقادم في تقرير المصير والاستقلال».وأشار إلى أنّ «المغرب يخوض الآن المرحلة الثالثة من احتلاله للصّحراء الغربية، وهي الأكثر خطورة على المدى البعيد، وهي مرحلة الاحتلال الاقتصادي عن طريق جلب الاستثمارات وتوريط الدول والشركات الأجنبية لتكريس الأمر الاستعماري، وهو ما يتطلب مضاعفة الجهود لإجهاضها وإجبار الدول والشركات على الانسحاب بسبب عدم شرعية النشاط، والاستغلال والاستثمار الاقتصادي في إقليم محتل دون الحصول على موافقة الشّعب الصّحراوي».
كما أكّد الدبلوماسي الصّحراوي أنّ معركة الشعب الصّحراوي من أجل تكريس سيادته على الثروات الطبيعية للصّحراء الغربية تجري في إطار معركته الرئيسة، من أجل ممارسة حقه غير القابل للتصرّف في تقرير المصير والاستقلال.
وقال في هذا الصدد إنّ سيادة الشّعب الصّحراوي على ثرواته الطبيعية تعتبر واحدة من المكونات الأربعة الرئيسية لتقرير المصير رفقة «الوحدة الترابية للإقليم»، «الوحدة الوطنية للشّعب» و»الحق في الإختيار» لتحديد الوضع النهائي للإقليم، وبالتالي فهذه المعركة «كانت وما تزال توجد في صلب الكفاح الوطني من أجل تقرير المصير».وتوقف المتحدث عند المواعيد المستقبلية الضاغطة التي تنتظر اللّجنة المكلفة بملف الثروات الصّحراوية، التي شكّلها الرئيس الصّحراوي إبراهيم غالي، وأبرزها انتهاء مدة اتفاق الشراكة والمنتجات الزراعية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، والذي يشمل الصّحراء الغربية بطريقة غير قانونية، بعد انقضاء سنة على قرار محكمة العدل الأوروبية الأخير.
ويرى المتحدث أنّ هناك العديد من السيناريوهات المحتملة وأبرزها أن تخضع المفوضية الأوروبية مجدّدا لضغوط وابتزاز المغرب وحلفائه في أوروبا، وتعيد إنتاج التجارب السابقة في الدوس على قرارات المحكمة الأوروبية، «وفي هذه الحالة، فإنّ جبهة البوليساريو، انطلاقا من كونها ممثل الشّعب الصّحراوي الشرعي والوحيد، لن تتوانى في التقدّم مجدّدا بشكاوى أمام القضاء الأوروبي». أما في حالة عدم التجديد مع شمولية الصّحراء الغربية -مثلما أضاف- فإنّ الاتحاد الأوروبي «يكون قد فتح صفحة جديدة مع الشّعب الصّحراوي وسيساهم إيجابيا في الدفاع عن السلام العادل والنهائي في الصّحراء الغربية».
ويرى الدبلوماسي أنّ الشّعب الصّحراوي وجبهة البوليساريو «يوجدان في رواق أفضل لربح الرهان من جديد بسبب قوة ووضوح قرارات محكمة العدل الأوروبية وميثاق الأمم المتحدة، وقبل هذا وذاك بسبب إصرار الشعب الصّحراوي على تكريس سيادته على ثرواته الطبيعية وعلى التمتّع بحقه في تقرير المصير والاستقلال».
وخلص إلى القول: «كما أننا نوجد في رواق أفضل لمحاصرة القمع المغربي للمدنيّين الصّحراويّين بالنظر إلى التراكم الإيجابي للقرارات الأممية الأخيرة، خاصة على مستوى لجنة مناهضة التعذيب، لجنة مناهضة التمييز العنصري، فريق العمل الخاص بالإعتقال التعسفي وكذا المقرّرين الأميّين الخاصّين، حيث وجّه 8 منهم مراسلة خاصة للمغرب بخصوص القمع والتمييز ضدّ 79 ناشطا حقوقيا صحراويا تحت الاحتلال».