يؤكّد رئيس المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة وعضو المرصد الوطني للمجتمع المدني، سفيان عفان، في اتصال مع “الشّعب”، أنّ منظمته كانت دائماً في صلب حملات التحسيس ضدّ حرائق الغابات، استجابة لأول نداء أطلقته وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية تحت شعار: “نحمي غاباتنا… نحمي أرواحنا وثروتنا”.
شغلت حرائق الغابات، بما تخلّفه من تداعيات اقتصادية وبيئية، اهتمام السلطات العمومية على مدى مواسم صيفية متتالية، حيث باتت مع بداية كل صائفة تترقّب الأخبار المقلقة عن اندلاع الحرائق هنا وهناك. ومن ثَمّ أصبح التنبؤ بهذه الكوارث والسيطرة عليها ضمن أولويات الدولة.
الحرائق ليست مجرّد كارثة طبيعية، بل كثيراً ما تكون نتيجة إهمال بشري وسلوكيات عشوائية. وهنا يبرز دور القطاعات الوزارية مثل الداخلية والجماعات المحلية، البيئة وجودة الحياة، إضافة إلى مختلف المنظمات والهيئات وفواعل المجتمع المدني، في ترسيخ المواطنة البيئية عبر حملات تحسيسية للحدّ من السلوكات الخاطئة، وتشجيع المواطنين على تبني إجراءات وقائية بسيطة، مثل عدم إشعال النار في المناطق الحساسة والإبلاغ الفوري عن أي دخان، مع المطالبة بتوفير وسائل إطفاء أولية في القرى النائية، وتعزيز المراقبة بالأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة.
يؤكّد رئيس المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة وعضو المرصد الوطني للمجتمع المدني، سفيان عفان أنّ هذه الحملات، التي نظمتها المديرية العامة للغابات بالتنسيق مع مصالح الحماية المدنية، عرفت مشاركة فعّالة للمنظمة عبر مكاتبها الولائية، مساهمةً في تعزيز الوعي البيئي وترسيخ ثقافة الوقاية.
أما بخصوص الخريطة الجغرافية لهذه الحملات، فقد شملت ولايات عديدة، على غرار الجزائر العاصمة، تيزي وزو، البويرة، برج بوعريريج، إضافة إلى ولايات الجنوب مثل ورقلة والوادي، حيث ركّزت الجهود هناك خصوصاً على حماية الثروة النخيلية. وبيّن المتحدث أنّ هذه المبادرات جاءت استجابة للنداءات التي وجّهتها وزارات الداخلية والجماعات المحلية، البيئة وجودة الحياة، الحماية المدنية، والمديرية العامة للغابات، ما يعكس تنسيقاً قطاعياً واسعاً يهدف إلى إشراك المواطنين في مواجهة خطر الحرائق.
وعي بيئي وحسّ تطوعي متنامٍ
في السياق نفسه، حرصت المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة، حسب رئيسها، على توسيع نطاق التوعية عبر خرجات ميدانية مباشرة في الأحياء والمناطق الغابية والفلاحية، إلى جانب حملات رقمية على مواقع التواصل الاجتماعي، لضمان وصول الرسائل إلى أوسع شريحة من المواطنين. كما عملت بالشراكة مع مختلف جمعيات المجتمع المدني، وتحت إشراف المرصد الوطني للمجتمع المدني، على تنسيق الجهود بما يعكس وعياً جماعياً متزايداً بأهمية حماية الغابات والثروات الطبيعية. وأضاف عفان أنّ المنظمة لعبت دوراً محورياً في تعبئة الشباب والمتطوّعين، من خلال لقاءات جوارية، توزيع مطويات توعوية، وإطلاق ومضات إعلامية رقمية للتذكير بخطورة السلوكات العشوائية مثل رمي أعقاب السجائر أو إشعال النار في أماكن غير مخصّصة.
ثقافــة التبليـــغ
وشدّد عفان على أنّ مساهمة المنظمة تندرج في إطار مسؤوليتها الوطنية لحماية البيئة، مؤكّداً أنها ستواصل دعم مثل هذه المبادرات بالشراكة مع الهيئات العمومية والفاعلين المحليّين، بهدف تعزيز الوعي الجماعي بخطورة الحرائق على الاقتصاد الوطني والتوازن البيئي. وأوضح أنّ هذه الجهود تكشف عن تكامل كبير بين مختلف القطاعات الرّسمية والمجتمع المدني، بقيادة وزارتي الداخلية والبيئة وجودة الحياة، ما جعل من حملات التحسيس درعاً وقائياً لحماية الغابات والنخيل باعتبارهما ثروة وطنية واستراتيجية. وأبرز أنّ هذه الحملات أثبتت فعاليتها في التقليل من الحرائق من خلال ثلاثة محاور أساسية: توعية المواطنين بمخاطرها على البيئة والاقتصاد والأرواح، تعزيز الوقاية عبر نشر إرشادات لتفادي مسبّباتها، وتشجيع التضامن المجتمعي للتبليغ المبكّر والمشاركة في الإطفاء بالتنسيق مع السلطات المحلية والغابات والحماية المدنية.
تجـاوب لافــت
كما أوضح عضو المرصد الوطني للمجتمع المدني أنّ الحملات الميدانية تمركزت في الولايات الأكثر عرضة للحرائق مثل تيزي وزو، بجاية، البليدة وغيرها، عبر توزيع مطويات وملصّقات، وتنظيم ورشات تحسيسية في المدارس والجامعات لترسيخ ثقافة حماية البيئة لدى الشباب. كما استُخدمت وسائل الإعلام والمنصات الرّقمية لنشر مقاطع فيديو بعدة لغات، بالتعاون مع الجمعيات المحلية ورجال الدين والزوايا لإيصال الرسائل بطريقة مؤثرة. وقد لاقت الحملة تجاوباً واسعاً من المواطنين، خاصة في المناطق الريفية. وعلى ضوء النتائج الميدانية، شدّدت المنظمة على ضرورة توفير معدات إطفاء أولية في القرى النائية، وتعزيز المراقبة عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، مع إشراك القطاع الخاص في دعم مبادرات التشجير وإعادة التأهيل، للتأكيد بأنّ حماية البيئة مسؤولية جماعية.
التشجير.. سبيل مواجهة الإفلاس البيئي
إن كان التصدي للمخاطر الكبرى مثل الزلازل يتمّ بإعادة الإعمار، فإنّ إعادة تأهيل الغابات لا يكون إلا بالتشجير المستمر، باعتباره رصيداً وطنياً ذا بعد بيئي واقتصادي. وفي هذا الصدد، تأسّف سفيان عفان للخسائر التي سببتها الحرائق للنباتات النادرة والعطرية والطبية، مؤكّداً أنّ أثرها السلبي سيستمر سنوات طويلة، بما يقلّل من القيمة البيئية والجمالية للمناطق الغابية. وأكّد أنّ السلطات العمومية تولي أهمية خاصة لتجديد الغطاء الغابي عبر إستراتيجية محكمة، يضع معالمها خبراء وتقنيون، لضمان الحفاظ على نفس الخصائص البيئية، مع الاعتماد على أصناف من الأشجار المقاومة للحرائق، بالنظر إلى المناخ الجاف، الحرارة المرتفعة، ورياح “السيروكو” التي تجعل الغابات عرضة للاشتعال السريع.