ترسيخ الشفافية و تكريس مبادئ دولة القانون.. مسراتي:

الجزائر المنتصرة.. حربٌ لا تتوقّف ضدّ الفساد والمفسدين

هيام لعيون

دولـة حق تكرّس مبـادئ النزاهـة والشفافيـة والمساءلـة

 أكّدت رئيسة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، سليمة مسراتي، أنّ صدور العدد الأول من المجلة الدورية للسلطة التي تصدر مرتين في السنة، يهدف إلى أن يكون “مرآة صادقة تعكس حجم الجهود المبذولة والإنجازات المحقّقة في مسار ترسيخ قيم الشفافية والنزاهة والمساءلة، وتعزيز آليات الوقاية من الفساد ومكافحته”.

 صدر العدد الجديد من نشرية “شفافية” التي تصدرها السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته. ويأتي صدور العدد في سياق شهدت فيه الجزائر، منذ تولي الرّئيس عبد المجيد تبون مهامه كقاضٍ أولٍ للبلاد، إطلاق مسار وطني شامل لمحاربة الفساد وترسيخ الشفافية، ما قاد إلى تحولات عميقة في المنظومة التشريعية والمؤسساتية، مع تعزيز آليات الرقابة والوقاية. وقد وضعت الجزائر نصب أعينها هدفاً واضحاً يتمثل في بناء دولة الحق والقانون التي تكرّس مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة، حيث قامت السلطات العليا في البلاد بعدة خطوات ملموسة لتحقيق هذا الهدف، من أبرزها تنفيذ إصلاحات قانونية ومؤسّساتية تهدف إلى تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.
لم تكن الشفافية مجرّد شعار رفعه الرّئيس، بل التزاماً دستورياً يسعى إلى تجسيده من خلال إصلاحات شاملة في الإدارة العامة. وقد تمّ اتخاذ عدة خطوات لتعزيز هذا المبدأ على أرض الواقع، أبرزها تحسين التواصل بين المؤسّسات الحكومية والمواطنين، حيث أصبحت العديد من المؤسّسات تعتمد منصّات إلكترونية لتقديم الخدمات بشكل مباشر وشفّاف، بما يتيح للمواطنين تقديم شكاواهم وملاحظاتهم، ممّا يعزّز من مستوى الشفافية والمساءلة.

أخلقة الحياة العامة

 ومن أهم هذه الإصلاحات إنشاء “السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته”، وهي هيئة مستقلّة تسهر على مراقبة أداء المؤسّسات الحكومية وضمان النزاهة في إدارة الشؤون العامة.
وبمناسبة مرور ثلاث سنوات على إنشائها، أكّدت رئيسة السلطة العليا، سليمة مسراتي، أنّ هذه الذكرى تمثل “محطة فارقة في مسار بناء دولة القانون وترقية مبادئ الحكم الرشيد وأخلقة الحياة العامة”.
وأوضحت أنّ السلطة العليا أُنشئت بموجب دستور 2020 ومقتضيات القانون رقم 08-22 المؤرّخ في 5 ماي 2022، حيث أُسندت لها “صلاحيات رقابية واسعة تشمل تجريم أفعال الفساد ذات الصلة بالثراء غير المشروع، وتفعيل آليات المتابعة والوقاية، فضلاً عن أدوارها في التحسيس والتكوين ونشر ثقافة النزاهة”.
وفي استعراضها لأبرز ما تحقّق خلال السداسي الأخير، شدّدت مسراتي على أنّ السلطة واصلت أداء مهامها “بعزم راسخ”، من خلال تنظيم سلسلة ورشات تقنية وملتقيات وطنية، والمشاركة الفعالة في لقاءات دولية وإقليمية لتبادل الخبرات وتطوير أدوات مكافحة الفساد.
كما أضافت أنّ السلطة بادرت “بإطلاق برامج تحسيسية وتكوينية موجّهة لمختلف الفاعلين، إلى جانب مبادرات تهدف إلى تحديث المنظومة القانونية وتكريس الشفافية في تسيير الشؤون العمومية”.
وختمت مسراتي تصريحها بالتأكيد على أنّ إصدار هذه المجلة “جاء لتوثيق مسار وطني حافل بالعطاء والإنجاز، وتجديد التزام الجزائر الثابت ببناء جزائر النزاهة، التي ترفض الفساد بكل أشكاله، وتعمل عبر مؤسساتها على صون المال العام وترسيخ الثقة بين المواطن والدولة”، داعية الله التوفيق والسداد في مواصلة أداء هذه الرسالة النبيلة.
وكانت مسراتي قد أكّدت، في كلمتها بمناسبة انعقاد الدورة السابعة للجمعية العامة لجمعية سلطات مكافحة الفساد الإفريقية، أنّ استضافة الجزائر لهذه التظاهرة القارية أيام 20 و21 و22 جويلية 2025، تحت شعار “استرداد الموجودات.. تعزيز التعاون وتبادل الخبرات من أجل إفريقيا قوية ومتحدة ضدّ الفساد”، يعكس الدور الريادي للجزائر في هذا المجال ويجسّد التزامها الثابت بمحاربة الفساد على المستويين الوطني والإفريقي.
ومع إقرار دستور 2020، تمّ تثبيت مبدأ إنشاء السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته كهيئة مستقلة ذات صلاحيات واسعة. وفي 5 ماي 2022، صدر القانون رقم 08-22 الذي أسند للسلطة مهام تجريم أفعال الفساد المرتبطة بالثراء غير المشروع، وتفعيل آليات الوقاية والمتابعة، إلى جانب أدوار جوهرية في التوعية والتكوين.

استرجاع الأموال المنهوبة

 وقد قامت السلطات العليا في البلاد بتفعيل الأجهزة الرقابية، حيث ارتكزت هذه المرحلة على التحرّك الميداني لمواجهة قضايا الفساد، من خلال تكثيف التحقيقات، واسترجاع الأموال المنهوبة، وتعزيز التنسيق بين أجهزة الدولة، بما يضمن فعالية الردع ويواكب المعايير الدولية في محاربة الفساد.
كما انتقلت الجهود إلى البعد الوقائي، عبر إطلاق برامج تحسيسية وتكوينية تستهدف مختلف الفاعلين في المجتمع، وتنظيم ورشات تقنية وملتقيات وطنية، والمشاركة في محافل دولية لتبادل التجارب الناجحة، إلى جانب العمل على تحديث المنظومة القانونية وتعزيز الشفافية في إدارة الشؤون العمومية.
وفي السياق ذاته، تمّ اعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد تمتد على مدى خمس سنوات (2023-2027)، وتهدف إلى تعزيز النجاعة والنزاهة في جميع مستويات الإدارة. وتعتمد هذه الاستراتيجية على أدوات ومؤشّرات لقياس مدى فعالية الجهود المبذولة، ممّا يعكس التزام الحكومة بمكافحة الفساد بشكل منهجي ومستدام.

من أين لك هذا؟

 وبالعودة إلى الآليات الرقابية لمكافحة الفساد في الجزائر، فقد أُنشئت عدة هيئات رقابية إلى جانب الاستراتيجية الجديدة، منها “الديوان المركزي لقمع الفساد” (2006)، الذي يتولى التحقيق في القضايا الكبرى ويعمل بالتنسيق مع السلطات القضائية لضمان محاسبة المتورّطين.
كما توجد “الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” (هيئة دستورية منذ 2020)، التي تعمل على وضع السياسات الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطره وطرق الوقاية منه، إضافة إلى “مجلس المحاسبة” الذي يضطلع بدور الرقابة المالية على المؤسّسات الحكومية، حيث يراقب إنفاق المال العام ويتأكّد من توجيهه وفق القوانين. ويُسهم المجلس في الكشف عن التجاوزات المالية والفساد الإداري.
أما “المفتشية العامة للمالية”، فهي تراقب التدفقات المالية داخل الوزارات والمؤسّسات العامة، وتضمن الشفافية في إدارة الأموال العمومية، كما تلعب دوراً محورياً في كشف حالات الفساد المالي وتقديم التقارير للسلطات المختصة.
وفي السياق نفسه، أُنشئت هيئة “من أين لك هذا؟” سنة 2022، لمراقبة الثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميّين، حيث تحقّق في مصادر الثروة المفاجئة وتعرّض المتورّطين على القضاء عند ثبوت المخالفات. بينما تضطلع السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته بمراقبة جميع مظاهر الفساد في المجتمع، بما في ذلك الثراء غير المشروع، وتعمل على تعزيز النزاهة والشفافية في مختلف مستويات الإدارة العامة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19850

العدد 19850

السبت 16 أوث 2025
العدد 19849

العدد 19849

الخميس 14 أوث 2025
العدد 19848

العدد 19848

الأربعاء 13 أوث 2025
العدد 19847

العدد 19847

الثلاثاء 12 أوث 2025