نمـوذج صناعـي متكامـل في خدمـة التنميـة المحليـــة والتعــاون القاري
يشارك المجمّع العمومي لإنجاز السكك الحديدية التابع لوزارة الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، في فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025، المنعقد بالجزائر العاصمة، في الفترة الممتدة من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري، باعتباره أحد الفاعلين الرئيسيين في قطاع البنى التحتية السككية ومحرّكا أساسيا لمسار التنمية الصناعية في الجزائر، حيث يشكّل حضوره في هذا المحفل القاري الاستراتيجي مناسبة لإبراز إمكاناته الصناعية، وتعزيز موقع الجزائر كقاطرة للتكامل الإفريقي.
تسعى إدارة المجمّع من خلال مشاركتها في المعرض، إلى عرض خبراتها الصناعية وإبراز إنجازاتها الميدانية، إلى جانب تقديم طاقتها الإنتاجية في مجال مواد البناء السككية والأشغال العمومية، كما تهدف إلى إقامة شراكات إفريقية ودولية جديدة تفتح أمامها آفاقا واعدة للتعاون الاقتصادي، تجسيدا للاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تعزيز الاندماج الاقتصادي الإفريقي ودعم مشاريع البنى التحتية العابرة للحدود.
سيكون جناح المجمّع في المعرض واجهة للتعريف بابتكاراته، حيث سيعرض نماذج متنوعة من العوارض المخصّصة للسكك والمترو، إضافة إلى عناصر مسبقة الصنع وحلول متطوّرة في مجالات الهندسة والتّكهرب السككي، ومن خلال هذا العرض التفاعلي، يسعى المجمّع إلى إبراز أنّ الجزائر لم تعد مجرّد مستهلك للتكنولوجيا، بل أضحت منتجا ومصدرا للخبرة والقدرات الصناعية.
يؤكّد مسؤولو المجمّع أنّ السكك الحديدية تشكّل اليوم محرّكا حقيقيا للتنمية والاندماج الإفريقي، إذ تراهن الجزائر على تحديث شبكتها الوطنية بما يُسهم في فكّ العزلة عن المناطق الداخلية وتنشيط المبادلات التجارية وتسهيل التنقل، مع فتح آفاق جديدة للشراكة جنوب–جنوب، وبذلك تتحوّل السكك الحديدية إلى أداة استراتيجية ليس فقط لتطوير الاقتصاد الوطني، بل أيضا لتعزيز التكامل القاري، الذي يعد أحد أهم رهانات إفريقيا في السنوات المقبلة.
على هذا الأساس، ستكون مشاركة المجمّع العمومي لإنجاز السكك الحديدية في المعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025، رسالة قوية مفادها أنّ الجزائر قادرة على تقديم نموذج صناعي متكامل يزاوج بين التنمية المحلية والانفتاح على العمق الإفريقي، ويضع الصناعة الوطنية في قلب مسار الاندماج الاقتصادي للقارة.
من خلال هذا التوجّه، يجدّد المجمّع التزامه بأن يكون فاعلا مرجعيا في مجال النقل السككي والبنى التحتية، مساهما في بناء اقتصاد وطني أكثر صلابة، وفي نفس الوقت شريكا موثوقا في مسيرة التنمية الإفريقية.
للإشارة، أنشئ المجمّع العمومي لإنجاز السكك الحديدية، بقرار من مجلس مساهمات الدولة في الثالث والعشرين من ماي 2024، بموجب القرار رقم 184، ليضطلع بمهمة تصميم وإنجاز وصيانة البنى التحتية السككية الحديثة والمستدامة، مع العمل على تطوير عرض صناعي متكامل يستجيب للحاجيات الوطنية من جهة ويفتح آفاق التعاون الإفريقي من جهة أخرى.
تقوم فلسفة المجمّع على مبدأ السيادة الصناعية والاعتماد على القدرات الذاتية، حيث يضمّ إحدى عشرة وحدة لإنتاج العوارض الخرسانية والعناصر المسبقة الصنع، ومصنعا متخصّصا في لحام السكك، وسبع مقالع لإنتاج الحصى الخاص بالسكك الحديدية وطبقاتها التحتية، فضلا عن ثلاثة مراكز للصيانة. كما يمتلك فرعا متخصّصا في الكهرباء السككية والصيانة والأشغال العمومية وأنظمة المراقبة الحديثة، وهو ما يمنح الجزائر قاعدة إنتاجية متكاملة قوامها قدرات وطنية 100 بالمائة، تعزّز الاكتفاء الذاتي وترسّخ التنافسية على الصعيدين الوطني والقاري.
يضمّ المجمّع تحت مظلته عدة فروع متخصّصة، مثل “سيتيراي” المكلفة بالدراسات التقنية والهندسة السككية، و«إنفراريل” التي اقتحمت سوق أشغال مترو الجزائر، من خلال تصنيع أولى العوارض المخصّصة للمترو محليا في إنجاز يعد سابقة للصناعة الوطنية، إلى جانب “إنفرافير” التي تضطلع بمهام إنجاز البنى التحتية السككية والأشغال العمومية وأعمال الصيانة، كما يضاف إليها فرع “راي إلكتر” المكلف بالكهرباء السككية والتتبّع والمراقبة، ويعكس هذا التنوع رؤية استراتيجية تقوم على الدمج بين الخبرة التقنية وتوسيع النشاطات الصناعية لضمان مكانة ريادية في السوق الإفريقية.