توقيع مذكرة تفاهم مع كينيا وثلاثة عقود مع مؤسسات وطنية

سوناطراك توسع شراكاتها الإفريقية وتدعـم المنتـوج المحلي

زهراء. ب

 حشيشي: تبادل الخبرات والعمل على إنجاز مشاريع مشتركة في مجـال استكشـاف وإنتـاج المحروقـات

مشاريع استراتيجية  لتوسعة الأنابيب وتأمين إمدادات الغاز

شهدت الجزائر، أمس، توقيع بروتوكول تفاهم تاريخي بين مجمع سوناطراك والشركة الوطنية الكينية للنفط، إلى جانب إبرام ثلاثة عقود استراتيجية مع مؤسسات جزائرية في مجال النقل عبر الأنابيب، بقيمة إجمالية تقارب 60 مليار دينار جزائري، في خطوة مزدوجة تجسد رؤية الجزائر في تعزيز التكامل الإفريقي- الإفريقي في مجالات النفط والغاز، وترسخ في الوقت نفسه خيارها الثابت المتمثل في تشجيع المنتوج المحلي وتثمين قدرات الصناعة الوطنية، بما يعزز الأمن الطاقوي والسيادة الصناعية ويفتح آفاقا واعدة للتنمية المشتركة عبر القارة السمراء.

أكد الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك رشيد حشيشي، في كلمة له خلال مراسم التوقيع، بمقر المديرية العامة للمجمع بالعاصمة، أن هذه الخطوة تمثل بعدا مزدوجا، كونها تجمع بين الانفتاح على الشراكة الإفريقية- الإفريقية من جهة، وتعزيز الاعتماد على القدرات الوطنية من جهة أخرى، لتطوير البنية التحتية الإستراتيجية، وتعزيز المنظومة الوطنية لنقل المحروقات عبر الأنابيب، بوصفها العمود الفقري لتأمين وضمان استمرارية إمدادات الطاقة على المستويين الوطني والدولي.
وأوضح حشيشي، أن مذكرة التفاهم مع الشركة الوطنية الكينية للنفط، يأتي في إطار الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، الذي تحتضنه الجزائر في الفترة الممتدة من 04 إلى 10 سبتمبر 2025 تحت شعار “جسر نحو آفاق وفرص جديدة”، والذي يجسد إرادة الجزائر في تعزيز التعاون الإفريقي- الإفريقي في مجالات حيوية وواعدة، ويؤكد قناعة سوناطراك الراسخة بأن التكامل والشراكة على الصعيد الإفريقي هما السبيل الأمثل لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لشعوب قارتنا.
وأضاف حشيشي، أن هذا البرتوكول يرسم، في الواقع، إطارا عمليا للتعاون بين مؤسسة سوناطراك ونظيرتها الكينية، من خلال تبادل الخبرات والمعارف والعمل على إنجاز مشاريع مشتركة في مجال استكشاف وإنتاج المحروقات، وفي مجال تزويد السوق الكينية بغاز البترول المسال والمنتجات البترولية، فضلا عن أنه يتضمن دراسة جدوى تطوير منصة تجارية مخصصة لغاز البترول المسال والمنتجات البترولية ومواد التشحيم والمنتجات البتروكيميائية.
كما أن التعاون في هذا المجال، لا يقف عند هذا الحد -يضيف نفس المسؤول- بل يمتد إلى دراسة آليات تطوير استخدام غاز البترول المسال كوقود للسيارات وكذا لأغراض الاستعمال المنزلي، إضافة إلى تطوير المهارات وتعزيز الكفاءات المهنية لموظفي الشركة الوطنية الكينية للنفط، من خلال اعتماد برامج تكوين نوعية تشرف عليها سوناطراك.
وأشار الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، إلى أن إبرام هذا البروتوكول يندرج في إطار تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين حكومتي الجزائر وكينيا، والرامية إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات النفط والغاز والطاقة، وهو يعد خطوة نوعية في مسار الشراكة الطاقوية بين بلدينا. كما يعكس طموح سوناطراك إلى توسيع أنشطتها على الصعيد القاري، وترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي في قطاع الطاقة على المستويين الإقليمي والدولي.
في هذا السياق، عبر عن اعتزازه بهذا الإنجاز الذي سيعود، مثلما قال، بـ “النفع على بلدينا وشعبينا”. مؤكدا التزام سوناطراك الدائم بمبادئ التعاون، وبناء الشراكات المثمرة وخدمة أهداف التنمية المستدامة في إفريقيا.

رئيـس الشركة الكينيـة للنفط: اتفاقية تاريخية تجسد الثقة وتفتح آفاق التعاون

من جهته الرئيس المدير العام للشركة الوطنية الكينية للنفط لاباران جيدون مورينتات، أكد أن الاتفاقية ليست مجرد إعلان ثقة بين شركتين وطنيتين، بل تعكس عمق العلاقات بين الجزائر وكينيا، وتشكل انطلاقة لمسار تعاون مثمر يخدم التنمية المشتركة في القارة الإفريقية.
ولفت الانتباه إلى أن الاتفاقية تشمل مجالات البحث والتطوير، تبادل الخبرات والمعرفة التقنية، إضافة إلى مشاريع تدريبية مشتركة، ما يجعلها منصة لتعزيز القدرات البشرية والتكنولوجية في قطاع الطاقة، كما تمتد بنود التعاون إلى مشاريع الاستكشاف والإنتاج وتطوير البنى التحتية، مع اهتمام خاص بتزويد الأسواق بالغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المميع.
وذكر المسؤول، أنه عقب التوقيع على مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين، أُنشئ فريق عمل مشترك، أعقبته زيارات ميدانية لمسؤولين وخبراء من الجانبين إلى منشآت طاقوية، من أجل الاطلاع على الإمكانات المتاحة وتعزيز فرص الاستثمار. وفي فيفري 2024، احتضنت الجزائر لقاءات مكثفة بين ممثلي الشركات الوطنية، ركزت على دراسة مشاريع ملموسة في مجالات الإمداد الطاقوي والتطوير التقني.
هذه الجهود أثمرت عن إعداد تقارير ودراسات رفعت إلى حكومتي البلدين قصد تسريع تنفيذ الاتفاقية وتحديد محاور التعاون ذات الأولوية، ما يعكس الجدية والالتزام بتحويل هذه المذكرة إلى مشاريع واقعية.
وأضاف، أن التوقيع على بروتوكول التفاهم بين سوناطراك والشركة النفطية الكينية، تزامن مع احتضان الجزائر الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية- 2025، بمشاركة قادة ومسؤولين كبار من مختلف أنحاء القارة، وهو ما منح الاتفاقية بعدا قاريا يعكس التوجه الإفريقي نحو تعزيز التكامل الاقتصادي وتطوير التعاون الطاقوي جنوب– جنوب.
وختم الرئيس المدير العام للشركة الوطنية الكينية للنفط كلمته، بالتأكيد على أن هذه المذكرة ليست نهاية المطاف، بل بداية لمسار عمل جاد ومثمر من شأنه أن يرفع علاقات التعاون بين الجزائر وكينيا إلى آفاق أرحب، ويجعل من الشراكة الطاقوية رافعة للتنمية المشتركة في إفريقيا.
عقود بـ60 مليار دينار لتعزيز قدرات نقل الغاز في الجزائر
على صعيد آخر، تم توقيع ثلاثة عقود استراتيجية في مجال النقل عبر الأنابيب، بقيمة إجمالية تصل إلى 60 مليار دينار، وذلك في إطار تنفيذ المخطط متوسط المدى لمجمع سوناطراك، الرامي إلى تدعيم البنية التحتية وضمان أمن التزويد بالطاقة على المستوى الوطني.
في هذا الصدد، أوضح الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك رشيد حشيشي، أن العقود المبرمة بين نشاط النقل عبر الأنابيب لمجمع سوناطراك ومؤسسات وطنية، سواء كانت مؤسسات فرعية تابعة للمجمع أو مؤسسات جزائرية رائدة في مجال الصناعة والإنجاز، تترجم في جوهرها الرؤية الإستراتيجية لمجمع سوناطراك في دعم وترقية المحتوى المحلي، وتشجيع المؤسسات الوطنية على لعب دور محوري في إنجاز وتطوير المشاريع الكبرى للمحروقات، مؤكدا أنه خيار استراتيجي ثابت عبر عنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة، وتعمل سوناطراك على تجسيده فعليا من خلال إبرام هذا النوع من العقود.
وأبرز حشيشي أهمية هذه العقود، حيث قال: “علاوة على قيمتها الإجمالية التي تبلغ نحو 60 مليار دينار جزائري، فإنها تشمل ثلاثة مشاريع كبرى ترتبط بتطوير البنية التحتية لنشاط النقل بواسطة الأنابيب، ويتعلق الأمر بتوسعة أنبوب الغاز GG1 وربطه من حاسي الرمل إلى محطة الضغط 3 لمجبارة بولاية الجلفة ومجدل بولاية المسيلة، بما يعزز أمن الإمدادات من الغاز الطبيعي ويغطي حاجيات عشر ولايات في وسط البلاد، وست محطات كهربائية، من بينها محطة الحامة التي تزود العاصمة”.
كما يتعلق الأمر باستبدال جزء من أنبوب النفط الخام OH1 الرابط بين محطتي الضغط لأوهانت ومدربة بولاية إيليزي بأنابيب جديدة مصنوعة من الإيبوكسي المقوى بالألياف الزجاجية ومطابقة للمعايير الحديثة في السلامة والجودة.
ويتعلق الأمر أخيرا بتصنيع نحو 163 كلم من الأنابيب المصنوعة من الإيبوكسي المقوى بالألياف الزجاجية، من إنتاج مؤسسة جزائرية، في خطوة رائدة في إطار سياسة إحلال الواردات والتوجه، تدريجيا، نحو الاستقلالية الصناعية وتعزيز سلسلة القيمة المحلية وتقليص فاتورة الاستيراد.
وأكد الرئيس المدير العام لسوناطراك، أن هذه المشاريع ليست مجرد عمليات تقنية لإنجاز أنابيب أو محطات، بل هي استثمار مباشر في أمن الجزائر الطاقوي، وتعزيز السيادة الطاقوية للبلاد، وتقوية النسيج الاقتصادي الوطني عبر خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، وإعطاء دفع حقيقي للصناعة المحلية التي برهنت على قدرتها على تصنيع تجهيزات عالية الجودة كانت تستورد سابقا بالعملة الصعبة.
واغتنم حشيشي الفرصة للتأكيد، مجددا، على أن سوناطراك تحرص على إيلاء أهمية قصوى لمطابقة جميع مشاريعها لأعلى المعايير الدولية، خاصة ما يتعلق منها بالصحة والسلامة والبيئة.
 في هذا الصدد، أشار إلى أن العقود تندرج ضمن برنامج شامل لإعادة تأهيل وتأمين شبكة نقل المحروقات بواسطة الأنابيب بما يضمن سلامة المنشآت وحماية البيئة والسكان في المناطق التي تمر عبرها.
كما اعتبر التوجه نحو الاعتماد على المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة، كشريك إستراتيجي، هو أكثر من مجرد خيار اقتصادي، بل هو رهان وطني يهدف إلى تعزيز السيادة الصناعية، ودعم القدرات الوطنية في البحث والتطوير والهندسة والإنجاز، وتهيئة الظروف لبروز صناعة طاقية جزائرية ذات قدرة تنافسية إقليميا ودوليا.
وقال، “نتطلع بثقة إلى إنجاز هذه المشاريع في الآجال المحددة وبالمستوى النوعي الذي يليق بسمعة سوناطراك، بما يعزز من مكانة الجزائر كفاعل طاقوي موثوق، وبما يسهم في التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025
19868

19868

السبت 06 سبتمبر 2025
العدد 19867

العدد 19867

الخميس 04 سبتمبر 2025