رهانات إستراتيجية للنهوض بالقارة عبر “إياتياف”

جزائر الأحرار..محرّك التكامل الاقتصادي القاري

آسيا قبلي

 توحيـــد المواقـف في مواجهة التحديــات الجديـدة

حمل الحدث الاقتصادي الأكبر قاريا، معرض التجارة البينية الإفريقية “إياتياف” 2025، في طبعته الرابعة، أبعادا إستراتيجية من شأنها تغيير مستقبل القارة بالنظر إلى المشاركة على أعلى مستوى لرؤساء الدول والحكومات الإفريقية، إلى جانب المتعاملين الاقتصاديين من القارة ومن خارجها. وبالعودة إلى خطاب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، فإن الحدث الاقتصادي بامتياز هو منبر أيضا للتعبير عن رغبة قارية في توحيد المواقف في مواجهة التحديات الجديدة الناجمة عن التغير في المنظومة الدولية، وتكامل قاري يجعل القارة الغنية بالموارد أكثر قوة في مواجهة هذه التحديات.

جاءت الطبعة الجديدة من معرض التجارة البينية الإفريقية في ظروف دولية وقارية مغايرة للطبعات السابقة، سواء من حيث الأحداث الدولية التي تتميز بتكتلات اقتصادية وسياسية جديدة، أو من حيث واقع القارة الذي شهد توجها ملحوظا نحو تحقيق نمو وتنمية محلية، ووعيا جماعيا بأهمية القارة الغنية بموارد هي محرك اقتصادات الدول الصناعية.
هذه المعطيات الجديدة ولدت رغبة قارية في تحقيق تكامل إفريقي حقيقي، وهو ما اتضح من خلال أهداف المعرض البيني، وأولى اتفاقات الشراكة بين الجزائر، التي تقود لواء التكامل القاري، وعدد من الدول المشاركة، وبين الدول الأخرى فيما بينها.

وقــود التنميــة

وفي السياق نفسه، يراهن قادة القارة على الشباب باعتبارهم مستقبلها الذي يبدأ من داخلها، فطاقة الشباب هي المحرك الفعلي المولد للثروة. إذ تعتبر القارة أكثر قارات العالم شبابا، ويمثل الشباب في سن العمل نسبة 75 بالمائة من مجموع السكان، فيما يمثل الشباب الأقل من 19 سنة نصف السكان، وهي ثروة ثمينة إذا أُحسن استغلالها وانتشالها من شبح البطالة الذي يهدد الشباب بسبب قلة فرص العمل، حيث تحصي إفريقيا ما مجموعه 12 مليون وافد لسوق العمل سنويا، فيما لا توفر سوى ثلاثة ملايين إلى أربعة ملايين منصب شغل.
لكن، وبالمقابل، يوفر “إياتياف” فرصا معتبرة لرواد الأعمال الشباب لعقد شراكات مع متعاملين اقتصاديين محليين ومن خارج القارة، ما يمكن من توفير فرص عمل كبيرة للشباب في دولهم.
وإذ تؤكد الجزائر على أن الأمن والتنمية يسيران جنبا إلى جنب، فقد خصصت فضاء واسعا للشباب من رواد الأعمال وحاملي المشاريع، ليكونوا قدوة لغيرهم من شباب القارة. وهذا ينسجم أيضا مع روح مبادرة أجندة الشباب الإفريقي، من حيث توفير فرص العمل للشباب وتعزيز مشاركتهم في القطاعات الاقتصادية، مما يُسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي، والمضي قدما في سبيل تعزيز الجهود القارية الرامية إلى إصلاح الأمن في دول القارة الإفريقية، والعمل على بناء أواصر العلاقات بين الاتحاد الإفريقي ودوله الأعضاء، بحسب أهداف المبادرة الأممية الإفريقية.
كما أن أهداف المعرض تتماشى مع أهداف مبادرة الأمم المتحدة “أجندة الشباب الإفريقي”، التي تركز على تمكين الشباب من خلال إشراكهم في عمليات صنع القرار، وتعزيز مشاركتهم في بناء السلام، وتوفير الفرص الاقتصادية والتعليمية التي تسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية. وتم إطلاق أجندة الشباب والسلام والأمن (YPS) من قبل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بهدف تعزيز دور الشباب في منع النزاعات وبناء السلام. وتستند هذه الأجندة إلى خمسة أعمدة رئيسية هي: المشاركة، والحماية، والوقاية، والشراكات، وإعادة الإدماج.

محــرك التكامــل القــاري

أما فيما يتعلق بالتكامل الذي تراهن عليه الجزائر، لتتمكن القارة من أخذ المكانة التي تستحقها على المستوى العالمي، فإن الجزائر من خلال استضافة هذا المعرض تبرهن أنها قوة اقتصادية إقليمية ومحرك للتكامل القاري، مما يعزز مكانتها في القارة الإفريقية.
وفي هذا الصدد، يمكن القول إن المعرض الإفريقي للتجارة البينية يعد منصة اقتصادية وسياسية هامة، إذ لا يمكن فصل هذه عن تلك. فالهدف الذي ترافع من أجله الجزائر لصالح القارة هو التكامل الاقتصادي الإفريقي من خلال زيادة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة، ودعم منطقة التجارة الحرة القارية “زليكاف”، وتعزيز دورها في تحفيز النمو الاقتصادي والتنمية في القارة.
وأشار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى التوافق السياسي بين الرؤساء الأفارقة حول أهمية تعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي للقارة. كما تسعى الجزائر والدول الإفريقية المشاركة في المعرض إلى دعم الاستقلال الاقتصادي، للتمكن من اتخاذ قراراتها الاقتصادية بشكل مستقل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025
19868

19868

السبت 06 سبتمبر 2025
العدد 19867

العدد 19867

الخميس 04 سبتمبر 2025