المعــرض تنوّعت فعالياتـــه وتعــدّدت..والتنظيم أكــثر مـن رائــع
أفاد الخبير الاقتصادي والمالي والتجاري الدولي، الدكتور ياسر حسين سالم، أن الجزائر احتضنت وبنجاح كبير معرض التجارة البينية الإفريقية “إياتياف 2025”، وكسبت رهان التنظيم المحكم باعتبارها دولة حديثة وقوية اقتصاديًا، تحتل المرتبة الثالثة ضمن أهم اقتصاديات إفريقيا وفقًا لبيانات عام 2024.
قال الدكتور ياسر حسين سالم، في تصريح خص به “الشعب”، إن المعرض الإفريقي التجاري في الجزائر، شهد مشاركة وفود نوعية من 140 دولة، وحضور أكثر من 2000 شركة من أفريقيا ومختلف دول العالم، في حين شاركت الجزائر بحوالي 200 مؤسسة رائدة، وبحجم زائرين للمعرض يتجاوز 40 ألف زائر مهني، وقيمة اتفاقيات مبرمة تقدر بحوالي 45 مليار دولار أميركي، مشيرًا أن تنظيمه كان متميزًا ورائعًا، ومحكما بوسائل الأمن والأمان والراحة وتقنيات العرض والنقاش للتقريب بين مؤسسات الأفارقة.
وأوضح ياسر، وهو أستاذ محاضر بجامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية، أن المعرض تنوّعت فعالياته وتعدّدت، ومنها منتدى التجارة والاستثمار في إفريقيا، والصالون الإفريقي للسيارات، والملتقى الإفريقي للإبداع، بالإضافة إلى اللقاءات التجارية الثنائية وبرنامج منظمة الاتحاد الإفريقي للمؤسسات الناشئة، مما أسهم في بلورة واقع مشجع على تقارب وجهات النظر بين المشاركين والمتعاملين الاقتصاديين، وحسّن اطلاعهم على كل ما تجود به إفريقيا من منتجات وسلع مؤهلة للتداول والتبادل قاريًا.
ويرى الخبير أن هذه الفعالية الإفريقية الاقتصادية الضخمة على أرض الجزائر، لها أهمية كبيرة للعمل على رفع مؤشرات التبادل التجاري البيني بين دول القارة السمراء؛ ذلك أن التبادل التجاري البيني بين دولها مازال عند مستوى متدني في حدود 15 % فقط طبقًا لإحصائيات عام 2024، وبحجم تجارة بينية بين البلدان جميعها يبلغ 220 مليار دولار أميركي، معتبرًا هذه الأرقام ضعيفة، مقارنة بحجم التجارة البينية بين دول أوروبا الذي يصل إلى 60%.
وفي ظلّ هذه المعطيات، جاء هذا المعرض في الجزائر لرفع حجم التجارة البينية بين دول القارة الإفريقية، وهو هدف استراتيجي يخدم مصالح كل دول المنطقة ويشجع على استغلال كل مواردها محليًا، وفقًا له.وأردف ياسر: “أعتقد أن هذا الهدف ممكنًا لدول أفريقيا ذات التنوع الاقتصادي الثري بالثروات الطبيعية والموارد المتنوعة، وبعدد سكان يقترب من 1.5 مليار نسمة، وناتج محلي يقترب من 3.5 تريليون دولار أميركي، وأتوقع أن نسبة التجارة البينية الحالية بين دول القارة وهي 15% من الممكن أن يتم مضاعفتها إلى 30 % في غضون عام 2030، في ضوء استهداف الدول الإفريقية لهذا المبتغى الاستراتيجي، خاصة أن المعرض الإفريقي للتجارة البينية نظمته مصر مرتان، وجنوب أفريقيا مرة واحدة، والجزائر بهذا التنظيم مرة، وكلها معارض تصب في نفس الغاية الاقتصادية”.تنظيم النسخة الرابعة من هذا المعرض، مثلما أضاف الباحث ذاته، ستستفيد منه الجزائر بمكاسب كبيرة، وسيعمق من دورها التنموي والاقتصادي والأمني في إفريقيا، فبلد الشهداء نظم الفعالية بمزيج اقتصادي متنوع ما بين البترول والغاز وصناعة المواد الغذائية والدوائية ومواد البناء والمنتجات التكنولوجية والالكترونية الحديثة.وتحدث ـ في سياق متصل ـ عن مؤهلات كبيرة في اللوجستيات وإدارة الموانئ والنقل والطرق وقطاع الإنشاءات والأشغال العمومية، وتَقدَّم كثيرًا في الفلاحة والتعليم والصحة والتأمينات ومنشآت الرياضة، ومن المجالات الواعدة في الجزائر أيضًا، قطاع المنتجات الكهربائية والالكترونية والأجهزة المنزلية والمستلزمات الدوائية الطبية والصيدلية والطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وكل هذا سيضعها في قلب خطة التكامل الاقتصادي الإفريقي في المستقبل القريب.كما ستجني الجزائر من تنظيم الطبعة الرابعة لهذا العرس التجاري الإفريقي، الكثير من الاستثمارات الداخلية والأجنبية، فمصر مثلاً استفادت من تنظيمه سابقًا وحصدت في النسخة الثالثة مكاسب قدرت بحوالي 30 مليار دولار، وستستفيد أيضًا استفادة كبيرة باعتبارها ثاني اقتصاديات أفريقيا وتشارك على أرض الجزائر بالمعرض بمنتجات متميزة، تأكيدًا على حرصها من أجل زيادة حجم التجارة البينية مع البلدان الإفريقية، وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بينها وبين مختلف دول القارة السمراء، يذكر المتحدث.
وتابع: “تشارك مصر في إياتياف 2025، بعدد كبير من الشركات العاملة في قطاعات متنوعة تشمل مجالات الطاقة، والكهرباء، والزجاج، والكيماويات، والدهانات، ومستلزمات الفنادق والمطابخ، والملابس، ومواد العناية الشخصية، والتكنولوجيا، ونظم معالجة المياه، والأسمدة الزراعية، والمنتجات الاستهلاكية، وأنشطة تنظيم المعارض والمؤتمرات والترويج الدولي”.كما يأتي معرض التجارة البينية الإفريقية في الجزائر كحدث وأداة أساسية ضمن جهود تفعيل التكامل الاقتصادي بين دول القارة، لما لذلك من أهمية كبيرة لكافة البلدان كتكتل إفريقي واحد صاعد أمام بقية التجمعات الاقتصادية العالمية، بحسب قوله.واسترسل الدكتور سالم: “أرى أن التكامل الاقتصادي بين دول القارة الإفريقية يزيد ويرفع من حجم التجارة البينية، ويضفي حرية كبيرة في حركة السلع والخدمات في ما بين دول القارة السمراء، ويعزز الفرص الاستثمارية الجديدة في شتى القطاعات، ويجعل من بيئة الدول الإفريقية أكثر جاذبية للاستثمار العالمي من مختلف بلدان المعمورة، ما سيدفع ويرفع بالنمو الاقتصادي لكافة البلدان الإفريقية ويضمن التنمية المستدامة وانخفاض البطالة والتشغيل والتوظيف، وبالتالي إرساء الاستقرار الأمني الشامل، والقضاء على أزمات المجاعة والجوع، والحد من الفقر، ورفع مستويات المعيشة وتحسين رفاهية المواطن الإفريقي، وزيادة مؤشرات رفاهية المستهلك الإفريقي من خلال جودة السلع المحلية بالأسواق الإفريقية وتنوعها نظير انخفاض تكلفتها. وكل ذلك يؤدي إلى تعظيم الاستفادة من ثروات القارة السمراء، وحماية مواردها الاقتصادية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وحماية البيئة، وصون الطبيعة، وجعل اقتصاديات أفريقيا أكثر كفاءة وازدهارًا”.وبناءً على ذلك، ستكون الدول الإفريقية خاصة بالساحل، أكثر استقرارًا وبُعدًا عن النزاعات والحروب، وسيعمّ السلام ويتحقق التقدم الاقتصادي والاجتماعي في جميع البلدان من خلال التعاون المشترك، والشراكة الاقتصادية المثمرة، والتنمية المستدامة، يذكر أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية، الدكتور ياسر حسين سالم.