المحلـل الاقتصادي الدكتور أحمد حيدوسـي لـ”الشعـب”:

معرض التجارة البينية الإفريقية..نجاح بكل المقاييس

زهراء.ب

عقـــــود ضخمـــة وصفقــــات واعـــدة تمهّــد لتكامـــل اقتصــادي حقيقــي

  المؤسســـات الناشئـــة والقطـــاع الخـــاص يكسبـان ثقـة الأفارقـة

أسدل الستار، أمس، على فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025، الذي احتضنته الجزائر على مدار أسبوع كامل، جامعا تحت سقفه آلاف الفاعلين الاقتصاديين، ممثلين عن الحكومات، منظمات إقليمية، رجال أعمال، مستثمرين ومبتكرين شباب. في السياق، أكد المحلل الاقتصادي الدكتور أحمد حيدوسي، أن حصيلة المعرض كانت “إيجابية بكل المقاييس”، معتبرا التظاهرة محطة مفصلية في مسار التكامل الاقتصادي الإفريقي، وفتحت الباب أمام نقاش جدي حول ضرورة رفع حجم المبادلات التجارية وتوسيع مجالات الشراكة بين بلدان القارة.

في رده عن سؤال حول حصيلة معرض التجارة البينية الإفريقية 2025، أكد حيدوسي في تصريح لـ “الشعب” أن “التقييم إيجابي بحكم أن حجم التجارة الإفريقية ظل لعقود ضعيفا، إذ لم يتجاوز بين 12 إلى 15 بالمائة”، غير أن هذه التظاهرة “أعطت بداية لتغيير الخطاب الاقتصادي داخل القارة، وطرحت بإلحاح مسألة التكامل وزيادة حجم المبادلات”.
وأشار المتحدث إلى أن الكثير من المشاركين الأفارقة زاروا الجزائر لأول مرة، حيث أبدوا إعجابهم بالإمكانات الكبيرة المتوفرة سواء على مستوى البنى التحتية أو نوعية المنتجات الجزائرية، خاصة في مجالات التنويع الاقتصادي.
كما لفت إلى أن المعرض عرف بروز مؤسسات ناشئة جزائرية استطاعت أن تقتنص عقودا تجارية معتبرة، وهو ما يؤكد ـ حسبه ـ أن “الحدث حقق أهدافه المرجوة وسيمهد لعقود من التعاون الاقتصادي الحقيقي في المستقبل”.

الطاقة في صدارة الأولويات

وعن أبرز القطاعات الاقتصادية التي برزت خلال المعرض، شدد حيدوسي على أن قطاع الطاقة استحوذ على النصيب الأكبر، موضحا أن “القارة الإفريقية لا يمكنها تحقيق تنمية حقيقية في الزراعة أو الصناعة دون وجود طاقة محركة”.
وأضاف أن الجزائر عرضت إمكاناتها في هذا المجال، وأبدت استعدادها لدخول كل الأسواق الإفريقية عبر مشاريع مشتركة، وهو ما تجسد من خلال صفقات تصدير المعدات الكهربائية وعقود تعاون مع عدة دول.
وكشف المحلل الإقتصادي أن عددا من المؤسسات الجزائرية الخاصة تمكنت من إبرام صفقات كبرى تجاوزت قيمتها نصف مليار دولار، معتبرا ذلك مؤشرا على أن “القطاع الخاص الجزائري عندما يمنح الفرص ويرفع عنه العراقيل، فإنه يبدع ويحقق نتائج باهرة”.
كما أبرز أن الاستثمار الأجنبي استفاد بدوره من المناخ الجديد، حيث تمكنت شركات أجنبية تنشط في الجزائر من توسيع نشاطاتها نحو إفريقيا، على غرار مؤسسة مصرية رفعت استثماراتها في الجزائر إلى 2.5 مليار دولار بعد نجاحها في إبرام عقود مع شركاء أفارقة. ويرى حيدوسي أن ذلك يمثل دلالة واضحة على جاذبية السوق الجزائرية وفعالية قانون الاستثمار الجديد الذي يشجع المستثمرين الأجانب.
إلى جانب الطاقة، ذكر حيدوسي أن قطاعات أخرى برزت بقوة خلال المعرض، منها قطاع الأجهزة الكهرومنزلية، الحديد والصلب، مواد البناء والإسمنت، إضافة إلى البيتروكيماويات والمواد الصيدلانية، كما سجل حضورا لافتا - حسب المتحدث - للمؤسسات الناشئة في مجال التكنولوجيا والابتكار، حيث تمكنت شركات جزائرية من توقيع شراكات مع مستثمرين صينيين لنقل التكنولوجيا والتصدير.
وأشار الخبير إلى أن الجزائر تسير نحو استعادة مكانتها في قطاع الصناعات الميكانيكية بفضل مشاريع مستقبلية بدأت تعطي ثمارها من خلال شراكات ومبادرات ملموسة.

نحو تجسيد الحلم الإفريقي

وبخصوص سؤال حول مساهمة المعرض في تجسيد أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، قال حيدوسي “إن الهدف الأسمى للاتحاد الإفريقي منذ 1963 هو تحقيق تكامل اقتصادي شامل عبر توحيد السياسات المالية والنقدية، إنشاء بنك مركزي وعملة موحدة، إزالة الحواجز الجمركية وضمان حرية تنقل الأشخاص داخل القارة”.
وأضاف أن هذه الأهداف الكبرى تحتاج إلى خطوات متدرجة، مؤكدا أن “مسار الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى”، وأن ما تحقق في هذا المعرض يمثل اللبنة الأولى نحو بناء إفريقيا متكاملة وقادرة على الدفاع عن مصالحها مقارنة بالتكتلات الاقتصادية العالمية الأخرى.
واختتم الخبير الاقتصادي تصريحه بالتأكيد على أن الجزائر، بما تملكه من إمكانات اقتصادية وبشرية وقانون استثمار محفز، باتت فاعلا محوريا في المسار الإفريقي نحو التكامل، مشددا على أن “ما تحقق في المعرض ليس سوى البداية لمسار طويل، لكنه واعد ويستحق البناء عليه”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19872

العدد 19872

الأربعاء 10 سبتمبر 2025
العدد 19871

العدد 19871

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025