«بابون مجرم حرب» أفلت من العقاب

القوانين الفرنسية حمته من كل الملاحقات

جمال أوكيلي

«أقتلوهم.. إنكم محميون» هكذا كان يصرخ السفاح موريس بابون في وجه أعوان الشرطة في هيستيريا نفسية لا حدود لها من أجل إجبارهم على إطلاق النار على جموع المتضاهرين من الجزائريين الذين كانوا يحتجون على سياسة فرنسا القمعية في الجزائر وتعلقهم بجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة آنذاك.

هكذا أراد هذا المجرم تكسير هذه الحركة الشعبية، مستعملا أساليب وحشية تصنف في خانة الجريمة ضد الإنسانية وجريمة الدولة لا تسقط بالتقادم أبدا مهما حاول هؤلاء «تبييض هذا الرجل» وتعليق له نياشين «الشجاعة» عفوا رمز الإبادة بامتياز تجاه الجزائريين.
واستنادا إلى الشهادة الحية والتاريخية فإن عدد الجزائريين الذين قتلوا كان في حدود ٤٠٠ شخص، وحوالي ١٥ ألف موقوف حول منهم ٣٠٠٠ إلى بلدهم الأصلي عنوة وتحت القهر والضغط، لكن ما نسيه بابوبن أن المظاهرات حققت أهدافها وأحرزت الجبهة انتصار باهرا في الميدان.
هذا ما أكده السيد مخلوف عولي مسؤول في فدرالية الجزائر بفرنسا، كما أن كل أركان الجريمة التي ارتكبها بابون متوفرة، لكن للأسف ضمن تغطية قانونية تحميه من كل متابعات قضائية وهذا موجود في نصوص هذا البلد التي تمنع من ملاحقة الضباط الذين كانوا مكلفين بمهام عسكرية.
وبالرغم من الجهود التي بذلت على مستوى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا أن هذا الرجل كان حرا طليقا ليس هناك من يقلقه أو يعترض حياته اليوم ولم يقف في أي محكمة تذكر وإن كانت هناك محاولة لجره إلى المحاكم الا أنه كان يجد الضمانات التي تسارع إلى إطلاق سراحه وعدم إحراجه أبدا.
هذه الذهنية الاستعمارية لم تمح أبدا من ذاكرة كثير من الذين يحنون إلى ماضيهم الهمجي وإلى غاية يومنا هذا يتغنون بما يسمى بـ «الحضارة» التي كانت عبارة عن قتل وإعدام وتعذيب وغيره من الأعمال الإجرامية التي يعاقب عليها القانون.
في هذا السياق دعا السيد مخلوف عوني إلى ترك المبادرة أمام كل الخيرين في هذا المجتمع المدني قصد العمل في هذا الاتجاه أي متابعة مجرمي الحرب من الفرنسيين لدى العدالة لنيل جزاء ما أقترفوه.
وهذه الصيغة حسب السيد عولي هي التي تؤدي إلى فتح العديد من الملفات التاريخية التي تخدم الجزائر ونقصد بذلك توثيق الأحداث التي كانت محل رفض الجزائريين لها منذ مجزرة ٨ ماي ١٩٤٥، مرورا بجرائم أخرى سجلها التاريخ بوضوح لا غبار عليها، ماتزال عالقة في رقبة مرتكبيها، وهذه الدعوة صادقة، صادرة عن السيد عولي من أجل منح الفرصة للمجتمع المدني في الكشف عن كل تلك الأفعال المرفوضة جملة وتفصيلا، وهذا بالاستفادة من التجارب السابقة منها خاصة ما أنجزته جمعية ٨ ماي ١٩٤٥ في ملف المجرم موريس بابون والسعي خلال المراحل السابقة لإحالته على العدالة غير أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ألقت الملف في الأدراج ولم تستطع تحريكه إلى غاية يومنا هذا.
والسفاح بابون هو واحد من الجنرالات الفرنسيين الذين ارتكبوا جرائم ضد الجزائريين واعترفوا بها أمام الملأ إلا أن آلة العدالة تعطلت في الأروقة الأوروبية رافضة السير على هذا المنوال للشعوب التواقة إلى القصاص من هؤلاء المجرمين وكل من سار على دربهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024