ماذا يمكن للمختصين في مجال التراث الثقافي الجزائري أن يفعلوا، حتى تعمم تظاهرة مثل معرض «جزائر ما قبل التاريخ» الذي سينظمه متحف الباردو، بداية شهر مارس القادم؟ هو السؤال الذي تداوله الكثير من المتدخلين، أمس، خلال النقاش الذي تلى الندوة التي احتضنها منتدى «الشعب»، والذي سمح بتسليط الضوء على أهمية «التواصل الثقافي والتاريخي لكل الحقبات التي عاشتها الجزائر، منذ عصر ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا».
تساءلت مشيش نسيمة محافظة التراث بمتحف الباردو، بالمناسبة عن الدور الذي يمكن للمحافظ أن يقوم به، وعن الجهود التي قد يقدمها في هذا الأساس، علما أن الحقبة الاستعمارية قد حاولت وبشدة طمس الهوية الوطنية، ومحو كل الآثار التاريخية والثقافية للمجتمع الجزائري.
وأضافت مشيش قائلة أنه «حان الوقت اليوم، ليقوم محافظ التراث بدوره ويتحمل مسؤولياته، وأن يسهر على تبليغ المواطن الجزائري وتعريفه بكل ما عرفه واكتشفه، حتى يتسنى لهذا الأخير الإلمام بكل ما يتعلق بماضيه وتاريخه وهويته».
وقالت المحافظة في ذات السياق، أن معرض «الجزائر ما قبل التاريخ.... أبحاث واكتشافات «، يعتبر خطوة كبيرة إيجابية في اتجاه الهوية الوطنية، فمن المهم أن لا يكون مجرد تظاهرة ظرفية، بل لا بد من السهر على تعميم المبادرة حتى تشمل أكبر عدد من المواطنين، لاسيما والجيل الجزائري الصاعد اليوم، يبتعد أكثر فأكثر عن كل ماله رمزية ومرجعية وعلاقة مع هويته وجذوره التاريخية والثقافية.
وأشار من جهته الدكتور عيسى بلمكي الباحث في علم الانثروبولوجية السياسية
إلى وجود»مشاكل خاصة بالطابع الزمني في ما يخص عملية حفظ التراث التاريخي المادي، والتحف الأثرية، مؤكدا أن المتحف الذي يحتكم اليوم على ثروة قديمة قيمة، تخضع لنمط حياتي ظرفي وطرق حفاظ خاصة، من الضروري مراعاتها إذا ما أردنا أن نستغلها في الجانب الثقافي».
وفي سياق آخر أكد الدكتور بلمكي «على ضرورة إيجاد ووضع سياسة جديدة حول البحث والتنقيب عن الآثار بكل أحقابها التاريخية ووضع خارطة تضم كل المواقع الأثرية».
وأردفت فاطمة عزوق مديرة متحف «الباردو» في هذا الشأن، قائلة، أن «المعرض سيشكل فرصة لتقديم أحدث طرق لحفظ منتوجات التنقيب الأركيولوجي والحفريات، كما سيشكل فرصة لفتح النقاش على أوسع نطاق، حول الأبحاث الخاصة بحقبة ما قبل التاريخ».