بدأت مؤشرات سلبية تظهر في السوق العالمية للغاز الطبيعي منذ حوالي سنة، حين بدأت الأسعار في التدني إلى أن فقدت نصف قيمتها ليقترب السعر إلى أدنى مستوى سجل في سنة 2008.
وفقد الغاز الطبيعي في سنة واحدة فقط دولارين تقريبا، وفقا لما رصدته البورصات العالمية في أمريكا (الولايات المتحدة لديها مخزونات طاقوية غير مسبوقة) وأوروبا وآسيا، حيث برزت أرقام سلبية بتسجيل سعر 6,2 دولارات مقابل 1 مليون وحدة حرارية (1 مليون btu) فيما كان السعر 4,4 دولارات في تداولات نوفمبر و4 دولارات في ديسمبر الماضي.
واعتبر الخبير مبتول مؤشرات السوق العالمية للغاز بالصعبة، في وقت تمثل فيه صادرات الغاز الجزائري ما يعادل 33 من المائة من إيرادات الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك مثلما أوضحه، أمس، في تصريح هاتفي لـ “الشعب”، مشيرا الى أن السبب الأول في ضرب توازن السوق الغازية، يتمثل في الدخول القوي للغاز القطري إلى السوق الآسيوية، حيث يتم تصديره بالأخص نحو الهند، أكبر زبون بموجب اتفاق يمتد على 15 سنة بسعر 5 و6 دولارات لـ(1 مليون btu)، بينما يكلف تصدير الغاز الجزائري إلى هناك، أي السوق الآسيوية بين 12 و14 دولارا لنفس الوحدة، فيما لا يتعدى سعره في البورصات 4 دولارات.
وأوضح أن كلفة بيع الغاز عبر أنبوبي ميدغاز نحو إسبانيا وترانسميد عبر تونس نحو إيطاليا يقدر بكلفة بين 8 و9 دولارات، في وقت سجل سعر الغاز الطبيعي المميع في البورصات، أمس، 8,1 دولارات، ما شكل صدمة للمصدرين مثل الجزائر. ومن ثمة، فإن مؤشرات بورصة الغاز في الظرف الراهن لا تخدم مصالح بلادنا، كما أشار إليه الخبير بنبرة يعبّر من خلالها عن مدى خطورة الوضعية الراهنة، ما يلوح بمؤشرات تزيد من ثقل أزمة الصدمة الخارجية لأسواق المحروقات التي اصبحت تهدد الأمن الوطني الشامل.
وفي ظل وضعية سلبية كهذه، فإنه من الضروري العمل باتجاه إعادة صياغة مخطط ناجع للسياسة الغازية في الاتجاهين: الداخلي، من خلال ترشيد الاستهلاك الذي عرف نموا معتبرا في السنوات الأخيرة بفضل مسار التنمية مع تطوير برنامج التحول الطاقوي نحو اعتماد مصادر بديلة. وخارجيا، المبادرة بتنشيط التشاور ضمن مجموعة البلدان المصدرة للغاز من أجل كبح انسياق بعض الأطراف وراء إغراق السوق وتنمية المضاربة.
وعشية حلول ذكرى تأميم المحروقات الموافقة لـ24 فبراير، ما أحوج البلاد لأن تتشكل قوة بنفس تلك الروح لإرساء مسار طاقوي وطني متجدد يستجيب في نفس الوقت للتحديات ومتطلبات النمو، بانخراط كافة المؤسسات ومراكز البحث والتنمية في ديناميكية كفيلة بأن تمتص حدة الصدمة من خلال إنتاج قوة اقتصادية نابعة من الموارد خارج المحروقات بالدرجة الأولى، على غرار الرفع من وتيرة نمو السياحة والفلاحة والصناعة التحويلية والمناجم.