اقتحمت السياسة والأعمال في ظروف أمنية صعبة

عزيمة فولاذية لمسيرة مقاولة البناء مخطارية شنتوف

معسكر: أم الخير.س

ظل اسمها مرتبطا بالعمل الشاق والدؤوب في سبيل الارتقاء بمؤسسة أشغال البناء التي تسيّرها منذ سنة 1996، فهي خرّيجة الجامعة الجزائرية في تخصص الهندسة المدنية.
السيدة مختارية شنتوف، التي تنحدر من منطقة تغنيف المحافظة، بولاية معسكر، قادها شغفها بالهندسة إلى اقتحام مجال البناء والأشغال العمومية، فكسرت الطابوهات الاجتماعية في وقت كان هذا المجال المهني حكرا على الرجل.
لم يكن عليها إطلاق التوجيهات والتعليمات الشديدة اللهجة لعمالها ومستخدميها، فالجميع هنا في ورشة بناء للسيدة المقاولة يكنّ لها الاحترام، بطريقة سلسة تفرضها السيدة شنتوف لدى أول خطوة لها في الورشة، نظرة حادة وحديث قليل، ملاحظات دقيقة تسقط من عيني هذه الأنثى على كل ركن وزاوية في ورشة البناء، تليها إشارات يفهمها عمال البناء، ثم تخرج من الورشة متجهة إلى ورشات أخرى قبل أن تسأل عن أحوال كل عامل لديها، ببساطة الكلمة: «هل ينقصكم شيء؟».
سيدة مثالية وتصنع الاستثناء
عموما، وجهنا للسيدة مخطارية شنتوف سؤالا حول كيف استطاعت أن تصنع الاستثناء بخوضها تجربة مقاولة البناء، فأوضحت قائلة، إنه بعد وفاة والدها حددت مصيرها بالمشي على خطاه واستكمال طموحها في إنشاء مقاولة بناء، دون أن يتردد أحد من أفراد عائلتها في منعها. كما لم تثن الأوضاع الأمنية في تسعينيات القرن الماضي عزيمتها، أين قررت مختارية شنتوف إنشاء مؤسسة للبناء وكانت جميع المشاريع التي أشرفت على إنجازها تتواجد بمناطق مضطربة أمنيا، حيث كانت تشعر بالتهديد وتتعرض له، كما تعرض له جميع الجزائريين في تلك الفترة.
اختبرت مخطارية شنتوف عدة مواقف ومغامرات مرتبطة بعملها كسيدة مقاولة وسيدة تتحدى الظروف الأمنية والاجتماعية. بعد ذلك لم يستطع الفشل التعرض لها بعد استتباب الأمن، تقول هي بعبارة صريحة: «كيف تمكنت من اجتياز كل المخاوف والتهديدات في التسعينيات، حتى أعجز اليوم عن تسيير شؤون مقاولتي بعد استتباب الأمن؟؟».
مسؤولية الحفاظ على الحقوق تقع على عاتق الكفاءات النسوية
غير ذلك قررت مختارية شنتوف الخوض في تجارب أخرى، للسياسة علاقة بها، إيمانا منها، على حد قولها، أن المكسب الأمني لا يضاهيه أي مكسب، موضحة أن المرأة الجزائرية تمكنت من الاستحواذ على ثقة الدولة وإعجاب الشعب الجزائري، واستمكنت من حقوق عديدة جاءت على ضوء الإصلاحات السياسية والقانونية في الجزائر، في ظل الحكم الرشيد لرئيس الجمهورية، حقوق لم تتمكن منها حتى المرأة في مجتمعات الدول المتقدمة، على حد ذكرها.
مؤكدة في استجواب لـ «الشعب»، أن جميع الحقوق المكتسبة ما هي إلا بداية، لكن المرأة عليها المحافظة على هذه الحقوق بجدارة وتثبت كفاءتها وتفرض وجودها بقوة الاقتراح، خاصة إذا ما تم الحديث عن التمثيل النسوي في المجالس المنتخبة، والتواجد النسوي بمناصب الدولة والمسؤولية، مشيرة أن الفئة النسوية التي شملتها مسؤولية التمثيل في المجالس المنتخبة لابد أن تحقق تطلعات المجتمع وتثبت أهمية هذا الحق من خلال المشاركة الفعالة وقوة الاقتراح وخلق المبادرات المفيدة.
من جانب أوسع، أكدت مختارية شنتوف، أن اكتساب المزيد من الحقوق من منطلق المساواة بين الجنسين، لن يفلح فيه إلا بدعم الرجل ومساندته المطلقة، وذلك برفع الضغط الاجتماعي على المرأة والتمكين الفعلي لها في مناصب المسؤولية، خاصة على مستوى المصالح الإدارية التي لاتزال أغلبها، محليا، حكرا على العنصر الرجالي، وفي ذلك لا يزال التمييز بين أداء الرجل المهني وأداء المرأة قائما.
كما ثمنت مخطارية شنتوف جملة الإجراءات الطارئة على الدستور الجزائري لصالح المرأة، ومن خلاله الإصلاحات القانونية التي شملت قانون الأسرة وقانون العمل، والتي لم تمكن المرأة من حقوقها فحسب، إنما مكنت الدولة من الارتقاء إلى مصاف الدول العاملة بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025