أنهت احتكار قنوات عربية وغربية

الصحافـة الجزائريـة فرضــت نفسهـا في المشهـد الإعلامي التعـددي

فنيدس بن بلة

معركـة مـن أجـل جــزائر ديمقراطيــــة

كانت الندوة الفكرية بمنتدى “الشعب”، المنظمة بالتنسيق مع الأكاديمة الجزائرية للمواطنة، محطة تقييم للصحافة الوطنية في مسار طويل ومعركة لم تنته من أجل إعلاء الكلمة الحرة والرأي السديد في ظل تعددية يحتل الإعلام فيها حلقة مفصلية.
كانت الندوة التي فتحت النقاش حول دور الصحافة الجزائرية في التحول الديمقراطي، مناسبة للخوض في تجربة التعددية الإعلامية التي خاضتها وتخوضها الجزائر باستقلالية قرار، بعيدا عن إملاءات الآخر ووصفاته؛ تعددية ثرية رغم قِصَر مدتها أنهت احتكار قنوات إعلامية عربية وأجنبية ظلت على مدار السنين تعزف على طريقتها في الترويج لإعلام موجه غايته التأثير على الرأي العام وتوجيهه حسب المصلحة وما تقتضيه حسابات النفوذ واعتلاء المشهد الإعلامي.
وقد عشنا مرارة هذه الوضعية خلال العشرية السوداء، حيث كانت القنوات الإعلامية تطل علينا صباح مساء، تنفث سموما تغذي التطرف وتروّج لفتنة غير مسبوقة وتسوق لحملة مسعورة بالقول “من يغتال من؟” ثم تعويضه أثناء تدابير السلم والمصالحة “بمن يتصالح مع من؟”، مطلقة العنان للكاميرا تصوير أي شيء وإعطاء الكلمة لمن يهوّل والتفوّه بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان.
إنها إشكالة توقف عندها الدكتور سعد شيحاني في تحليله لدور الصحافة الجزائرية في التحول الديمقراطي وتعزيز روح المواطنة، مجيبا على تساؤلات حول مكانة هذه الصحافة في الخارطة الإعلامية الفسيحة التي تضيق تحت حدة المنافسة وتكسر فيها الحواجز والممنوعات، وتقرب المسافات البعيدة في عالم القرية الشفاف.
بالنسبة للدكتور أستاذ كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر-3، فإن الصحافة الجزائرية بأشكالها المكتوب، السمعي البصري والإلكترونية قطعت أشواطا معتبرة بحيث أنها صارت ملجأ المواطن الذي يرى فيها نفسة أحسن وصورة أكثر مصداقية ونقاء، عكس ما هي محمولة لدى الصحافة الأجنبية التي تتخذة مجرد مادة إعلامية للترويج لها غير عابئة بأخلاقية المهنة وواجب الضمير والتزام المسؤولية التي بدونها تسقط الموضوعية في الحضيض وتفقد قيمتها.
وهي نفس الأفكار التي وردت على لسان متدخلين آخرين من إعلاميين وممثلي جمعيات أكدوا على أن الصحافة هي الرافد القوي لبناء الديمقراطية وتكريس ثقافة المواطنة في زمن زحف العولمة وتمادي بارونات المال والإعلام في فرض سيطرتهم على المشهد الإعلامي العالمي في مقدمتهم أمبراطورية “وورن بروس”، ومردوخ اللذان يمتلكان شركات متعددة الجنسيات لصنع الرأي العام وتوجيهه إلى حيث تقتضيه مصلحتهما ويتحقق نفوذهما.
هذه المهمة التي تتولاها أمبراطوريات الإعلام، هي مكملة لما تقوم به جامعات وكليات غربية أمريكية في المقام الأول من صنع النخب وتغذيتها بأفكار وإيديولوجيات تجعل منها أداة في تنفيذ السياسات وخدمة المصالح.
ويضاف إلى هذا، ما تؤديه جمعيات حقوقية تضع نفسها في خانة المنظمات غير الحكومية من وظائف تغذي الرأي العام بما تريده وتسعى إليه. ويكفي ما أحدثته تسريبات “ويكيليكس”، و«أوراق بنما” من اهتزازات ارتدادية غايتها السيطرة على العقول قبل الأوطان. وهي حملات تحمل كل الخطورة إذا لم تواجه بإعلام وطني نزيه يقاوم هذه السموم ويساهم في تحصين المواطنين ببث فيهم روح المواطن والاعتزاز بالانتماء للبلدان أكثر من النفور والاستقالة.
وقد أدت الكثير من الوجوه الإعلامية، في مواقع عديدة، هذا الدور الذي كان محل إشادة وتكريم لها من قبل الأكاديمية الجزائرية للمواطنة على هامش منتدى الشعب. وهي التفاتة اعتبرها المكرمون والمكرمات تكريما للإعلام الجزائري الذي يشق طريقه بثبات ولا يريد الانحراف قيد أنملة عن مصداقية المهنة وإعلائها فوق كل الحسابات. إنها معركة مصيرية تخوضها الصحافة الوطنية من أجل إبقاء الجزائر ديمقراطية وجمهورية.
.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025