بانتخاب أحمد أويحي، أمينا عاما على رأس التجمع الوطني الديمقراطي، يكون الحزب قد انتهى تماماً من إعداد آخر الترتيبات الداخلية، للتفرغ للتحضيرات الخاصة بالمرحلة المقبلة، في مقدمتها الانتخابات التشريعية، لاسيما وأن المنافسة ستكون على أشدها.
بعد الحزب العتيد، حزب جبهة التحرير الوطني، الذي نجح المؤتمر العاشر في رأب صدع دب في صفوفه قبل عدة سنوات، لم ينجح حتى المؤتمر الجامع في وضع حد للشقاق وصل حد انقسام الحزب، بعد تمسك الحركة التصحيحية بعدم الانصياع لقيادة التشكيلة، حسم أويحي بدوره الأمور لصالحه بالتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني تشكيلة من حيث التمثيل على مستوى المجالس المنتخبة، بعدما فشل بلقاسم ملاح ــ كما كان متوقعا ــ في فرض نفسه.
حرص أكبر التشكيلات على استكمال ترتيب بيتها الداخلي في الوقت الحاضر أمر منطقي، كون التحضير لانتخابات بحجم التشريعيات، في ظل اشتداد المنافسة، بين أحزاب الموالاة من جهة، وبين الأخيرة وأحزاب المعارضة من جهة أخرى، في معركة تموقع يرجح أن تكون شرسة.
تعديل الدستور في طبعة ٢٠١٦، بقدر ما يضمن حقوقا للمعارضة تعزز ممارستها السياسية، أبرزها حق الإخطار الدستوري، بقدر ما عزز دور الأغلبية والأحزاب واعية جدا بأن تواجدها بقوة في الجهاز التنفيذي، يتوقف على الأصوات التي أحرزتها، وبالتالي كل رهانها اليوم افتكاك وعاء انتخابي أمر لابد أن تتفرغ له ويقتضي منها ضبط كل الأمور التي من شأنها التشويش على عملها في المرحلة المقبلة.
التنافس لن يكون مع المعارضة فقط، لأن الأمر يتعلق بانتخابات تشريعية تفرز تركيبة المجلس الشعبي الوطني لعهدة جديدة في الفترة الممتدة بين ٢٠١٧ و٢٠٢٢، تتخللها انتخابات رئاسية في العام ٢٠١٩، تقتضي من التشكيلات ضبط أوراقها منذ الآن لتمكين الأغلبية من مواكبة البرامج والمخططات خلال السنة المتبقية من الفترة التشريعية الجارية، وكذا السنتين الأولى من العهدة التشريعية الثامنة، ثم المرحلة التي تليها.