وقفة تقدير واعتراف في حق الراحل

الشيخ بوعمران عالم متسامح ومتفتح على الآخر

حكيم بوغرارة

أكتب هذه الكلمات في حق الشيخ بوعمران، رحمه الله، الذي حضرت له عديد النشاطات على مستوى المجلس الإسلامي الأعلى، حيث كان عالما ورعا تقيا، لا يخاف في قول الحق لومة لائم. لقد حضرت ندوة صحفية نشطها سنة 2010 بمقر المجلس الإسلامي الأعلى والحق الحقو كانت كل الأسئلة قوية وتطرقت لمستجدات الساحة الوطنية، واعترفت حينها للرجل بشهامته ونزاهته وعدم تأثره بالمنصب أو المسؤول الأعلى من أجل قول الحقيقة.
واحتفظت بما قاله الشيخ رحمه الله حول موضوع الطرقية وانتشار الشعوذة، حيث أكد “...هناك تفشي الجهل والطرقية في المجتمع الجزائري، حيث باتت هذه الظاهرة لا تخفى على أحد، حتى وصل الأمر ببعض الأطباء الذهاب للمختصين في التداوي بالأعشاب وهو ما يؤكد الابتعاد عن العقل في المعاملات والسلوكات الاجتماعية”. كما أرجع التخلف الذي نعيشه والأمة العربية إلى “نقص الاهتمام بالعلوم الدقيقة وتغليب الاعتناء بالآداب والرواية والشعر وهو ما جعلنا نفقد بريقنا العلمي والقيام بالمبادارت الابتكارية والإبداعية”.
 وأوضح الراحل في ندوة صحفية عقدها بمقر المجلس بالعاصمة، أن المجلس كهيئة تقوم بدراسة بعض الملفات والقضايا المختلفة عن طريق خبرائها ومختلف الباحثين للوصول إلى توصيات واستنتاجات ترفعها إلى رئاسة الجمهورية وهنا يتوقف دورها، مؤكدا أنه يرفض التطبيل والتزمير وتهويل الأمور ولم يشر آنذاك إلى أسباب حديثه عن هذا الأمر واكتفى فقط بأنه ضد الملتقيات والندوات التهريجية للدعاية والترويج، وهو ما يعني أن الراحل لم يكن راضيا عن الكثير من السلوكات التي لا تمتّ بصلة لأخلاقيات وأدبيات الشعب الجزائري الأصيل.
رفض الراحل تحميل المجلس الإسلامي الأعلى مسؤولية تدهور العديد من القطاعات، لأن كل ملف يكون تابعا لوزارة أو هيئة معينة وبالتالي يجب توجيه التساؤلات والانشغالات لها مباشرة.
جاء ردّ الشيخ بعد سؤال “الشعب” حول اختيار المجلس مواضيع خاصة بالعلوم ومختلف المجالات، في حين يبقى المجتمع ينتظر فتح العديد من الملفات التي تحتاج لنقاش، على غرار الآفات الاجتماعية وبروز الطلاق والإجرام والفساد التي تستشري يوميا في المجتمع وتنخر مجهودات المخلصين والمصلحين.
ورافع الراحل لعقد الملتقيات التي تهتم بالعلوم والعلماء، مدافعا عن الملتقى الخاص بالعلوم العقلية بين الماضي والحاضر، الذي انعقد في 2010، موضحا أن الملتقى يهدف إلى إبراز دور العلماء المسلمين والعرب في تطوير العلوم العقلية من خلال استحضار مساهمة الرعيل الأول، وصولا إلى العصر الحديث الذي شهد بروز العديد من العلماء الجزائريين والذين سنتوقف عندهم بإسهاب لتقييم ما حققناه وما نصبو إليه حاليا وفي المستقبل”.
وفصل الراحل الشيخ محمد بوعمران في موقف المجلس الإسلامي الأعلى من مشروع إلغاء عقوبة الإعدام، حيث أكد أن هيئته تتمسك بالنص القرآني والسنّة النبوية الشريفة وبالوسطية الإسلامية في تطبيق الأحكام والذي يبقى من صلاحيات المحاكم.
وحول بعض الانتقادات اللاذعة التي بلغته من عديد الأحزاب، أضاف الراحل أن تلك اتهامات وصفته بالوحشية والرجعية والتشدد وبأن زمان تطبيق الشريعة الإسلامية قد ولّى/ ليست حضارية، موضحا أن كل فرد له الحق في إبداء رأيه وعقيدته ولكن ليس لأحد الحق في التهجم على الإسلام وعلى الهيئات والشخصيات الدينية المحترمة.
ومن الندوات التي حضرتها للراحل، ندوة حول المجاهد الراحل حامد روابحية، حيث أبدى شهادته من خلال الإشادة بدور المرحوم في تنشيط العمل النقابي وتكوين الأساتذة في هذا الجانب والذي كان له الدور الكبير في نشر الوعي وأهمية اللغة في قطاع التربية بعد عودته للنشاط في القطاع بعد الاستقلال كمفتش للغة العربية التي ساهم في نشرها وتعزيزها قبل وأثناء الثورة، وهو ما يعكس روح الاعتراف بالآخر للراحل الشيخ بوعمران الذي سيكون خسارة كبيرة للجزائر والجزائريين.
وأعترف كذلك، بأنه كان يفتح باب المجلس حتى للمسيحيين دون حرج، حيث كان أسقف الجزائر السابق “هنري تيسيي” ضيفا على المجلس وألقى محاضرة هناك لتتأكد القيم السمحاء للرجل.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025