الباحث محمد بغداد:

احــترم المعرفــة، وقــدّس العلـــم والتبس بفضائـــل الأخـلاق

يعد الدكتور الراحل الشيخ بوعمران من الشخصيات الوطنية، التي تمكنت من مجاهدة الزمن وتحقيق مكانة واسعة في المشهد الثقافي الوطني، وإسهاماته جعلت منه مثقف من الطراز العالي، كونه ينتمي إلى ذلك الجيل الذي احترم المعرفة، وقدس العلم والتبس بفضائل الأخلاق، مما جعل هذا الجيل يشعر بحالات الاغتراب في السنوات الأخيرة.
من المعروف أن الحديث عن الذين رحلوا عن هذه الدنيا يصعب خوض غماره، كون أعمال الرجال، هي من تتحدث عنهم وبعضها تنفعهم في الدار الآخرة التي نسأل الله، أن يصبغ رحمته على الجميع، وأن يجعل الأجيال الجديدة، تلتبس بنعمة التذكر ورد الجميل، من خلال من يتم تزويدها بالقيم الحضارية.
لقد أدرك الشيخ بوعمران، منذ البداية أن المجلس الإسلامي الأعلى، هو مجرد هيكل تم استحداثه، وفق قراءة خاطئة لظروف عابرة، مما جعله مجرد هيكل بدون روح وفاقد لكل إمكانية العمل، فهو في النهاية مجرد ديكور لم، ولن يكون له في يوم من الأيام دور كونه، يتعارض مع الثقافة الاجتماعية والدينية السائدة في البلاد.
وأبرز محاولات الشيخ بوعمران، في المجلس الإسلامي الأعلى، اتجهت نحو فتح الآفاق عبر نشاطات عملت على مرافقة التحولات المعرفية الدولية، ومناوشة الإشكاليات الفكرية العالمية، الأمر الذي جعل المجلس، يستقطب بعض النخب من الداخل والخارج، إلا أنها كانت نخب ضعيفة التأثير ومحدودة الحركة، لتكون البيروقراطية الإدارية، والتصورات العتيقة عن دور مثل هذه المؤسسات العائق الأكبر، الذي أجهض هذه المحاولات إضافة إلى الصراعات التي عرفتها أروقة المجلس ودهاليزه، مما ساهمت في الاساءة البالغة له.
وكون الشيخ بوعمران، من المثقفين العارفين بالثقافة الجزائرية، ساير منطق المجلس الإسلامي الأعلى، وهو المنصب الأخير، الذي تولاه المرحوم، وكانت رئاسته له عرفت العديد من المحاولات، التي قادها الشيخ بوعمران، من أجل إدخال نوع من الحركية على المجلس، وتقديم مساهمات تخرجه من الإطار الجامد، الذي وضع فيه منذ البداية.
أمثال المرحوم الشيخ بوعمران، نادرون في عصرنا الحالي، والأهم من ذلك، كيف يمكن استدراك ما يفوتنا من قدرات ومواهب ورموز، في مختلف المجالات التي تحتاج إلى مستويات أخلاقية وأدبية عالية، للاستفادة من مسيرتها وخدماتها الوطنية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025