دق المختصون في طب الأطفال ناقوس الخطر ضد العنف بأشكاله الممارس على الأطفال، والذي يخلف آثار سلبية على نفسية الطفل الذي يعد رجل الغد، علاوة عن الأضرار الجسدية التي تلحق بالطفل، مؤكدين أن ظاهرة العنف عالمية ولا تقتصر فقط على الجزائر وهي في تزايد سنويا، حيث دعا هؤلاء إلى مساهمة كل الفاعلين في المجتمع لاسيما الأولياء للتقليل من هذه الآفة التي استفحلت.
شدد البرفسور مصطفى يعقوبي باحث وطبيب مختص في طب الأطفال بالمؤسسة الاستشفائية الأمين دباغين بباب الوادي، على ضرورة إقحام كل مواطن لمحاربة ظاهرة العنف ضد الأطفال التي استفحلت بشكل مخيف في مجتمعنا، بحكم البنية الجسدية والحالة النفسية الضعيفة للأطفال، قائلا: «إذا وصلنا إلى مرحلة إجراء عملية جراحية لطفل معنف فهذه وضعية خطيرة، خاصة حين يكون العنف ممارس من طرف الأولياء».
وأضاف البروفيسور يعقوبي لدى تدخله أمس في ندوة حول العنف ضد الأطفال بالجزائر بمنتدى «ديكانيوز»، أن ظاهرة العنف عالمية ولا تقتصر فقط على الجزائر، وهو يمارس على مستوى المؤسسات التربوية، وبعض مصالح المستشفيات، في الشارع، في المؤسسات العقابية للأحداث، والمنزل، وحسبه فإن بلادنا تشهد انخفاضا في هذه الظاهرة بفضل النصوص التشريعية التي أصدرتها في قانون العقوبات ضد العنف الممارس على هذه الفئة، كما أن لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة اعتمدت مؤخرا نصوص القوانين في هذا المجال التي اقترحتها الجزائر والتي تضم 90 مرحلة.
واستطرد قائلا أنه رغم هذه المجهودات إلا أنها تبقى غير كافية، ولابد من تعاون ومساهمة كل الأطراف الفاعلة في المجتمع كونه لا يمكن وضع شرطي حارس أمام كل فرد، وكذا البحث عن الحياة الخاصة داخل منزل العائلات، على حد تعبير البرفسور يعقوبي.
وأبرز طبيب الأطفال في هذا الإطار، الآثار السلبية الناجمة عن العنف الممارس ضد هذه الفئة التي تؤدي بها أحيانا إلى الانتحار نتيجة الضغوطات، ناهيك عن العنف اللفظي، مشيرا إلى أن أغلبية حالات العنف لا يتم التصريح بها، كما أن الشخص المعاق يتعرض أيضا للتعنيف، وبالمقابل يعتبر بعض الأشخاص الضرب على أنه أسلوب لتربية الطفل وهي ذهنية لابد من التخلص منها، وبلغة الأرقام فإن 40 مليون طفل يعانون من سوء المعاملة، وحسب إحصائيات مديرية الأمن سنة 2014، فإن هناك 6151 حالة اغتصاب أطفال، و175 ضحية اختطاف.
من جهتها، أوضحت فضيلة سيجاة مختصة نفسية بذات المؤسسة الاستشفائية أن ظاهرة العنف المنتشرة في مجتمعنا لها أثار جانبية خطيرة على جسم الطفل وحالته النفسية لاسيما العنف اللفظي، وتكون على حسب مدة العنف الممارس وسن الطفل، مشيرة إلى أن العنف ينجم عنه تأخر ذهني لدى الأطفال واضطراب في شخصيته حين يصبح شابا، وحسب الدكتورة سيجاة فإن العنف الذي يتعرض له الطفل في صغره خاصة العنف الجنسي سيعيد ممارسته ضد أشخاص آخرين حين يكبر، داعية للحفاظ ورعاية الطفل كونه رجل المستقبل.
انخفاض العنف بالجزائر بفضل الإجراءات القانونية الجديدة
واستعرض الدكتور محمد سي حاج، طبيب شرعي بمستشفى باب الوادي، أنواع حالات العنف الممارس ضد الطفل والتي تعالجها مصلحة الطب الشرعي يوميا، وهي العنف الجسدي بنوعيه الطوعي بسبب ضرب الأولياء وغير الطوعي وهو تعرض الطفل لحوادث مرور أو حوادث منزلية نتيجة إهمال الأولياء، وثانيا العنف النفسي بسبب مشاكل طلاق الوالدين، وفي هذه النقطة قال سي حاج أن بعض الوالدين يلجأ لضرب ابنه ليتهم الطرف الآخر من أجل الحصول على الطلاق، يليه العنف الجنسي وعنف آخر يمارس على الطفل منذ الصغر دون التكفل بعلاجه.
وأضاف مسؤول مصلحة الطب الشرعي، أن نسبة العنف في تزايد يتراوح ما بين 2 إلى 3٪ سنويا في العالم، وفي الجزائر انخفضت بفضل التشريع والإجراءات الجديدة التي اتخذتها الحكومة لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، مشير إلى أن العام الماضي سجلت مصلحة الطب الشرعي بباب الوادي 69٪ استشارة طبية للأطفال والبالغين و8٪ فئة أطفال، و64٪ عنف في الأماكن العمومية، 20٪ بالمنزل، 13٪ حالة عنف بالمدارس، و70٪ اعتداء جنسي، حيث أن نسبة الفئة العمرية أقل من 5 سنوات تقدر بـ18٪، 20٪ من 5 إلى 6 سنوات و57٪ أطفال أكثر من 10 سنوات.