في مداخلته في الاحتفالية بليلة القدر المباركة، توقف عبد الوهاب حمو فخار أستاذ اللغة الأمازيغية وآدابها بالمزابية، بمعهد الإصلاح في غرداية، عند قيم الإسلام السمحاء ومناشدته المسلمين الاتحاد والتضامن لإعلاء شأن الأمة الإسلامية وترويج صورتها بعيدا عن حملات التشويه والإساءة التي تروّج من أعدائها.
قال عبد الوهاب، وهو أديب وباحث في الثقافة الميزانية، في الاحتفالية بليلة القدر في الجامع الكبير، محيِّياً كل الذين ينشدون الخير للجزائر في عيدها الوطني 54 ويزرعون بذور السلم والسلام والأمن والأمان، أن الإسلام يسع الجميع لما يتوفر عليه من مبادئ وقيم صالحة لكل زمان ومكان.
وعاد الباحث في مداخلته بالجامع الكبير، إلى عمق التاريخ الإسلامي وأولى بدايته آخذا العبر من وقفات خالدة للرسول الأعظم محمد “ص” في تعامله مع المعسكرين المسيطرين آنذاك الفرس والروم، المتحكمين في العلاقات الدولية الموجهين لها حسب مصلحتهما ونفوذهما، داعيا إلى الاستلهام من قصص القرآن وسرد العبر منها.
وذكر الباحث كذلك بمواقف الرسول الكريم الصادق الأمين، الذي بالرغم من عداوة الفرس والروم وصراعاتهما الدائمة، كان أكثر ميلا إلى المعسكر الثاني الروم باعتباره القطب المؤمن بالله وهو من أهل الكتاب.
ويظهر هذا، كيف أن الإسلام كرّم الأنبياء والرسل، بلا استثناء. والرسول حامل الرسالة المقدسة آمن بكل الرسل والكتب. يظهر للملإ أن الرسول محمد “ص” أستاذ البشرية جمعاء، كان متعاطفا مع أهل الكتاب الذين لم يعترفوا به وبرسالته. ودليل ذلك، تألمه لهزيمة الروم في حربهم مع الفرس. وحزنه على ما ألمّ بهم من حزن مريب.
أعطى عبد الوهاب حمو فخار أمثلة عن هذه الوقائع التاريخية، معيدا إلى الأذهان حتمية أخذ المسلمين منها الدرس والموعظة الحسنة، مرافعا لاعتراف المسلمين ببعضهم بعضا وهم يؤمنون بالله ربّا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبالكعبة قِبلة وبمحمد “ص” رسولا.
يجدر بالمسلمين جعل من اختلاف شعوبهم وقبائلهم وألسنتهم وألوانهم ومدارسهم ومذاهبهم للتعارف والتقارب والتراحم وتغيير أحوالهم نحو الأفضل بتجسيد أسمى معاني الإسلام الموسوم بالسلم والسلام في المعاملات بينهم والعيش بأمان في الأوطان بعيدا عن أية كراهية وحقد وتطرف.
وتساءل عبد الوهاب حمو فخار، ألم يحن الوقت لاتحاد المسلمين وجعل من ألوانهم قوس قزح يسرّ الناظر ولا ينفّره. ألم يحن الوقت للشطب من الكتب الصفراء عبارات التنفير والتكفير وما يوقظ الفتن وما يغذي روح الانشقاق واستحلال أموال المسلمين، أعراضهم ودمائهم. ألم يحن الوقت لجعل من عيد الجزائر الوطني سفينة عبور، شراعها السلام والأمن والأمان.
وختم الباحث عبد الوهاب مداخلته بإطلاع الحضور على وصية أحد أقطاب علماء ميزاب والجزائر، الراحل الشيخ حمو بن عمر فخار، جاءت الوصية أشبه ببرنامج عمل ليوميات الجزائريين والمسلمين عامة وخارطة طريق في تسيير الشأن العام. من هذه الوصايا رفض التعصّب لأي فريق، لأنه صديق أو قريب، لأنه نسيب أو عشير لأنه من العشيرة.
ويرى الراحل الشيخ حمو في عدم التحلي بهذه الأوصاف والسمات تمادي الخصام والخلاف وسط الأمة الإسلامية. ويرى في غياب هذه السمات ترجمة لواقع أسود متميز بالتعصب ورعاية المصلحة الشخصية والانتماءات المغرضة العملة المتداولة في سوق المؤمنين للأسف.
في وصية المرحوم الشيخ حمو سلوكات أخرى لابد من اتباعها لاستقامة شأن المسلمين، منها تفادي النقد الجارح وإشاعة التذمر إلى درجة لا يجدون من يتولى أمورهم. فاللوم واقع على من يتهرب من تحمل المسؤولية ويجلس على الربوة لإحصاء عشرات العاملين ويشكك في نوايا المخلصين ويتلذذ بأكل لحومهم وهدم سمعتهم وهدر كرامتهم وهو في قعر بيته من القابعين.