مادة التاريخ الوطني لم تنل حقها في التدريس
أكدت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، أن تاريخ استقلال الجزائر من أهم التواريخ المخلدة للأحداث الوطنية، ويجب أن يكون محطة لاستذكار مجريات الوقائع واستلهام العبر والمشي قدما نحو المستقبل، والبحث في حقيقة اعتماده حتى يكون دافع عمل وبعث لبناء حقيقي للدولة الجزائرية بأركانها المتكاملة وأبعادها.
دعت بن براهم إلى القراءة العلمية للمادة التاريخية لمعرفة الحقائق، وليس كما تسلمناها حسب الرؤية الفرنسية، خاصة وأنها في كل مرة تحاول القيام بمناورات واستغلال الثغرات والفراغات وقلة المادة التاريخية التي نحوزها لبث سمومها في الأجيال الصاعدة، لهذا تبرز أهمية وحتمية الدراسات التاريخية والبحوث العلمية التاريخية أكثر من أي وقت مضى.
وحسب بن براهم فإن لدراسة الوقائع والأحداث أهمية كبرى في فهم ماضي الأفكار والحقائق والظواهر والحركات والمؤسسات والنظم، وفهم حاضرها والتنبؤ بأحكام وأحوال مستقبلها، داعيا إلى العودة إلى 05 جويلية 1938، حيث سيتم اكتشاف أن الجزائر لم تستسلم أبدا ولم توقع على استسلامها، بل تم استعمال ختم الداي من طرف «ديبوغمو»، ما يؤكد - حسبها- أن هناك الكثير من الحقائق ما زلنا كجزائريين نجهلها.
واعتبرت بن براهم أن الجزائر حازت على استقلالها السياسي وهي مطالبة بجهود أكبر لتعزيز الاستقلال على الصعيد الاجتماعي والحضاري والتاريخي، وذلك بسبب أن تاريخنا ما يزال غير معروف، والوسائل والمادة التاريخية من أرشيف ووثائق وجماجم وجثث وأدوات عسكرية ما تزال محجوزة لدى فرنسا.
وحسب المتحدثة فإن المعركة في هذا المجال كبيرة وما تزال طويلة، ولحسن الحظ يسجل نهضة لدى الجيل الثالث المهتم بالتاريخ ومعرفة من يكون، عملا بالمقولة التي تستند إلى «من ليس له تاريخ ليس له مستقبل» وفرنسا تدرك هذا جيدا وتعمل به.
وتأسفت بن براهم للمكانة التي يحتلها التاريخ في بلادنا الذي ما زال مادة مهملة ولم تنل حصتها من التدريس والبحث والتحري، في حين أن التاريخ في بعض البلدان يعد مادة أساسية ومهمة في التدريس والتلقين، مشيرة كمثال عن ذلك الكيان الصهيوني التي أقرت له 11 كمعامل لهذه المادة مقارنة بالمواد الأخرى، وهذا ليس عبطا وإنما لإدراكهم ووعيهم بأهمية الحفاظ عليه المرتبط ارتباطا وثيقا بهويتهم ووجودهم.
من جهة أخرى، اعتبرت المحامية المناورات الفرنسية التي تقوم بها في كل مناسبة وطنية بالحرب الطبيعية متسائلة بالقول: «ماذا فعلنا نحن، ماذا يهمنا إن حركوا الحركى أو أي شيء..؟ المسؤولية نتحملها نحن، هم يقومون بحرب طبيعية يريدون الغلبة لهم لكن ماذا علينا..؟ لا يجب الخنوع لمثل هذه المناورات وطأطأة الرؤوس وعلى الدولة الجزائرية أن تمارس سيادتها وصلاحياتها في هذا الإطار للحفاظ على تاريخها وحقوقها وأرضها».
وحسب بن براهم، على الدولة أن تقوم بمعركة على كل الأصعدة القانونية والسياسية، لاسيما الاستثمار في سلكها الدبلوماسي المعتمد في فرنسا الذي يتعين عليه أن يقوم بدوره كما يجب، انطلاقا بالحرص على اعتماد أشخاص مثقفين ومتشبعين بالتاريخ الوطني وبالأهداف الوطنية بدل الاكتفاء بالقيام بالبروتوكولات والمجاملات والنشاطات الإدارية الروتينية وحضور حفلات، فالبعثات الدبلوماسية الفرنسية إلى الجزائر دائما تأتي لتحفر وعلينا إدراك هذه الحقيقة ووضعها نصب أعيننا عند تعاملاتنا معهم.