المناضلة بن علي حليمة المدعوة ياسمينة

الاستقلال رأسمال الأمة يجب الدفاع عنه بالعلم والعمل

سعيد بن عياد

«يمثل الاستقلال رأسمال الأمة الجزائرية الذي يجب على الأجيال أن تحافظ عليه وتصونه، كونه يعد كنزا لا يقدّر بثمن ويستحيل بأي حال من الأحوال مقايضته”، بهذه العبارة الحاملة لمعاني العزة والكرامة وتعكس مدى التضحيات التي قدمها جيل نوفمبر وقبله مختلف حركات المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، استهلت المناضلة بن علي حليمة المدعوة ياسمينة حديثها بشأن هذه المحطة التاريخية البارزة في حياة الشعب الجزائري، مؤكدة أنها تمثل خلاصة مسار تحرري طويل أنجزه شهداؤنا الأبرار ومجاهدونا الأخيار، رجالا ونساء، لتبقى محفورة في الذاكرة الجماعية يرجع إليها الجيل الصاعد لترشده في معركته المتواصلة من أجل البناء والتنمية والبقاء دوما في صدارة الأمم.
تعود السيدة بن علي حليمة، إلى تلك الصفحات المكتوبة بدماء شعبنا فتقول: “كان صنّاع الحرية من فئات مختلفة، لكن أغلبهم من الشباب أهلهم النضج الوطني المبكر المطعّم بالروح الوطنية الخالصة لقيادة الشعب الجزائري إلى الاستقلال، فتخلوا عن الدراسة والطموحات الفردية لإنهاء ليل استعماري طويل”. ولذلك، تضيف، ينبغي ومن باب الوفاء والشعور بالمسؤولية تجاه الجزائر، أن يقوم كل فرد منّا بالترحم على الشهداء وإبداء التقدير للمجاهدين الأحياء الذين يستحقون الاحترام.
وبالفعل أهدى أولئك الأبطال للأجيال الجديدة وطنا هو كنز لا يفنى وينبغي أن يوضع فوق كل النقاشات والجدل والطموحات الفردية، حيث يحتضن أبناءه الذين يقطفون ثمار استرجاع السيادة الوطنية، لكنه يشترط بالمقابل السهر عليه بالعمل والوفاء من خلال بعث القيم النوفمبرية التي كانت بمثابة أساس القوة التي هزت أركان الاحتلال وأدواته الجهنمية.
وانطلاقا من علاقة الوفاء الطبيعية، تضيف محدثتنا، فإن الشعب الجزائري يبقى شامخا بتاريخه وأصالة انتمائه وصلابة مبادئه يواجه التحديات وعدم التردد أمامها، بحيث له في أسلافه المثل الأعلى للتحدي والعزيمة دون السقوط في وحل التشكيك الذي يغذيه من جانب من فقدوا امتيازاتهم وخسروا مواقعهم التي نالوها بالعمالة والانسلاخ من الهوية الوطنية والتواطؤ، ومن جانب آخر القوى الكولونيالية المريضة فيما وراء البحر التي لم تتجرع نهضة الجزائر وتألقها، رغم المشاكل التي تفرزها التغيرات العالمية في الجانب الاقتصادي.
كانت المناضلة بن علي حليمة صغيرة لما انخرطت في النضال وسط عائلتها الثورية بنواحي سكيكدة، لذلك لاتزال تراهن على الشباب في مواصلة حمل الرسالة النوفمبرية بالعمل والعلم والجدية في مواجهة الحياة بعيدا عن أي انكسار أو تخوف من المستقبل، مهما كانت المؤشرات صعبة، كما هو الحال في الظرف الراهن جراء انهيار أسعار المحروقات، الأمر الذي يمكن التصدي له بالتوجه إلى مجالات الاستثمار في الفلاحة ومختلف النشاطات التي يصنع فيها الإنسان مركزه الاجتماعي مستفيدا من مناخ الاستقرار والأمن المستتب والدعم الملموس للدولة لفائدة الشباب الجزائري الذي يقع على عاتقه واجب الوفاء للسلف بتأكيد جدارته بالانتماء للوطن.
وبالمناسبة، توجه نداء إلى الشباب للتعلق بالقيم الوطنية في التعامل مع المسائل والقضايا التي تطرح على النقاش في المجتمع ووضع كل مسألة في إطارها، بحيث من المفيد الالتزام بالنقاش والنقد البناءين من أجل حل القضايا الحياتية والالتفاف بالموازاة حول مكسب السيادة الوطنية التي تستهدفها أكثر من جهة انتقاما وطمعا وانزعاجا من الدور القوي والفعال للدولة الجزائرية أمام التحديات الإقليمية والدولية وبالأخص ظاهرة الإرهاب الممنهج الذي يستهدف الدولة الوطنية.
في هذا السياق، أشارت إلى أن صورة البلاد على امتداد سنوات الاستقلال تغيرت تماما، مقارنة بالصورة التي خلفها الوجود الاستعماري، بحيث لا يمكن إغفال أو تجاهل المؤشرات الإيجابية في كافة النواحي ويوجد اليوم واقع جديد وتطلعات جديدة تتطلب العودة إلى روح التضامن والوحدة على كافة المستويات من الفرد إلى المجتمع الواسع، مرورا بالأسرة والمدرسة، التي يجب أن تساهم في ترسيخ قيم الوطنية في أوساط أفرادها، من خلال إدراج التاريخ في كل مناحي الحياة اليومية لاستخلاص العبر والدروس. ويشكل التاريخ ضمانة للمستقبل تماما كما هي المصالحة الوطنية، التي أعادت الشعب الجزائري إلى منبعه الأصيل بنبذ الفرقة واعتماد الحوار والإصغاء للوطن الجزائر، وبذلك أصبح بإمكان كل مواطن المساهمة في البناء الوطني انطلاقا من أنه المعني الأول ويهمه المستقبل جيلا بعد جيل، مع التمسك بالقيم والأعراف الجزائرية وتقاليد المجتمع التي ميزت آباءنا وأجدادنا عن المحتل الغريب طيلة احتلاله لبلادنا. ويكون عيد الاستقلال هذا العام موعدا جديدا لتجديد الانتماء الحقيقي بلا مقايضة والتعبير في سلوكاتنا عن احترام الذاكرة التاريخية، بحيث تذوب كل ألوان الانتماء الحزبي والتوجهات السياسية أمام واجب الدفاع عن مكسب السيادة الوطنية والرد على المتربصين بالجزائر، بالعمل والجهد والسهر على حماية الاستقرار ليتواصل النمو والازدهار وتستمر المسيرة الكبرى التي بدأها أسلافنا.

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025