المجاهدة عميرات تروي تفاصيل التحاقها بالثورة لـ «الشعب»:

رغبة كبيرة إحتوتني ورضا الوالدين ساهم في تكوينـي النضالي

حياة. ك

حـرارة الشبــاب متنفسـي وإيماني بالقضيـة حفـزني أكــثر
 القنصل الألماني بالجزائر ساعدنا في التخفّي والطرد كان مصيره

تربت وترعرعت في أحضان عائلة مناضلة واستقت مناهل العلم من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أخت لشهيدين وهما جيلالي قدور ومحمد قدور، تتلمذت على يد الشيخ الطيب العقبي، إنها زوبيدة زوجة الراحل سليمان عميرات المولودة قدور، التي استضافتها “الشعب” عشية الذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب فكان لنا معها هذا الحديث:
الشعب: ترعرعت في عائلة مناضلة في سن مبكرة، متى التحقت زبيدة بصفوف الثورة؟
المجاهدة عميرات: أولا، أريد أن أعرفك أنني زاولت تعليمي الابتدائي في مدرسة فرنسية وبالموازاة في مدرسة عربية يومين في الأسبوع (الأحد والخميس) على يد العلامة الشيخ الطيب العقبي، هذا الأخير الذي ساهم بشكل فعال في إنشاء مدارس لتعليم النشء الجزائري اللغة العربية وحب الوطن والدفاع عنه ضد المستعمر الغاشم، وهنا شربت من منهل العلم وترسخت لديّ قيم حب الوطن والنضال من أجل تحريره.
التحقت بصفوف الثورة التحريرية وعمري لم يصل 18 سنة وقد سبقني إلى ذلك أخواي الشهيدين جيلالي ومحمد، وقدوتي في ذلك والدي، رحمه الله. كنت مهتمة كثيرا، فكنت استرق السمع وأنصت باهتمام كبير إلى الحديث الذي كان يدور بين والدي ورفقاء النضال الذين كانوا يجتمعون يوما في الأسبوع ببيتنا بحيدرة، وتشكلت لديّ رغبة كبيرة في أن أصبح داخل النضال متى أتيحت لي فرصة ذلك.
بعد التحاقك بالنضال قبل الثورة ودخولك مرحلة الكفاح في المنطقة الرابعة، ماهي المهمة التي كلفت بها؟
التحقت بالثورة التحريرية منذ انطلاقتها، بالولاية 4، وقد حذوت حذو أخواي  المذكورين سابقا، اللذين صعدا الجبل في منطقة الأربعاء سيدي موسى، بينما كنت رفقة أختي نحمل المؤونة والسلاح إلى المجاهدين، وكنت أحرص كل الحرص على إخفائها بشكل لا يثير انتباه أحد، فكنت أضع كمية الحلوى فوق الأشياء التي أحملها وأغطيها بشكل جيد، حتى إذا ما صادفتنا دوريات العدو الفرنسي، يخيل إليهم أننا متوجهين إلى حفل زفاف، فيتركوننا وشأننا، هذا قبل صعودي الجبل.
ماهي دوافع التحاقك بالكفاح المسلح
 بالرغم من أننا كنا صغارا وهذا كان صعبا نوعا ما بالنسبة إلينا، إلا أننا كنا ندرك أن ما نقوم به هو لخدمة الجزائر. من الطبيعي أن نضحي بأرواحنا وبكل ما نملك، وبالتالي كنا مستعدون لذلك.
في أي سنة كان ذلك؟
 بعد أن صعد أخواي الجبل، انتقل خبرهما بطبيعة الحال وبلغت المعلومات السلطات الاستعمارية، فأصبح بيتنا “محروڤ”، أقصد مصنف في خانة حمراء وقد تم الوشاية بي، وقد وصل الخبر إلى المسئولين من المجاهدين في الجبل، وقدم إثنان منهما واصطحباني معهما، قبل أن يأتي بوليس المكتب السياسي للبحث عني لإيقافي. انتقلنا، إلى الأربعاء سيدي موسى وعمري لم يتجاوز آنذاك 18 سنة وكان ذلك سنة 1958، وأشير إلى أن هذه السنة من الثورة عرفت حركة واسعة من الاعتقالات في صفوف المجاهدين، بسبب “الحركى” الذين ساهموا بشكل كبير في الإيقاع بهؤلاء في أيدي السلطات الاستعمارية.
كيف كان رد والدك عندما قررت الالتحاق بالجبل؟
 قبل أن التحق بالجبل، كان عليّ أن أطلب موافقة والدي، وهذا أمر طبيعي و«لازم”. فكان رد والدي كالأتي، قال لي بصفتي أباً، “فأنا أخشى عليك من أن يصيبك أي مكروه وبصفتي مناضلا، فأنا أتمنى لك التوفيق وأوصيك شيئا مهما الشرف، الشرف ثم الشرف”، هذه الكلمات حفظتها عن ظهر قلب وطبّقتها حرفيا والحمد لله.
ماذا كانت مهمّتك في القرى والمداشر التي تنقلت عبرها؟
 زرت العديد من قرى والمداشر ولا يمكنني أن أنسى تلك الوضعية الاجتماعية الصعبة التي كان يعيشها هؤلاء، تحت وطأة الفقر، لكن كانوا أناسا في منتهى الكرم، وكنت أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير. أما مهمتي هناك، فكنت أقوم بدور مساعدة نفسية، كنت أتوجه إلى كل البيوت وأقرع كل الأبواب، لأشرح لهم لماذا نحن في الجبل ونكافح، أرفع من معنويات السكان وتوعيتهم.
كم استمر تواجدك في “الجبهة” ومتى عدت إلى المدينة؟
 كنت آنذاك على معرفة سابقة مع ابنة القنصل الألماني بالجزائر التي كنت أدرس معها. وأخبرك أنني تحصلت على شهادة البكالوريا ودرست سنة آداب في الجامعة قبل الاستقلال، ومرة طلب مني رفقاء الكفاح أن أطلب منها مساعدتنا على ترك المكان والانتقال منه، فتحدثت إليها، فأخبرت هي والدها، فرحب بالأمر وقدم لنا خدمة لن ننساها، لقد ساعدنا وقد كلفه ذلك طرده من القنصلية.
ما هي نصيحتك للشباب اليوم؟
عليهم أن يحبوا وطنهم الذي ليس لديهم وطنا غيره، لأن الاستقلال لم يكن هبة من أحد، وقد تم تحقيقه بتضحيات جسام ولابد من المحافظة عليه، وعليهم أن يعوا ذلك جيدا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025