سابقة في تاريخ العدالة الجزائرية تنقلها «الشعب»

أول محاكمة دولية بين مجلس قضاء المسيلة ونانتير الفرنسية

المسيلة: عامر ناجح

20 سنة سجنا  لقاتل شرطية فرنسية في جلسات عن بعد بتقنية الفيديو

شهد مجلس قضاء المسيلة أول أمس، تسجيل أول محاكمة دولية باستعمال تقنية الفيديو عن بعد، بين مجلس قضاء المسيلة ومجلس قضاء «نانتير» بفرنسا، تتعلق بمعالجة قضية هجوم مسلح وقع بفرنسا سنة 2010 خلف ضحية، استمع الطرفان لأقوال الشهود وفق تقنية عالية الجودة وفرتها اتصالات الجزائر، والتي تهدف إلى تسريع الإجراءات القضائية، وهو ما يعتبر مكسبا هاما يعزز قطاع العدالة الذي عرف إصلاحات جذرية. «الشعب» عاشت وقائع المحاكمة الأولى في تاريخ العدالة الجزائرية منذ الاستقلال وتعرض أدق التفاصيل.
أطوار المحاكمة جرت بمجلس قضاء المسيلة ومجلس قضاء نانتير في وقت واحد بحضور المحامين لكلا الطرفين والشهود والقضاة وحضور الصحافة المكتوبة والقنوات التلفزيونية الوطنية.
 سلط مجلس قضاء المسيلة عقوبة 20 سنة حبسا في حق المدعو (ف. ف.س) المتابع من قبل القضاء الفرنسي بعدة تهم تتعلق بتكوين جمعية أشرار بغرض الإعداد لارتكاب جنايات القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، وإضرارا بموظف عمومي أجنبي أثناء تأدية مهامه.
ويتعلق الأمر بشرطية فرنسية، والسرقة باستعمال سلاح ناري ضد الأشخاص والأشياء المعدة لتأمين وسلامة وسائل النقل العمومية والخاصة، ومحاولة القتل العمدي، إضرارا بأشخاص آخرين، وكذا التخريب العمدي لملك الغير والأشياء عن طريق اللغم والمتفجرات وحيازة ونقل أسلحة وذخيرة من أصناف مختلفة.
 تعود حيثيات القضية التي نفى المتهم ما نسب إليه جملة وتفصيلا إلى سنة 2010 بفرنسا وخلفت وفاة شرطية في اعتداء مسلح على سيارة للشرطة مستعملين سلاحا حربيا من نوع كلاشينكوف، كما اتهم المعني بمهاجمة سيارة مصفحة لنقل الأموال واستولى رفقة مجموعته على سيارتين الأولى من نوع بيجو والثانية نوع مرسيدس تحت طائلة التهديد بالسلاح الناري.
وأثناء فحص العينات الجينية المأخوذة من حقيبة رياضية تم العثور عليها في مسرح الجريمة تبين أنها تنطبق على المتهم (ف.ف.س) والتي وجد بها سلاح حربي من نوع كلاشينكوف. الشاهد الوحيد في القضية، إيبنيام شارل، الذي قدم بإفادته عن القضية عبر الفيديو من مجلس قضاء نانتير بفرنسا، مؤكدا أنه رأى المتهم في مكان الحادث بعد عرض صورته عبر الفيديو مباشرة من مجلس قضاء المسيلة، وكان حاملا لسلاح ومرفوقا بمجموعة من المجرمين الذين أطلقوا وابلا من الرصاص على سيارة الشرطة مما أدى إلى إصابة شرطية بإصابات خطيرة أدت إلى وفاتها. ممثل الحق العام التمس تسليط أقصى العقوبة، خاصة وأن قرائن الإدانة ثابتة في حين التمس دفاع المتهم البراءة، في حين نطقت محكمة الجنايات بمجلس قضاء المسيلة بسجن المتهم لمدة عشرين سنة نافذة، مع الأمر بالحجر القانوني عليه وحرمانه من الشهادة أمام القضاء.
المحاكمة المرئية مكسب هام لصالح العدالة الجزائرية
ثمن الأساتذة والمحامون الذين التقت بهم «الشعب» عملية المحاكمة عن بعد، التي جرت بمجلس قضاء المسيلة ومحكمة نانتير الفرنسية، لما لها من أهمية كبيرة في عملية تسريع وتحقيق الإجراءات القضائية، التي تصب في صالح المواطن والتطور الذي تشهده العدالة الجزائرية من خلال هذه العملية والترسانة القانونية الحديثة.
في هذا الإطار، أشاد المحامي رشيد رداوي لنا أن عملية المحاكمة عن بعد التي تعد سابقة بالمسيلة لها أهميتها القصوى لأنها تفك لغز جريمة القتل التي راحت ضحيتها شرطية فرنسية، مؤكدا أن هذه العملية تأتي مواكبة للتعديلات التي جاء بها القانون ومواكبة للتطور التكنولوجي الذي تشهده مختلف دول العالم من استعمال للانترنيت.
واعتبر المحامي هذه الطريق التي استعملت لأول مرة في الجزائر بمثابة قفزة نوعية في قطاع العدالة الجزائرية في ظل الانتشار الواسع للجريمة العابرة للحدود والقارات، وأن المحاكمة عن بعد عبر الفيديو تساهم في تسريع الإجراء القضائية وتسهيل الاتصال.
وأشار رداوي إلى أنه تم سماع الشاهد في القضية عبر تقنية الفيديو من المحكمة الفرنسية دون التنقل إلى الجزائر وهو ما يوفر حسب الوقت والتكلفة والقضاء على بعد المسافة. وتعتبر ضرورية في بعض الحالات الصحية للمرضى الذين لا يمكنهم التنقل بحكم المرض أو الظروف الطبيعية.
كما أنها توفر تقليص التكاليف من خلال تسخير الضبطية القضائية وتسخير سيارتين مرافقين للمتهمين، مثمنا عملية المحاكمة عن بعد وكذا الإصلاحات التي تقوم بها جهاز العدالة من حيث الشكل العام من حيث المرافق والتعديلات والقوانين وشراء النصوص القانونية خاصة وأن المشرع الجزائري يواكب التطورات من خلال تعديلات 2008 التي تتعلق بتعديل الإجراءات المدنية والإدارية بأكثر من 1000 مادة قانونية.
ولعل من هذه التعديلات أن المشرع الجزائري يفكر حاليا في تعديل النصوص غير المسايرة لمواكبة التطورات الجديدة. وناشد المتحدث السلطات القضائية العمل بتسهيل إجراءات التقاضي، كان يتم إرسال العارضة إلى المحكمة عن طريق الانترنيت دون التنقل إلى المحكمة.
من جهته، أشاد المحامي عامر عبد الرزاق، في تصريح لنا بعملية المحاكمة عن بعد واعتبرها بمثابة قفزة نوعية في مجال تسريع الإجراءات القضائية وتسهيل المحاكمة وتقريب العدالة من المواطن، وهذا من خلال إعطاء بعد حضاري بالنسبة للمنظومة القانونية الجزائرية بالنسبة لدول أخرى، كما اعتبرها المتحدث مكسب من مكاسب العدالة الجزائرية وتطور ملحوظ في حسن سير العدالة الجزائرية وإعطاء بعد قانوني بعد استراتجي للنصوص القانونية وعلاقاتها الداخلية والخارجية ومختلف التشريعات القانونية.
وأضاف المتحدث أن العملية تعتبر تجربة رائدة وطريقة ناجحة جدا من خلال إعطاء صورة حسنة على نزاهة العدالة الجزائرية بالنسبة للمجتمع الدولي بالصرامة في تطبيق القانون وإعطاء الحق في الدفاع.
بدوره اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة، زغبة عبد المالك، أن العملية تدخل في إطار تطوير جهاز العدالة في الاتجاه الايجابي الذي يسمح بتسجيل جلسات مباشرة وممارسة الرقابة على أداء القضاء بمختلف أنواعه. واعتبر العملية سابقة تاريخية تؤشر إلى صحة الموجة الثالثة لألفين، بعد أن صارت الحياة مجرد لعبة الكترونية.
ونوه المتحدث أن مجلس قضاء المسيلة حقق قفزة نوعية في مجال استعمال التكنولوجيا الحديثة بواسطة الفيديو وتوفير الترجمة الفورية من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية. وأكد أن التكنولوجيا شهدت تطورا كبيرا من الناحية الإيجابية كممارسة التجارة الإلكترونية والعدالة الالكترونية، مشيرا إلى أنه سوف يأتي يوم ينتخب الشعب الجزائري رئيسه من خلال استعمال التكنولوجيا.
وفي ختام حديثه أكد أنه كان من الذين عالجوا في مذكرات تخرجهم حول موضوع تأثير التكنولوجيا على العلاقات الدولية والتي ناقش من خلالها العديد من الإجراءات التكنولوجية الدولية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025