محوز أستاذ العلوم السياسية بجامعة وهران:

مظاهـرات 17 أكتوبــر بدايـــة نهايــة الاستعمــــار الفرنـسي بالجزائــر

وهران: براهمية مسعودة

لم تكن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 التي هزت فرنسا من الداخل وليدة الصدفة، بل عملا ميدانيا منظما ومدروسا، كانت جبهة التحرير وراءه للتعريف بالقضية الجزائرية العادلة التي يكفلها آنذاك القانون الدولي، تحت بند حق الشعوب في تقرير مصيرها.
هذا ما أكّده محوز عمر، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة وهران منوّها بالدعم الكبير الذي قدمته هذه الأحداث على المستوى الدولي لعدالة القضية الجزائرية ومدى النضج السياسي للشعب الجزائري وحكمة المجندين والمناضلين في جبهة التحرير الوطني، خلال هذه الفترة بالذات لتزامنها مع استقلال المغرب وتونس.
كما أكد الأستاذ الأدوار المتعددة التي لعبتها هذه الأحداث بأبعادها السياسية، العسكرية والاقتصادية من أجل دعم الثورة التحريرية وإيصال صوتها إلى العالم، في مظاهرات سلمية، واجهتها السلطات الفرنسية بوحشية ودموية إلى درجة أنها اعتبرت جريمة ضد الإنسانية.
وبهذه المناسبة لازالت الحكومة الجزائرية تطالب مرارا وتكرارا بأرشفة هذه الأحداث التي وقعت بباريس، وسوف يثبت التاريخ أنها ساهمت في تعزيز الموقف الجزائري من أجل الإصرار على الوحدة الترابية وغيرها من الحقوق والمطالب التي رفعها عناصر الوفد الجزائري المشارك في مفاوضات ايفيان والصمود في وجه الابتزاز الفرنسي من أجل تقديم المزيد من التنازلات، وفي مقدمتها التنازل عن الصحراء الجزائرية.
تحدث الاستاذ عن معنى اليوم الوطني للهجرة ودلالته موضحا أن الظاهرة أخذت أبعادا اقتصادية وأبعادا اجتماعية وثقافية، ومن المفروض على صناع القرار الجزائري، أن يستغلوا هذه الفرصة من أجل تمرير رسائل لعموم الشباب الجزائريين بسلبيات وإيجابيات الهجرة التي يمكن للدولة استغلالها من اجل دعم الاقتصاد وتعزيز التماسك الاجتماعي والروح الوطنية، خصوصا في ظل الثروة التكنولوجية الهائلة وثورة المواصلات التي سمحت بتنقل الأفراد في ظروف استثنائية.
وبحسب الأستاذ محوز عمر، يمكن أن نعتمد على تعريف الهجرة بصفة عامة، بالاعتماد على منظمة الهجرة الدولية، التابعة لهيئة الأمم المتحدّة، باعتبارها انتقال شخص أو مجموعة من الأشخاص من موقع الدولة الأصل أو الدولة الأم إلى موقع بلد أخر هو بلد المقصد أو البلد المستقبل عبر حدود إدارية وحدود سياسية، بغية الاستقرار سواء بشكل مؤقت أو ربما بشكل دائم في بلد غير الموطن الأصلي.
أضاف وإذا أردنا الحديث عن عوامل بروز هذه الظاهرة فيمكن اعتماد العديد من المقاربات، ومنها المقاربة السياسية والمقاربة الاجتماعية والثقافية ناهيك عن المقاربة التي تنظر إلى هذه الظاهرة بعين اقتصادية، معتبرا هذه الأخيرة نظرية أساسية تبنى رؤيتها على نقطتين رئيستين، متعلقة بمجموعة عوامل ومتغيرات طاردة وجاذبة في نفس الوقت.
كما يرى الاستاذ محوز، أن العنصر الرئيسي الثاني، يحكمه سلوك الإنسان في حد ذاته وتعظيمه للمنفعة، بمعنى تحسين المستوى الاجتماعي في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية وكذا منظمية حرية التعبير والتحرر والتجمهر ومقاييس الممارسة الديمقراطية وغيرها من الأسباب التي تدفع المواطن إلى الانتقال من البلد الأم إلى البلد المستقل.
من هذا المنطلق، دعا نفس المتحدّث إلى ضرورة بلورة مقاربة  جديدة للتعامل مع ظاهرة الهجرة وتداعياتها السلبية، إضافة إلى الاستفادة من مهارات وقدرات هؤلاء المهاجرين  مثلها حصل في أحداث 17 أكتوبر1961 ، بعدما جنّدت جبهة التحرير الوطنية الجالية الجزائرية المتواجدة في فرنسا من أجل دعم القضية الجزائرية.
واستدل على كلامه بعدد من الإحصائيات والأرقام الخاصة بحركة الهجرة في الوطن العربي، الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة عام 2015 تحت عنوان “الهجرة والنزوح والتنمية في منطقة عربية متغيرة”، أبرزها أن الجزائر كدولة استقبال احتضنت إلى غاية سنة 2013 زهاء 270 ألف و407 مهاجرا، بنسبة 0.7 % من إجمالي عدد سكان الجزائريين، حوالي 45 % منهم نساء، وأغلبيتهم من الصحراء الغربية، بتعداد فاق 100 ألف مهاجر، بالنظر إلى الأوضاع السياسية السائدة في هذه المنطقة.
بناء على هذا الرقم، اعتبر نفس التقرير، أنّ الجزائر تأتي في المرتبة الثانية بعد ليبيا التي استقبلت خلال نفس المدّة ما مجموعة 755 ألف مهاجر، أما باعتبار الجزائر دولة باعثة للمهاجرين، قدرت نفس الإحصائيات، عدد المهاجرين الجزائريين بحوالي مليون و716 ألف و202 مهاجر، ما يمثل نسبة 4.5 من إجمالي السكان، 4807 منهم نساء والبلد المقصد الأول هي فرنسا بحوالي مليون و400 مهاجر، انطلاقا من اعتبارات تاريخية واقتصادية.
أما فيما يخص هجرة الطلبة من الجزائر، استعرض المصدر ذاته إحصائية نهاية سنة 2010، والتي قدّرت عدد الطلبة المهاجرين من الجزائر إلى الدول الغربية، وفي مقدمتها فرنسا بحوالي 22 ألف و456 طالب، وتأتي الجزائر في المرتبة الثانية مغاربيا بعد المغرب، الذي بلغ عدد الطلبة المهاجرين منه إلى غاية نفس السنة زهاء 42 ألف و800 طالب مهاجر.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025