أخبار الجريمة والعنف... بين المسؤولية الأخلاقية والمهنية

خبراء: تداعيات اجتماعية وأخلاقية خطرة تنتج عن مضامين الإعلام السلبي

جلال بوطي

بعد المكاسب الإعلامية التي حققها قطاع الاتصال في بلادنا، انتشر في الآونة الأخيرة تعاطي وسائط الإعلام لأخبار الجريمة والعنف بشكل واسع النطاق، حيث باتت تشغل حيزا هاما عبر العناوين الرئيسة للمواد الإعلامية الموجهة للقراء أو المستمعين أو المشاهدين، ما يفتح علامات استفهام حول هذا التوجه غير الأخلاقي من الناحية الإعلامية بدرجة أولى، في حين يحمل دلالات عميقة عن تحول أهداف الاتصال في وقتنا الراهن ببلادنا، وهو ما يراه مختصون في كل النواحي الاجتماعية والدينية والقانونية.

البروفيسور في علم الاجتماع كمال بوقرة:
تأثير أخبار العنف على المتلقين يؤدي إلى انتشار الجريمة

يرى البروفيسور كمال بوقرة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الحاج لخضر باتنة، أن الجوانب الاجتماعية لأخبار الجريمة عبر وسائط الاتصال تؤدي إلى انتشار الظاهرة بدل معالجتها، حيث صنفها إلى مستويين: الأول، يتعلق بالمتلقي. والثاني، يتعلق بالضحية الذي يتمحور حوله الخبر، حيث يوضح أن المتلقي الجزائري بات معرضا أكثر في وقتنا الحالي لمضامين العنف، جراء التهويل والإثارة عبر مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو المكتوبة.
تأثير أخبار العنف على المتلقين يؤدي إلى انتشار الظاهرة ولا يقلل منها، لاسيما وأن الكثير من البرامج المسجلة حاليا تنشر تفاصيل الجرائم بشكل تفصيلي يوحي وكأنها تقدم دروسا للمتلقين لإعادة السيناريو في حال الوقوع في مثل نفس الموقف.
في هذا الصدد، يؤكد البروفيسور بوقرة لـ “الشعب”، تنافي هذا الأسلوب تماما مع العمل الإنساني والمسؤولية الاجتماعية التي يجب أن يتحملها الصحافي قبل نشر الخبر.
صحيح أن تأثيرات نشر أخبار العنف على المتلقين خطرة، لكن المختص في علم الاجتماع يراها أخطر على نفسية الضحية، خاصة فيما يتعلق بحالات اختطاف الأطفال التي عرفت مستويات واسعة من الناحية الإعلامية، يقابلها غياب إحصاءات، بحسب المختص، من الناحية الأكاديمية، مشيرا إلى حدوث ظاهرة الجريمة سابقا، لكن غياب وسائل إعلام متعددة التوجه، قد يكون الحائل وراء عدم انتشارها في أوساط المجتمع الجزائري الذي يعيش اليوم الظاهرة ويتفاعل معها من خلال المتابعة لمضامين الصحف والفضائيات.
يوضح البروفيسور بوقرة أن وسائل الإعلام في بلادنا مطالبة بانتهاج أسلوب وقائي لدى تناولها أخبار العنف، بدل اللجوء إلى النشر دون النظر في تبعات ذلك من الناحية النفسية والاجتماعية، داعيا إلى التأكيد على تبني أسلوب الردع وإبراز النتائج والعواقب الوخيمة حتى لا يركز المتلقي على المتابعة فقط ولكن إظهار العواقب الوخيمة وهو ما لا نجده عبر الكثير من الوسائط الإعلامية.
معالجة أخبار الجريمة تثير الارتباط والخوف
من غير المسؤولية والأخلاقية أن ينشر الصحافي أخبار الجريمة دون التأكد من تداعياتها على المجتمع، حيث أكد البروفيسور بوقرة أن معالجة أخبار الجريمة تثير الارتباط والخوف أكثر من الناحية الاجتماعية، ما جعل مجتمعنا وكأنه وسط غابة استدعت الأولياء إلى بذل حرص كبير على الأولاد، وهذا يجعل من نشر أخبار العنف دورا سلبيا كبيرا على المجتمع، بدلا منه إيجابيا، بحسب ما يراه الإعلاميون.
ويضيف الخبير في علم الاجتماع، أن توجه بعض وسائل الإعلام بات ينحصر في الربح والبحث عن الإثارة دون مراعاة الجانب الإنساني أو الأخلاقي في تغطية الأخبار الاجتماعية، ما يثير مخاوف عن مستقبل الإعلام في بلادنا في ظل الانفتاح الإعلامي الذي قد يضر أكثر مما ينفع.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025