البيئة الاجتماعية تحدد شخصية الصحافي وذكاءه المهني
يشترك العاملون في الصحافة في أخلاقيات متعارف عليها في جميع أنحاء العالم، تضعها التنظيمات المهنية في كل مجتمع. غير أن هذا الموضوع بدا في السنوات الأخيرة كثير الطرح من طرف المسؤولين القائمين على القطاع الإعلامي بالجزائر وربما هذا راجع للفوضى التي تعرفها الممارسة الإعلامية ببلادنا، خاصة في ظل الانفتاح ما يجعل الصحافي في صدام يومي بين ما يجب وما لا يجب.
تضع الصحافة مهنييها في مواجهة دائمة مع مصادر أخلاقيات هذه المهنة، التي تتعدد بحسب السياسة الإعلامية ونوع المؤسسة التي ينتمي إليها وحتى ضغط القوى الخارجية، إلى جانب تأثير البيئة الاجتماعية التي يتواجد فيها، باعتبارها المكون الأساس لشخصيته ومدى تعاطيه وتقبله الحدود التي تفرضها هذه المصادر.
هذه النقطة كانت محل نقاش مع أستاذة علم الاجتماع بجامعة الجزائر2، ثريا تيجاني، التي أكدت أن للتنشئة الاجتماعية والضمير المهني دور كبير في رسم حدود وملامح الممارسة الإعلامية لأي صحافي.
في هذا الإطار، أكدت تيجاني في حديثها لـ “الشعب”، أن التنشئة والبيئة الاجتماعية للصحافي تحددان شخصيته، ميولاته وحتى ذكاءه المهني ورسم مسار واضح يشتمل على بعض المبادئ والفضائل، ما يجعل منه محل ثقة الآخرين من النزاهة وحسن المعاملة وينعكس ذلك على مدى نجاحه في ربط علاقات جيدة مع الناس، لأن المهنة ليست سهلة والمجتمع صعب ومن ثم لابد أن يتعامل الصحافي مع الحاجيات المجتمعية وإشباعها بطريقة مهنية وحذرة، تستند إلى المعرفة العلمية اللازمة لاتخاذ القرارات المهنية المناسبة تجاه الموضوعات التي يكون بصدد معالجتها.
وركزت تيجاني على الأخذ بعين الحسبان، خصوصية المجتمع واتباع آليات الاتصال المناسبة في الممارسة الإعلامية لترك انطباع جيد لدى الآخر، لاسيما الثقة التي تمثل أهم لبنة يجب أن يتكون منها النسق المجتمعي، إلى جانب الابتعاد عن التجريح والقذف والتشهير والمحافظة على حقوق الآخرين والتعدي على حرياتهم وكشف أسرارهم وتحرّي كتابة القصة الخبرية بإنصاف وحيادية تامة.
من جهة أخرى، قالت أستاذة علم الاجتماع إن تمسك الصحافي بشعارات ومبادئ مهنته أمر مهم جدا، كالتحلي بروح المسؤولية، حرية الإعلام والصحافة، الاستقلالية، المصداقية، الصدق والدقة لكسب ثقة الناس، وعدم الانحياز لأي طرف بالتحلي بالموضوعية، والحياد عنها سيدخله في نفق آخر من الانحراف والابتزاز وأحيانا إلى السجن، كما كان عليه الأمر سابقا.
وبحسب تيجاني، فإن هذه المبادئ يمكن أن تشكل لنا ما يسمى بـ “الضمير المهني” الذي يقودنا إلى أخلاقيات المهنة، فهو السلطة الرقابية الأولى على عمل الصحافي قبل أي وثيقة أو هيئة، خاصة وأنه من المعروف أن الممارسة الصحفية تتأثر بضغوطات كثيرة تنعكس على القوة الإقناعية للرسالة التي تتمثل بمصداقية المصدر أو الثقة فيه ونيته وقدرته على تغيير اتجاهات الجمهور أو الرأي العام تجاه قضايا مختلفة التوجهات والأبعاد.