تراجع الواقع الإعلامي في ظل المتاعب اليومية التي يواجهها المراسلون المحليون للصحف الوطنية بولاية الشلف بسبب صعوبة الوصول إلى مصدر الخبر وتسويق المعلومة، خاصة على المستوى التنموي، الأمر الذي يجعل مصدر الخبر ذي مصداقية معلق إلى حين.
الواقع الذي استقيناه من أفواه الإعلاميين صعبا حسب أقوالهم، حيث تميّزت السنتين الآخيرتين بإلانغلاق وندرة في سيولة المعلومة رغم التعليمات في كثير من المناسبات، وهو الواقع الذي انعكس سلبا رغم كثرة الأقلام الإعلامية على تفاوتها من حيث الدرجة والقوة والنوعية للكتابات التي تحتاج إلى صقل وتمرس كبيرين، وهو ما أكّده لنا القراء على اختلاف مشاربهم وأصنافهم.
التراجع أرجعه هؤلاء جاء بعد فتور العلاقات بين بعض المسؤولين الإداريين، وغياب الملفات التي تمنح من طرف المدراء والمجلس الشعبي الولائي خلال دوراته والملفات التي كانت تناقش على مستوى أروقته، والتي تمر في كثير من الأحيان دون علم الإعلاميين، أما المواطن فحدّث ولا حرج. هذا الإنغلاق أحدث فجوة كبيرة في التواصل بين الإعلاميين والمسؤولين المحليين، الذين غضب الطرف على قضية إحداث خلايا إعلامية على مستوى مديرياتهم وهيئاتهم بإستثناء المصالح الأمنية التي تطل من حين إلى آخر على ممثلي الصحف الوطنية بتقريرها.
الكثير من الورشات التنموية والقطاعية تجسد هنا وهناك بعيدة عن عيون الإعلاميين، فلا الإدارة اتصلت والصحفي كلف نفسه انطلاقا من مهمته واحترافيته الاطلاع على هذا المشروع أو ذاك إلا القليل منهم، كما سجّلت بعض المضايقات لزملاء المهنة الذين يمتلكون ناصية الكلمة والتغطية الموضوعية والمحترفة ضمن أخلاقية المهنة التي أقرّها قانون الاعلام وركّزت عليها الوزارة مرارا.
هذه الوضعية تجعل الواقع التنموي بعيد عن التغطية وبعيدا أيضا عن عيون السكان الذين هم أولى بمعرفة ما يبرمج لهم من مشاريع تنموية لتحسين واقعهم المعيشي، وهو ما يجعل الواقع الإعلامي منغلقا. هذه الظروف والوضعية لا يمكن مقارنتها بالسنوات المنصرمة رغم أن تلك الفترة عرفت بواقع أمني خطير كان فيه هؤلاء مستهدفين، غير أن إرادة الحق والإيمان بالمهنة والواجب وحق المواطن في الإعلام كان هو العنوان الذين حرّك الأقلام على قلتها في تلك الفترة العصيبة من نضال القطاع.
ومن جانب آخر، آن الأوان على مسؤولي العناوين الصحفية التفكير في تصفية وغربلة من ينتدبون لتمثيل عناوينهم بالولاية، حيث أنّ البعض من المنتسبين لهذه العناوين لا يحملون أي مستوى يذكر، عاجزين على كتابة صحيحة أو تقديم سؤال وجيه ومضبوط التركيب، لكن بالمقابل تمنح له وثيقة التكليف بمهمة أو بطاقة من طرف جريدته. الغيرة على سمعة هذه الوسيلة الإعلامية تدفعنا إلى تنقية الحقل الإعلام من الطفيليين، لأنّ بعض الإداريين عمّموا الصورة ولو بدرجة متفاوتة، لذا فالوصول إلى مصدر الخبر كان من عوامله هذا الإنطباع الذي يعاني منه الإعلاميون.
ومن جهة أخرى، فإنّ بعض الجرائد والتي تعمل بإحترافية من حيث التحقيقات والروبورتاجات والملفات حول الواقع التنموي والظواهر والتحولات الإقتصادية والإجتماعية، لا تصل إلى مكتب الوالي والمدراء القطاعيين إلا في حالات النادرة كما هو الحال لـ «الشعب» التي تتحرّى الإحترافية ونقل المعلومة بكل مصداقية وموضوعية دون تهويل أو إطناب، فعودتها إلى النجاعة الإعلامية ومصداقية الخبر لم تحرك البعض من هؤلاء لتدارك هذه الوسيلة الإعلامية التي صارت أفضل بكثير من العناوين حسب تصريحات القرّاء وزبائنها.