في هذا اليوم الوطني للصحافة نتذكّر كل من رفعوا الكلمة كسلاح فتّاك وصرخة مدوية في وجه استعمار استيطاني وحشي لم تشهده تاريخ البشرية نظرا لما اقترفه من جرائم ضد الانسانية وأعمال إبادة جماعية، ناهيك عن الاعدامات والتّصفيات والمحتشدات والخطوط المكهربة.
هؤلاء، مجاهدو القلم لم ييأسوا أبدا وقرّروا أن يكونوا إلى جانب إخوانهم في الميدان، وهذا بالسّعي إلى إصدار نشرية «المقاومة» التي كانت لسان حال الثّورة التّحريرية المباركة تنقل كل العمليات والهجومات على عساكر الاحتلال مكبّدة إيّاهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
هذه الشّحنة الثّورية في أعلى مراحلها هي التّضحية من أجل الوطن، استطاعت «المقاومة» أن تترسّخ في أعماق إيمان الوطنيّين الأحرار من خلال المقالات المنشورة التي تصدّت لكل الدعاية الاستعمارية الهدّامة، وأثّرت تأثيرا قويا في نفسية ومعنويات قادة الجيش الفرنسي من خلال الكشف عن انهيار عساكر هم أمام ضربات المجاهدين الجزائريّين.
نشرية «المقاومة» تحوّلت فيما بعد إلى «المجاهد» إلى غاية الاستقلال لتظهر إلى جانبها جريدة «الشعب»، هكذا بدأت مسيرة بناء الوطن، لتؤسّس معها ما يعرف بالصحف الجهوية «الجمهورية والنصر».
هذا اليوم له دلالات عميقة في التاريخ النّاصع والبطولي للشّعب الجزائري، ولابد من هذه العودة إلى قيم الثّورة المباركة التي اندلعت من أجل استرجاع الأرض وحماية العرض وتحرير الانسان.
وهكذا خرج الجزائريّون من ثورة حاملين في قناعاتهم ووجدانهم روح تشييد بلدهم بكل ما يملكون من إرادة وامكانيات، ويخلّصونها من كل مخلّفات الاستعمار.
وكان للإعلام الجزائري دورا بارزا في الاضطلاع بهذه المهمّة وإحداث الوثبة في هذا المجال، وهذا من خلال مرافقة كل الخيارات المتبنّاة، وتنوير الرأي العام الوطني بكل المستجدات على كافة الأصعدة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية.
وفي خضم هذه الحركية لابد وأن نستحضر ما ينجزه المراسلون الصحافيون بداخل الولايات شرقا، وسطا غربا، وجنوبا من أعمال ميدانية تخص تطبيق البرامج التّنموية بكل أبعادها، وهذا لجعل القارئ يطلع على ما يجري في ربوع الوطن من إنجاز للمشاريع الحيوية.
فكيف يعمل هذا المراسل؟ وهل بإمكانه الوصول إلى مصادر الخبر بالسّهولة المرجوة؟ سنحاول في هذا الملف معرفة أو بالأحرى الاجابة عن هذا الانشغال الذي ما فتئ يثار في كل مرة نظرا لحساسيته، ولا يشعر به إلاّ من ينشط في الميدان.
والعمل الصحفي للمراسل ليس هيّنا، وقد يخطئ من يظن ذلك لأنّ الكثير يعتقد بأنه قابع في البيت يحرّر مراسلته أو في مكان ما ينقر على حاسوبه دون أن ينتقل إلى مكان الحادث ثم يرسل ذلك إلى أكثر من عنوان من أجل تضخيم مدخوله الشّهري، وإن اكتفى بصحيفة واحدة فهذا يعني بأنه مرّسم ودائم، وهذه حالات نادرة الكل يعمل بصيغة «التّعاقد» لأنّ الكثير من هؤلاء لهم وظائفهم الأصلية، وهذا من حقّهم.
وليس من السّهولة بمكان اعتبار ما يقومون به في متناول الجميع، وإنما هناك خصوصيات فريدة ونادرة، منها حب هذه المهنة والصّبر على كل تداعياتها وما تسبّب له من متاعب، إلى درجة التفكير في مغادرة هذا المنصب نظرا لكثرة المضايقات وغياب الالتزامات، لذلك فإنّ العلاقة التي ينسجها هذا الشخص مع محيطه يجب أن تكون قاعدتها مهنية بحتة من قبل كل الأطراف كذلك، وهذه المعادلة صعبة التّحقيق.