يتوقع خبراء النفط ومن بينهم شكيب خليل وزير الطاقة السبق والمستشار بوكالة «بلومبرغ» الأمريكية تحسن أسعار النفط واستقرارها بين 55 و60 دولارا للبرميل مستقبلا خاصة بعد نجاح «قمة أوبك» في تجسيد اتفاق الجزائر وخفض الإنتاج ب 1.2 مليون برميل في انتظار تخفيضات أخرى من الدول الناشطة خارج منظمة الدول المصدر للنفط.
ومن المنتظر أن تتجاوب روسيا وأوزبكستان وسلطنة عمان والمكسيك مع دعوات المنظمة في الاجتماع المرتقب الأسبوع القادم بالدوحة إيجابيا من أجل مكاسب جديدة قد تضبط سوق النفط وتنقذها من الغرق في ظل تدني الأسعار التي انخفضت بأكثر من 300 في المائة في ظرف سنتين وهو ما أثر على الكثير من الاقتصاديات النفطية على غرار دول الخليج والجزائر وبعض دول أمريكا الوسطى والجنوبية على غرار فنزويلا والمكسيك.
ويبقى تحقيق ارتفاع الأسعار ب 10 بالمائة في أعقاب اختتام قمة أويك بفيينا حافزا معنويا لدول المنظمة على ضرورة تنظيم نفسها أكثر والالتزام بالاتفاق الذي ستسهر الجزائر وفنزويلا والكويت على متابعته بدءا من الفاتح جانفي.
ويعكس وضع الدول المصدرة للنفط تعقد وضعي الاستثمارات في مجال المحروقات وسيطرة العديد من الشركات المتعددة الجنسيات على إنتاج الذهب الأسود فالولايات المتحدة الأمريكية والصين وبريطانيا وروسيا تسيطر على أكثر من 70 بالمائة من إنتاج النفط في العالم وهو ما يجب أن يعلمه الجميع لأن إنتاج «أوبك» لا يمثل سوى 30 بالمائة من الطلب العالمي.
وتجاوزت السعودية خلافاتها مع إيران في سياق الصالح العام وهو عربون حسن نية من المملكة التي وعدت بالتعاطي إيجابيا مع اتفاق الجزائر، كما يمكن أن تعلب دورا إيجابيا مع روسيا بعد الاتفاق التاريخي فيما بينهم شهر سبتمبر الماضي لترقية التعاون في مجال الطاقة.
ومنحت روسيا وعودا بتخفيض إنتاجها ولو بصفة رمزية حيث يمكن أن تصل التنازلات إلى 300 ألف برميل يوميا.
وتشير كل التوقعات إلى عودة الانتعاش لأسعار النفط خاصة مع صعود ترامب للبيت البيض وشروعه في حرب اقتصادية ضد الجميع مع منح الأولوية للسياسة الحمائية لاقتصاد واشنطن على حساب التزامات سابقة، وعودة الحديث عن تجديد العقوبات ضد ايران والضغوطات الإسرائيلية لإلغاء الاتفاق النووي لعودة الضغط على طهران قد تجعل السوق النفطية مفتوحة على الاحتمالات فالتوترات والحروب المتسارعة قد تهدد منابع النفط وقد ترفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
التنازلات ضرورية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي
فرضت العديد من التحولات الاجتماعية والاقتصادية اتفاق فيينا فشعوب الدول المنتجة للنفط من فنزويلا إلى الرياض باتت تحت ضغط الضرائب المرتفعة وتدني القدرة الشرائية والعيش تحت إجراءات تقشف،وبين المطالبة بإيجاد حلول بديلة خارج الاقتصاد الريعي وجهت الشعوب رسالة مشفرة للحكام بضرورة الحفاظ على المصالح العليا وعدم الانصياع وراء الايديولوجيات الخاطئة وإذكاء نار الفتنة الطائفية التي تقدم مشاهدا مروعة بحلب واليمن من صنع العرب والمسلمين فيما بينهم، ويتساءل الجميع عن قيمة الصفقات الخاصة بالسلاح التي يتم رميها يوميا في ساحات المعارك بالموصل وحلب والرقة والحسكة وتعز وصنعاء وغيرها من المناطق العربية والمسلمة التي تحترق تحت أنظار الجميع.
لقد ارتفع عجز الميزانيات في مختلف الدول العربية وساد التضخم واتسعت دائرة الفقر في صورة تؤكد على صعوبة المستقبل في ظل هذه التحولات التي لن تكون بردا وسلاما على العرب والمسلمين والدول النفطية بصفة عامة.